شوف تشوف

الرئيسية

فاطمة الزهراء المنصوري.. امرأة واحدة في مواجهة عشرة رجال بـ«دائرة الموت» في مراكش

حاورها: عزيز باطراح
كانت فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مراكش خلال سنة 2009، الاستثناء الوحيد على الصعيد الوطني، برئاستها لواحدة من أكبر المدن الست التي دخلت تجربة مجالس المدن، في الوقت الذي تربع على المدن الخمس المتبقية ساسة ذكور. وقد تتبع جميع الفاعلين السياسيين وطنيا هذه التجربة بنوع من الازدراء تارة وبالتشجيع تارة أخرى.. وبالرغم من حداثة عهدها بالعمل السياسي، سرعان ما تأقلمت المنصوري مع أجواء التدبير الجماعي، وأبانت في أكثر من مناسبة عن حنكة النساء التي لا تقل عن مثيلتها لدى الذكور في التدبير الجماعي، بل إن تجربتها علمتها أن أغلب الفاعلات السياسيات من مختلف التيارات السياسية يتميزن بالجدية وبالصدق في الأداء أكثر من نظرائهن الذكور. تدخل فاطمة الزهراء المنصوري حلبة الصراع للمنافسة على كرسي العمودية لولاية ثانية، وهي تتصدر لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بدائرة يصفها المتتبعون بـ«دائرة الموت»، مؤكدة أنها لا تخاف المنافسة: «فزادي هو رصيدي خلال الست سنوات الماضية»، والتي شاركها فيها عدد من زملائها وزميلاتها في الحزب إلى جانب مجموعة من الأعضاء من الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي. وتمضي فاطمة الزهراء المنصوري، في حديثها لـ«الأخبار» وهي تتحدث عن الحكامة الجيدة، عن الشفافية والنزاهة في تدبير المجلس الجماعي خلال الولاية الأخيرة، وعندما «تعرضت لضغوطات بعض اللوبيات التي ألفت نوعا خاصا من التدبير قدمت استقالتي»، تقول فاطمة الزهراء، مؤكدة أنها لن تنحني أمام ضغوطات أي قوة كي تتنازل عن هذه القناعات. عن رصيدها وزادها في الحملة الانتخابية الحالية، ومدى تخوفها من تواجدها بين أزيد من عشر لوائح يتصدرها الذكور، تقول المنصوري إنها لا تهاب المنافسة، وإن قوتها في حصيلتها خلال الست سنوات الماضية، والتي تقول عنها إنها حصيلة أنجزت بشراكة مع ساكنة المدينة.

مقالات ذات صلة

بعد ست سنوات من رئاستك للمجلس الجماعي لمراكش، أنت الآن على رأس لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بمقاطعة مراكش-المدينة، التي يصفها المتتبعون بـ«دائرة الموت» بالنظر إلى قوة المنافسة فيها.. كيف تشعرين كامرأة تخوض هذه الانتخابات بين أزيد من 10 لوائح يتصدرها الذكور؟
أولا، أعتقد أن المراكشيين وعموم المغاربة تجاوزوا هذه القضية، إذ لم يعد هناك فرق بين المرأة والرجل، بعدما أثبتت المرأة المغربية بشكل خاص، والمرأة بشكل عام قدرتها على تدبير مختلف القطاعات بما فيها الجماعات المحلية. صحيح أنني عانيت كثيرا مباشرة بعد انتخابي رئيسة للمجلس الجماعي لمراكش، الذي يعد من بين الـستة مجالس الكبرى وطنيا، إذ كنت المرأة الوحيدة بين ستة رؤساء ذكور، واختلفت نظرة الناس إلي بين من تصور أنني لن أقدر على تدبير شؤون هذه المدنية باعتباري أولا امرأة، وثانيا لكوني في بداية عهدي بالممارسة السياسية المنظمة وبالتدبير الجماعي، وبين من رحب برئاستي للمجلس معتبرا ذلك بمثابة عهد جديد تدخله مراكش، من جهة لأن على رأس المجلس امرأة، وثانيا لأن هذه المرأة بمقدورها أن تعطي النموذج كما فعلت أخريات في العديد من القطاعات، إذ إن المرأة غالبا ما تتسم بالصرامة والجدية في العمل أكثر من الرجل، وأعتقد أنه مع توالي الشهور والسنوات اقتنع أصحاب النظرة الأولى بالتجربة ورحبوا بها، بل وجدت نفسي مدعومة من طرف آلاف المراكشيين، الذين لا شك في أنهم يدعمون كل من لمسوا فيه عناصر الكفاءة، النزاهة والمواطنة، وهذا هو المهم وتلك هي القضية وليس المفاضلة بين الرجل والمرأة.

دخلت غمار المنافسة في هذه الانتخابات بعد ست سنوات من رئاستك للمجلس الجماعي، ما هو زادك في هذه الحملة حتى يقتنع المراكشيون بمنحك أصواتهم لولاية ثانية، خاصة مع تعدد المنافسين؟
زادي هو حصيلة هذه التجربة، فأنا لم أدخل غمار هذه المنافسة خاوية الوفاض، بل بحصيلة اشتغلت عليها إلى جانب الأغلبية المكونة للمجلس لمدة ست سنوات، وهي حصيلة إيجابية بنظر الجميع.

ما هي الخطوط العريضة لهذه الحصيلة؟
قبل الحديث عن الحصيلة، أريد الإشارة هنا إلى المنهجية التي اعتمدناها مباشرة بعد بداية هذه التجربة، ويتعلق الأمر بإشراك المواطنين وساكنة مراكش في صنع نموذج تنموي لمدينتهم، إذ فتحنا الحوار مع أزيد من 1500 هيئة وجمعية مدنية، وتمكنا من خلال ذلك من وضع الخطوط العريضة لانتظارات الساكنة على جميع المستويات، وبعد ذلك قمنا، نحن كمنتخبين داخل المجلس، بصياغة المخطط الجماعي أو المخطط الإستراتيجي لمراكش بناء على روح التصورات والاقتراحات والتوصيات الصادرة عن هذا الحوار مع المجتمع المدني المراكشي، وهو ما جعل عملنا يحظى بتجاوب ودعم كبيرين من طرف المواطنين، وحصيلتنا اليوم تلقى الترحيب من ساكنة المدينة. ولهذا فإنني دخلت غمار هذه المنافسة الانتخابية وأنا مطمئنة غاية الاطمئنان، طالما أن زادي في الحملة الانتخابية هو هذه الحصيلة التي كانت نتاجا لعمل تشاركي بين الساكنة ومنتخبيها.

طيب من السهل جدا وضع المخططات، لكن من الصعب تنفيذها، هل نفذ المجلس الجماعي هذا المخطط الإستراتيجي الذي صادق عليه؟
نعم نفذناه، لقد أنجزنا أزيد من 70 بالمائة منه، علما أن المخطط يمتد إلى غاية سنة 2017، وأعطي مثالا فقط من خلال المحور الاجتماعي. فمدينة مراكش التي تعد قطبا سياحيا دوليا، والتي استفادت من استثمارات كبرى انعكست على وضعها الاقتصادي بشكل إيجابي خلال سنوات طويلة، لكن للأسف الشديد لم تكن الاستفادة عامة، إذ إن جزءا هاما من ساكنة المدينة ظلت تعاني الإقصاء والتهميش، ولا يمكنني كمواطنة مغربية أولا وكمراكشية ثانيا أن أرضى بهذا الوضع غير الطبيعي، وهو ما جعل المجلس الجماعي يأخذ على عاتقه العمل من أجل خلق توازن مجتمعي. حيث كانت حوالي 13 ألف أسرة خلال سنة 2009، تقطن بالعديد من الأحياء السكنية المهمشة والدواوير المتواجدة بقلب المدينة محرومة من أبسط شروط العيش الكريم، إذ كانت تعاني من غياب الإنارة العمومية والطرق والتجهيزات الأساسية، وأصبحت اليوم تتمتع بجميع هذه التجهيزات. ولأن مدينة مراكش تعد قطبا اقتصاديا كبيرا، فإن معاناتها تزداد يوما عن يوم، ما جعلنا نضع مخططا طرقيا على مستوى السير والجولان، عبر خلق طريق محوري يمكن الناقلات القادمة مثلا من الدار البيضاء في اتجاه مدينة أكادير عبر مراكش من استعمال هذا الطريق دون الحاجة إلى دخول مدينة مراكش، وهو ما جعلنا نخفف من الضغط على شوارع وطرقات المدينة. أيضا على مستوى المدار الحضري لمراكش، قمنا بإعادة توسيع وتأهيل الشوارع الكبرى والمتوسطة ما ساهم في تخفيف الضغط على السير والجولان. وأخيرا، دخول مدينة مراكش تجربة جديدة هي الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، وهي مشروع «الترامواي» بشكل مغاير، وهو ناقلات تشبه «الترامواي» ولكن بعجلات. وقد خصصنا لهذه التجربة طريقا خاصا، من أجل تشجيع ساكنة المدينة على استعمال النقل العمومي. الدراسة التي أنجزت بينت أن 04 بالمائة فقط من الساكنة تستعمل وسائل النقل العمومي، وبفضل هذا المشروع الجديد ستنتقل النسبة إلى حوالي 10 بالمائة خلال سنة 2020، ولا شك ستدخل بعدها المدينة في تجربة «الترامواي»، والبنية الأساسية الآن موجودة بنسبة كبيرة.

الزائر لمدينة مراكش يلاحظ أن هناك أوراشا كبرى مفتوحة، وانطلقت قبيل الحملة الانتخابية بشهور قليلة، ما جعل البعض يعتبر الأمر دعاية للأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي؟
أبدا، جميع المشاريع الكبرى، خاصة المهيكلة انطلقت منذ أزيد من سنتين، منها من انتهت فيه الأشغال، وضمنها مشاريع انطلقت منذ حوالي سنة، لكن المهم هو ما نوع هذه المشاريع وكيف أخرجت إلى الوجود.
لقد أشرت في بداية هذا الحديث إلى المقاربة التشاركية في عمل المجلس الجماعي، وبالمنهجية نفسها كنا مصرين خلال تجربتنا على نهج سياسة القرب، حيث هناك أحياء كبرى عرفت تزايدا سكانيا كبيرا خلال العشر سنوات الماضية، وظل سكانها بشكل عام، وشبابها وأطفالها محرومين من مؤسسات ثقافية، فنية ورياضية، وهذا ما جعلنا ندشن تجربة جديدة أطلقنا عليها «قطب المواطن»، حيث بإمكان شباب حي المحاميد التابع لمقاطعة المنارة مثلا أن يجدوا داخل حيهم جميع المنشآت الرياضية والثقافية الضرورية. فـ«قطب المواطن» بهذا الحي تم تشييده على مساحة تقدر بحوالي 17 هكتارا، تضم خزانة بلدية، ملعبا معشوشبا بمواصفات دولية، وملاعب القرب ومسبحا، فضلا عن فضاءات خضراء ستكون متنفسا هاما لساكنة الحي إضافة إلى مرافق أخرى. الشيء نفسه بالنسبة لساكنة مقاطعة النخيل ومقاطعة سيدي يوسف بن علي.
وبخصوص «قطب المواطن» بحي المحاميد، الذي بلغت كلفته حوالي 200 مليون درهم، تم الشروع فيه منذ حوالي سنة، وسيتم تدشينه منتصف سنة 2016.

من بين الملاحظات التي جرى تسجيلها على تجربة المجلس المنتهية ولايته، عدم الاستقرار، إذ تم تغيير مجموعة من نوابك إما عبر الإقالة أو الاستقالة، كما سبق أن قدمت استقالتك من الحزب، وهو ما جعل أطرافا سياسية تنتقد تجربتك بشكل كبير؟
هذا صحيح، لكن ما يتم تداوله في الشارع بهذا الخصوص ليس هو الحقيقة، فعندما انتخبت رئيسة للمجلس الجماعي وعدت نفسي ووعت ساكنة المدينة بأن أعمل من أجل الصالح العام، وقد تعارضت قناعتي هذه مع بعض اللوبيات داخل المجلس، والتي ألفت نوعا خاصا من التسيير، ولاشك في أن المغاربة عموما والمراكشيين بشكل خاص يطمحون إلى تغيير هذه الأساليب من خلال الشعارات التي ترفع من حين لآخر ضد الفساد والمفسدين، وعندما تعرضت للضغوطات اضطررت إلى تقديم استقالتي، لأنه لا يمكنني أن أعمل وفق رغبات هذه اللوبيات وضد قناعاتي.

هل تقصدين لوبيات الفساد داخل الحزب أم داخل المجلس الجماعي؟
أقصد اللوبيات داخل المجلس الجماعي التي اعتادت طريقة معينة في التسيير، أما على مستوى الحزب فكانت هناك خلافات في الرؤى، وتزامنت ضغوطات تلك اللوبيات مع خلافاتي السياسية مع بعض الأطراف داخل الحزب، الشيء الذي دفعني إلى تقديم استقالتي، إلا أن مجموعة من مناضلي الحزب سواء داخل القيادة أو في القواعد تدخلوا من أجل تراجعي عن هذه الاستقالة. وعموما فإن الممارسة السياسية فيها تجاذبات وتقاطبات، وأيضا هناك آليات ديمقراطية لتدبير الخلافات، غير أنه لا يمكنني السماح لأي قوة ضاغطة مهما كان مصدرها أن تدفعني للتنازل عن قناعاتي ومبادئي في تدبير الشأن المحلي أو الشأن العام، وهي القناعات المبنية على الشفافية والحكامة والنزاهة.
وهنا أود أن أشير إلى أنه عند انتخابي رئيسة للمجلس الجماعي، وجدنا عجزا يفوق 200 مليون درهم، وبفضل الحكامة والتدبير والشفافية التي انتهجناها خلال تجربتنا، فإننا اليوم حققنا فائضا ماليا قدره حوالي 200 مليون درهم. وأشير أيضا إلى أنه بالرغم من كثرة الملفات المعروضة اليوم على أنظار القضاء بمراكش، والتي تهم الفساد المالي، فإنني والحمد لله أنهيت ولايتي دون أن يسجل علي أي تجاوز على هذا المستوى من طرف أي مؤسسة معنية بمراقبة التسيير الجماعي، بما فيها المجلس الأعلى للحسابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى