شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

فبراير شهر الزلازل.. مشاهير مغاربة ماتوا تحت الأنقاض وآخرون نجوا بأعجوبة

إلى حدود كتابة هذا الملف، ما زال البحث جاريا عن ناجين تحت الأنقاض في الزلزال المرعب الذي ضرب دولتي تركيا وسوريا، التي أصبح الوضع في المنطقة المجاورة منها لتركيا كارثيا. بل إن وكالة الأنباء التركية الرسمية تحدثت عن احتمال وجود أزيد من مائتي مواطن سوري ينتظرون من ينتشلهم من تحت الأنقاض.

مقالات ذات صلة

وقد سجلت أزيد من خمسين هزة ارتدادية في تركيا، عقب الزلزال الأخير، وفي سوريا لا توجد أرقام واضحة بهذا الشأن، والسبب خراب مراكز الأرصاد بسبب الحرب خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعني أن الهزة قد تكون أعنف في سوريا لكنها لم ترصد علميا. أما الجرحى والمعطوبون فقد أصبح منظرهم مألوفا لدى الأطر الطبية السورية التي تعيش في أقسام المستعجلات منذ أزيد من عشر سنوات، على وقع مناظر أفظع من إصابات ضحايا الزلزال.

في هذا الشهر، تتواصل نكبات الزلازل، إذ سجلت محطات الشبكة القومية للزلازل، يوم الثلاثاء الماضي، هزة أرضية بقوة 4.2 درجة على مقياس ريشتر على الحدود السورية اللبنانية وتبعد 389 كلم من مدينه رفح، في الوقت الذي كان فيه الجميع مهتما بحصيلة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا.

هل هي مصادفة أن يقترن شهر فبراير بالكوارث الطبيعية ويحجز لنفسه مكانا في أجندة الزلازل؟ لذا شبهه أحد الأطباء بشهر تنشيط الدورة الارتدادية وتحريك الهزات النائمة، وقال إنه أشبه بـ «سياتيك» ينشط بين شهري يناير وفبراير.

في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار»، نتوقف عند أشهر الزلازل التي ضربت المملكة، وما ترتب عنها من مفقودين وناجين من بين المشاهير.

 

حسن البصري

+++++++

 

فبراير الارتدادات.. شهر الزلازل

في تاريخ النكبات زلازل ضربت المعمور قبل أن يبتكر الإنسان سلم «ريشتر»، وهناك كوارث طبيعية اختارت شهر فبراير زمنا للنكبة. يضيق المجال للحديث عن أشهر الهزات الأرضية التي مسحت مدنا وقرى ومداشر، وأنهت حياة السكان دون سابق إشعار.

يسجل شهر فبراير حضوره في لائحة الكوارث الطبيعية، على المستوى العالمي والوطني، فقد ضرب زلزال، بلغت قوته حوالي 5.3 درجة على سلم «ريشتر»، مدينة المرج الليبية مساء الخميس 21 فبراير 1963، اعتبر من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا في تاريخها المعاصر.

وفي الثالث من فبراير 1965 وقع زلزال عنيف بجزر «رات» بآلاسكا، بلغت قوته 8.7 درجة، مخلفا وراءه دموعا وآهات. وفي نفس الشهر من سنة 1973 حولت هزة أرضية مدينة صينية تدعى سيتشوان إلى منطقة منكوبة بعد أن فاق عدد المفقودين 3000 قتيل. وزار الزلزال المرعب الصين مرة أخرى شهر فبراير من سنة 1996، حين ضرب بعنف مدينة ينان مخلفا أزيد من 17 ألف ضحية.

وفي 27 فبراير 2010، تسبب زلزال بقوة 8.8 درجات في تشيلي في مقتل أكثر من 500 شخص، ودمر مئات الآلاف من المنازل والطرق السريعة والجسور، لكن خطورة هذا الزلزال أنه جاء مرفوقا بتسونامي مسح ما نسيه الزلزال. وشهدت إيران سلسلة من الهزات الأرضية في شهر فبراير لكن في سنوات مختلفة، مخلفة العديد من الضحايا في أكثر من بلدة.

على المستوى الوطني شهدت مدينة تطوان في نهاية يناير وبداية فبراير 1909، زلزالا دمر القرى بضواحي المدينة وخلف 100 ضحية بين قتيل وجريح، فيما تضاعف عدد القتلى حين عثر على الكثير منهم في سفوح الجبال.

لكن الزلزال الأكثر شراسة هو الذي ضرب المغرب ليلة 29 فبراير 1960، ففي أقل من 15 ثانية تحولت مدينة أكادير إلى شبه مقبرة جماعية، بعدما بلغ عدد الضحايا 12 ألف قتيل. وقبل الزلزال المدمر الذي هز المدينة، عرفت حاضرة سوس هزات استباقية كانت بمثابة إنذار طبيعي لما سيحدث. صنف علماء الزلازل، فاجعة أكادير ضمن أعنف الهزات التي ضربت العالم خلال القرن العشرين، وشبهتها بزلزال تركيا والأصنام بالجزائر.

كان حي تالبورجت يشكل رحى المال والأعمال، حيث كان مركزا لإيواء كثير من الجاليات كما عرف برواجه التجاري، قبل أن يضربه الزلزال ويدفن تحت أنقاض الحي عددا كبيرا من أبناء هذا التجمع السكني، على غرار أحياء أخرى عاشت النكبة كإحشاش وفونتي والقصبة، مئات الجثث رحلت إلى دار البقاء ومعها أسرار الفاجعة، وككل كارثة طبيعية هناك ضحايا ومنتفعون، مفقودون داستهم الجرافات التي سوت الحي المنكوب، حيث لازال إلى يومنا هذا قتلى تحت ركام التراب بعد أن تعذر انتشالهم.

ويعد زلزال الحسيمة أحد أعنف الزلازل التي ضربت شمال المغرب يوم 24 فبراير 2004. وقد خلف هذا الزلزال خسائر بشرية ومادية وعمرانية كبيرة، علما أن المناطق المجاورة للمدينة هي الأخرى تضررت من هذا الزلزال، خاصة أيت قمرا، إمزورن، أيت هاشم، حيث بلغ مقياس الهزات الارتدادية 6.5 على سلم «ريشتر» وأسفر عن وفاة حوالي 800 قتيل ومئات من الجرحى.

لكن بعد مرور 11 سنة على هذه الفاجعة، زار الزلزال المنطقة في نفس الشهر، كما ظل يتردد على إقليم الدرويش بشكل مسترسل، حتى صنف في خانة المناطق النشطة للزلازل.

ضرب الزلزال تركيا فبحث المغرب عن محترفيه

تنفس المغاربة الصعداء حين علموا بنجاة اللاعب الدولي المغربي أيوب الكعبي، مهاجم نادي هاتاي سبور التركي، من الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة هاتاي، فجر يوم الاثنين الماضي، في الوقت الذي كان فيه الغانيون يدعون لكريستان أتسو بالخلاص، قبل أن تأتي أخبار من تحت الأنقاض تؤكد وجوده بين الحياة والموت.

وأعلن فريق هاتاي سبور عن صعوبة وضع اللاعب الغاني كريستيان أتسو، كما يعد المدير الرياضي للفريق، تانر سافوت، من بين المفقودين، بالإضافة إلى مترجم النادي وعضو آخر من الطاقم التقني، فيما تم إنقاذ بوراك أسكوز، لاعب الفريق من تحت الأنقاض، وباتت حالته مستقرة.

في الوقت الذي كان الموت مصير اللاعب الدولي السوري السابق نادر جوخدار، إثر انهيار البيت الذي يسكنه في مدينة جبلة الساحلية، نتيجة الزلزال القوي الذي ضرب البلاد، حسب ما أعلن الاتحاد السوري لكرة القدم، ومن أجل أرواح الموتى علقت الأنشطة الرياضية في البلدين.

وكشفت مصادر مقربة من الكعبي، الذي لم يرد على المكالمات الواردة عليه صباح الاثنين، أن اللاعب نجا من الزلزال بفضل العناية الربانية، إذ غادر الشقة التي يقيم فيها برفقة زوجته وابنتيه، وامتطى سيارته وانطلق مسرعا في اتجاه ضاحية مدينة هاتاي، التي دمرها الزلزال.

ونشر الكعبي رسالة نصية على صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار لاعب بيشكتاس التركي، عميد أسود الأطلس غانم سايس، الذي يقيم بمدينة إسطنبول التي لم تسجل فيها هزة أرضية.

من جهة أخرى، كشف أيوب سالم، رئيس مؤسسة المغرب التي تعنى بالجالية المغربية المقيمة بتركيا، وضعية الدولي المغربي يونس بلهندة، المحترف بالدوري التركي لكرة القدم. وأوضح سالم، في تصريح صحافي أنه تواصل مع اللاعب المغربي بلهندة، للاطمئنان على وضعيته الصحية، بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة الجنوبية من تركيا، وقال إنه بخير، مبرزا أن إدارة نادي أدانا ديمير سبور، منعته من التواصل مع أي جهة رسمية لذلك لم يدل بأي معطيات لحدود الآن.

ورغم البرد القارس وتساقط الثلوج الكثيف، تطوعت جماهير الفرق الرياضية وانضمت لعمليات الإنقاذ أملا في انتشال عدد كبير من الضحايا من تحت الأنقاض52، وتحولت مقرات الأندية إلى ملاجئ لإيواء آلاف المنكوبين الذي أصبحوا بدون مأوى، لاسيما أمام النشاط الاعتيادي للزلزال حيث تم تسجيل زلزال جديد في اليوم الموالي بقوة 4.4 درجات على مقياس «ريشتر»، قبالة ساحل ولاية هطاي جنوبي تركيا، دون تسجيل إصابات جديدة، وبعد 12 ساعة من هذه الهزة العنيفة الأولى، ضرب زلزال آخر شمالي مدينة غازي عنتاب بنفس الشدة تقريبا، وعلى مقربة من مركز الزلزال الأول، مما فاقم حصيلة الفاجعة، وفي سوريا المجاورة، التي عانت هي الأخرى من تداعيات الزلزال المروع، لاسيما في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وحماة وطرطوس، ارتفع عدد الضحايا إلى 1604 قتيلا وضعف هذا العدد من المصابين.

عندما نجا اللاعب أبرامي من زلزال أنقرة

كان عمر اللاعب الدولي المغربي لحسن أبرامي 28 سنة، حين خاض تجربة احترافية في تركيا، قال عنها في لقاء حوار يمع «تيلي ماروك»: «كنت أقترب تدريجيا من حائط الاعتزال، العرض الذي تلقيته من فريق بيرليغي بأنقرة تعاملت معه بمنظور مادي، كنت أريد أن أخوض تجربة جديدة باستفادة مالية كبيرة، على الأقل مقارنة بما كنت أكسبه في المغرب». لكن خلال فترة تواجده في أنقرة صادف الهزة الأرضية التي ضربت ولاية قوجالي شمال غرب تركيا في 17 غشت 1999. بلغت شدته 7.4 درجة، واستمر لمدة 45 ثانية ليسجل كأطول مدة زمنية لزلزال بتاريخ البلاد. وامتد تأثيره إلى العاصمة أنقرة، وإزمير.

يروي لحسن تفاصيل هذا الزلزال: «كنت في مسكني بمدينة أنقرة، ما أن استسلمت للنوم بعد عناء يوم شاق حتى سمعت طرقات قوية في باب شقتي، كنت حديث العهد بتركيا ولا أتقن اللغة التركية، لكن جاري السوري الجنسية، وهو من مواليد تركيا، كان يصرخ ويردد كلمة «زلزلة» عشرات المرات، استيقظت على إيقاع الرعب، حينها علمت أن هزة أرضية ضربت المدينة، وشرع الناس في النزول للشارع واختارت العائلات قضاء الليلة في الحدائق العامة وأمام المنازل تحسبا للمزيد من الزلازل. وعلى امتداد تلك الليلة سمعنا منبهات سيارات الإسعاف.. كانت ليلة لن أنساها ما حييت».

يضيف أبرامي أن الزلزال ليس أقسى نكبات حياته، فالزلزال الحقيقي الذي ضربه خلال مشواره الكروي، هو حرمانه من المشاركة في مونديال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994، ولذلك ظل يرى في بليندة المدرب الذي أساء له كثيرا في حين يعتبر هنري ميشيل المدرب الذي رد له اعتباره و سمح له بالمشاركة في نهائيات كأس العالم فرنسا 1998. لم يكن فريق الوداد محطته الكروية الوحيدة، إذ سبق واحترف بفريق غينشر بيرليغي التركي وعايش كارثة الزلزال الذي ضرب أنقرة دون أن يفكر في العودة وهو في بداية مشواره الاحترافي.

الحسن الثاني يرسل مساعدات إلى ليبيا غداة زلزال المرج

ضرب زلزال، بلغت قوته حوالي 5.3 درجة على سلم «ريشتر»، مدينة المرج الليبية مساء الخميس 21 فبراير 1963، اعتبر من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها ليبيا في تاريخها المعاصر.

كان مركز الزلزال «قرية سيدي دخيل» بالقرب من الجبل الأخضر، وخلف وفاة 243 شخصا وجرح المئات. كما أسفر عن أضرار مادية جسيمة في المباني والممتلكات تسببت في تدمير المدينة، والتي أصبحت الآن أطلالا بعد أن هجرها سكانها عقب الزلزال إلى مدينة المرج الجديد الحالية.

ولأن المغرب كان يرمم جراح زلزال أكادير، فإن الملك الحسن الثاني استدعى، فور علمه بخبر الفاجعة، كبار ضباط القوات الجوية التي كانت في طور النشأة، وطالب بوضع طائرات النقل الحربية رهن إشارة الحكومة في عملية المساعدة الإنسانية.

ربط الحسن الثاني الاتصال بملك ليبيا إدريس السنوسي، وقدم له باسم الشعب المغربي عبارات المواساة، ووعد بدعم عيني للضحايا من خلال جسر جوي بين سلا وبنغازي.

يروي الكولونيل الطيار عبد السلام بوزيان ما حصل تلك الليل الممطرة: «تلقيت مكالمة من القيادة العليا للجيش، والتحقت صباحا بالقاعدة الجوية «الرباط/سلا»، أشعرت بتعييني من طرف الحسن الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية لقيادة الطائرة التي تحمل مساعدات المغرب لضحايا الزلزال، كما عين لنفس المهمة كل من البويري والحبشي ولمزوري وعريب، وتقرر حمل المؤنة عبر 12 طائرة عسكرية لكل واحدة منها مسار محدد، لكن تجميع المؤونة وإعداد الطائرات والتحضير التقني لرحلة جماعية تطلب ثلاثة أيام».

كان عبد السلام رئيسا للمكتب السادس، حيث عقد إلى جانب باقي أطقم الطائرات اجتماعا تابع تفاصيله الملك الحسن الثاني، حيث تقرر السفر يوم 26 فبراير مع التوقف في مطارين بالجزائر وتونس قصد التزود بالوقود. على أن يكون الفاصل الزمني لإقلاع السرب هو عشر دقائق، أما زمن الرحلة فحدد في ست ساعات و15 دقيقة.

حل سرب الطائرات المغربية بالمطار العسكري لبنغازي، وعلى الفور تم إبلاغ الحسن الثاني بتفاصيل الرحلة من طرف الكولونيل بوزيان. بعد إفراغ الشحنة طلب من المسؤول عن السرب العودة إلى المغرب، في يوم 28 فبراير كانت الطائرات تحلق في الأجواء الجزائرية في عز الاحتقان السياسي بين البلدين.

لكن المساعدة المغربية تجاوزت حدود الأدوية والمواد الغذائية، إلى جوانب تقنية على خلفية التجربة التي راكمها المغرب من مضاعفات زلزال أكادير، وبناء عليه قررت الحكومة الليبية بناء مدينة جديدة على بعد خمس كيلومترات من المدينة القديمة، واكتمل بناء المرج الجديد عام 1970. أي بعد الانقلاب على ملك ليبيا فدشنها معمر القذافي.

لاعبو ومسيرو ومناصرو حسنية أكادير تحت الأنقاض

قبل يوم الزلزال المرعب الذي ضرب أكادير، وتحديدا في 28 فبراير خاض فريق حسنية أكادير مباراة ضد الفتح الرباطي على أرضية ملعب سوس المتاخم لشاطئ البحر، انتهت بفوز الحسنية بأربعة أهداف مقابل هدف واحد، وفي رحلة عودة الفريق الرباطي إلى العاصمة رافقه أحد لاعبي الحسنية على متن الحافلة فكان من الناجين.

يحكي أحد محبي فريق الحسنية موقفا طريفا حصل له ولكثير من لاعبي الفريق السوسي يوم الزلزال، فقد قرروا التوجه إلى سينما السلام، وتابعوا فيلم الرعب «كودزيلا» وعاشوا دقائق داخل قاعة العرض حبست الأنفاس، فقد كان هذا الحيوان الأسطوري يطارد الآدمين ويطيح بالبنايات، وحين لفظت القاعة ما في جوفها ليلا، ضرب الزلزال المدينة فاعتقدوا أن للفيلم بقية وأن «كودزيلا» انفلتت من عقالها وخرجت من سينما السلام لتدمر المدينة.

قضى عدد من لاعبي الحسنية نحبهم فضلا عن مسيرين كانوا يبحثون، في اجتماع بأحد مقاهي تالبورجت، عن حلول لرحلة طويلة إلى وجدة لملاقاة المولودية، لكن المباراة لازالت مؤجلة إلى يومنا هذا، فقد أصبح الفريق في عداد المنكوبين.

بقرار من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، منح للحسنية لقب البطولة الفخري، وأعفي الفريق من إجراء باقي المباريات دون أن ينزل إلى القسم الثاني، كما تقرر إطلاق اسم رئيسه الحسين بيجوان، الذي مات وهو يمسك قلما وورقة، على ملعب سوس، وحين نسي الناس الواقعة مسح المجلس البلدي الذاكرة وحول الملعب إلى موقف للسيارات.

كان المرحوم الحسين بيجوان يعقد اجتماعا بمقهى «الأندلسية « في تالبورجت، وحين هوت فوق رؤوس زبنائها مات جزء من رصيد الحسنية، كاللاعب امبارك أمين، ومبارك البدري، المدير التقني للفريق. وفي فندق باريس مات لاعب إسباني كان يمارس ضمن الحسنية يدعى أنطونيو كاريتشو، كما مات تحت الأنقاض حارس المرمى مبارك لاكين، والكاتب العام حسن الطالب، فضلا عن مئات المشجعين.

أعدم ملعب سوس، وظل مطلب نقش أسماء شهداء الحسنية في مدخل ملعب الانبعاث معلقا، وحين اقترح أحد نشطاء الذاكرة إطلاق اسم «ملعب 29 فبراير» على المركب الرياضي بأكادير اتهم بتحريك المواجع وربط الكرة بالزلزال.

لم يختر الزلزال لاعبي الحسنية فقط، بل قتل العديد من الوجوه الرياضية خاصة الأجانب الذين كانوا يمارسون لعبة التنس، وأشهر المدربين الرايسي، بل إن محمد بوضياف الرئيس الأسبق للجزائر، نجا من الزلزال وكان لاعبا للتنس ويشتغل بوكالة محاربة الجراد بأيت ملول، فضلا عن رحيل أسماء أخرى من فرق أنزا وإحشاش وأبطال في سباق الدراجات.

 

 

بلانشي.. راعي سباقات حملت أسماء ضحايا زلزال أكادير

يحمل أحد أزقة أكادير اسم موريس بلانشي، لكن الكثير من عابري وقاطني هذا الزقاق لا يعرفون الشيء الكثير عن هذا الرجل الذي ندر حياته لاستحضار ضحايا الزلزال.

ولد موريس بلانشي في مدينة القنيطرة سنة 1921، بدأت علاقته بالدراجات حين عمل في أحد الشركات الفرنسية التي كان يديرها الإخوة أولاندو، وهم من عشاق رياضات السباق خاصة الدراجات الهوائية، على مستوى مدينة الدار البيضاء.

عاش موريس متنقلا بين الدار البيضاء وآسفي والمحمدية، لكنه قضى فترة طويلة من حياته في مدينة أكادير، وعرف بشغفه برياضات السباق، كسباقي الدراجات والسيارات، فضلا عن عمله كمشرف على مصنع لتصبير السمك في منطقة أنزا بأكادير.

شارك في سباقات الدراجات الهوائية في سوس، ونظم إلى جانب ثلة من هواة هذه اللعبة العديد من التظاهرات انطلاقا من سنة 1949، وكان يعقد اجتماعات يومية من أجل تكوين فريق لأكادير ضم في صفوفه مسلمين ومسيحيين ويهودا، فضلا عن رياضيين من جنسيات مختلفة أمثال لوريتا وبن عيسى والجزائري زعاف وبورحيم وأباعقيل وملوك وغيرهم من القاطنين في أكادير والضواحي.

عاش موريس الجزء الأكبر من حياته في أكادير، وله ابنان: جيرارد بيير وهو من مواليد 1950 وفريديريك الذي رأى النور في عاصمة سوس أيضا سنة 1958، وله أيضا ابنة بكر ولدت في الدار البيضاء سنة 1946. أما زوجته فقد ولدت في الدار البيضاء وتوفيت فيها.

أشرف بلانشي على إدارة معمل لتصبير الأسماك بأكادير، وأحيانا كان يتعذر عليه المشاركة في سباقات الدراجات أو السيارات، لكنه يحرص على حضور عملية انطلاقة السباق وهو يرتدي وزرة العمل البيضاء، قبل العودة إلى المصنع وقد اطمأن على سير السباق في ظروف جيدة.  لكن زلزال أكادير أثر كثيرا في نفسية الرجل الذي بكى بحرقة زملاءه في الفريق الذين ماتوا تحت الأنقاض ولكن بعد فترة توقف قرر أن تدور العجلة من جديد لأن الحياة تستمر، ونظم سباقات حملت أسماء الراحلين في زلزال 1960.

مع مرور الأيام قرر بلانشي الانتقال من سباق الدراجات إلى سباق سيارات السرعة حيث كانت أولى التظاهرات تقام في منطقة بن سركاو، حيث كان المنظمون يكتفون برسم المدار وتحديده بواسطة عجلات مستعملة، قبل إنشاء «كارتينغ» أكادير. وبفضل طموحه شارك ضمن المنتخب المغربي في أول حضور له خلال تظاهرة عالمية، علما أن هذا النوع من الرياضات كان يخص النخبة البورحوازية.

ساهم الرجل في بناء مدار «الكارتنيغ» بالحي المحمدي في أكادير على مساحة خمس هكتارات، كانت الشيخوخة قد تسللت إلى موريس وهو يرى مشروعا يتحقق في أرذل العمر، صادر دموعه وتمنى لو حضر الراحلون الذين تقاسموه الحلم، حينها تقرر أن يحمل الفضاء اسمه، لكنه مات قبل أن تحقق هذه الأمنية.

 

زلزال لشبونة المدمر يصل مداه إلى سواحل طنجة

ضرب زلزال مدمر صباح اليوم الأول من شهر نونبر عام 1755 البرتغال، وأعاد الكرة في بداية فبراير من نفس السنة، تزامنا مع عيد القديسين الكاثوليك. وأوردت التقارير أن الزلزال استمر ما بين ثلاث وست دقائق، وتسبب في شق ضخم عرضه خمسة أمتار ليمزق قلب لشبونة.

هرع الناجون إلى المكان المفتوح لرصيف الميناء بحثا عن النجاة، وشاهدوا المياه وهي تنحصر وتكشف عن قاع البحر الذي افترش بشحن ضائعة وحطام سفن قديمة. وبعد عشرات الدقائق من الزلزال غمرت المياه الميناء ووسط المدينة ثم اندلعت النيران بسرعة واستمرت الحرائق على مدار خمسة أيام.

لم تكن لشبونة هي المدينة الوحيدة التي تأثرت بالكارثة في البرتغال فقد شعر سكان أوروبا كلها حتى فنلندا وشمال إفريقيا بالزلزال، خاصة مدينة طنجة. وكان ارتفاع مياه البحر قد وصل إلى عشرين مترا واكتسح سواحل المملكة.

يقول محمد سعيد أرباط الباحث في تاريخ طنجة: «وقع هذا الزلزال التي وصفته جل المصادر العالمية، منها المغربية أيضا، بالزلزال العظيم والكبير، في فاتح نونبر من سنة 1755، وكان مركز الهزة يقع في المحيط الأطلسي قبالة السواحل الغربية البرتغالية والاسبانية، وسمي بزلزال لشبونة، لكون مدينة لشبونة هي المدينة التي تضررت أكبر ضرر، لدرجة أنها قد تدمرت تدميرا مروعا بالكامل».

وكان هذا الزلزال قد وقع في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم السبت، وكرر ضرباته ثلاث مرات، وكانت تفصل بين هزة وأخرى ما يقرب عن دقيقة. هذه الهزات الثلاث كافية بأن تسبب دمارا في لشبونة ومدن سواحل إسبانيا ومدينة طنجة، بل إن الهزات وصلت إلى الجزائر العاصمة إضافة إلى فاس ومكناس في المغرب لكن طنجة كانت الأكثر تضررا خاصة على مستوى البنيات التحتية. وأكدت الأبحاث العلمية الحديثة أن قوته وصلت إلى تسع درجات على سلم «ريشتر»، أعقبته موجات تسونامي كبيرة ضربت سواحل البرتغال والمغرب، وكانت طنجة من أكثر المدن المغربية تأثرا بهذا الاجتياح، وتحدثت المصادر ذاتها عن حصيلة الضحايا في ربوع المغرب والتي قاربت عشرة آلاف.

ومرت 17 يوما فقط على هذين الحدثين الكبيرين فحدثت هزة أخرى قوية في 18 نونبر 1755 وكانت طنجة وتطوان هما الأكثر تضررا حيث وصلت قوة الهزة بهما إلى ما يفوق عن 8 درجات على سلم «ريشتر» متسببة في دمار العديد من الدور والمباني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى