حسن البصري:
ما الإضافة التي قدمتها للمنطقة كسياسي؟
لم أكن مجرد عضو في مجلس مقاطعة سيدي عثمان، بل كنت أيضا نائبا للرئيس في مجلس المدينة واشتغلت بصفة خاصة على ملف القطاع الصحي بالمدينة، مع التركيز على مستشفى ابن رشد الذي كان يعاني من خصاص فظيع على مستوى التجهيزات. أذكر أنه بفضل جهودي رفقة مكونات اللجنة التي كنت أرأسها تمكن المجلس من رصد مبلغ مالي مهم قدره مليارا سنتيم لاقتناء جهاز للفحص، فضلا عن مساهمات مالية هامة في دعم جهود اقتناء أجهزة وأدوية لمرضى السل والسكري، أحمد الله لأنني ساهمت في دعم القطاع الصحي في فترة معينة من حياتي السياسية.
لكن في الانتخابات الأخيرة لم تتمكن من فرض مكانتك على مستوى الدائرة الانتخابية التي ولدت ونشأت فيها، هل كان غلطة إقدامك على الانتخابات من جديد؟
أنت تعلم أنني ابن المنطقة ولدت وترعرعت في حي مبروكة بسيدي عثمان الزنقة 10، كنت دائما مرتبطا بهذا الحي الشعبي الذي أفتخر بالانتماء إليه، والذي أنجب العديد من الوجوه المتميزة في مختلف المجالات رياضيا وسياسيا، وفكريا وفنيا واقتصاديا، وتعلم أيضا أن عيادتي توجد في عمق هذا الحي، لكن حين يتعلق الأمر بالانتخابات فإن أمورا أخرى تتحكم فيها، أو كما يقال بلغة الكرة «تفاصيل صغيرة» تغير مجرى الاستحقاقات الانتخابية.
لكن العديد من أبناء المنطقة يترددون على عيادتك ومنهم من يعالج مجانا خاصة المستضعفين منهم، إلا أن نتائج الانتخابات بالمنطقة كانت ضد مجرى تكهناتك..
كما قلت لك سابقا فأنا ابن سيدي عثمان، ولي حضور قوي في المنطقة اجتماعيا وإنسانيا، لكن المفاجأة هي أن عدد الأصوات التي حصلت عليها في مولاي رشيد أكثر من المحصل عليها في سيدي عثمان، لأنني كنت مرشحا لمقعد في البرلمان، لهذا حين تتأمل النتائج وتحاول فهم ما يحصل تعجز عن فك شفرة السياسة على مستوى دائرة سيدي عثمان مولاي رشيد.
ما الحصيلة الرقمية لهذه التجربة الانتخابية؟
للأسف، وضد كل التوقعات، حصلت على 900 صوت في حي مولاي رشيد، مقابل 500 صوت في سيدي عثمان الحي الذي ارتبط اسمي به وعشت فيه طفولتي وشبابي ولازلت إلى اليوم أعيش نبضه. آخر ما كنت أتوقعه هو هذه الحصيلة التي حالت دون وجودي في المقاطعة وفي مجلس المدينة، كنت أظن أن تاريخي ومكانتي، وتجربتي السياسية وعلاقتي الوطيدة بالساكنة ستسهل عبوري لدائرة القرار، لكن، للأسف، كانت النتيجة مؤلمة حقا.
هل يرجع ذلك لاختيارك حزبا غير حاضر سياسيا في المنطقة؟
لا أعتقد أن اللون السياسي واسم الحزب وراء هذه الحصيلة، دخلت التجربة باسم حزب السنبلة وكان رهاني الأول على عمق انتمائي للمنطقة ومكانتي الاعتبارية فيها، لكن الحصيلة كانت مؤلمة.
ألم تقل في قرارة نفسك مباشرة بعد صدور نتائج الانتخابات: «هذه غلطة عمري»؟
يمكن اعتبارها غلطة عمر في الجانب السياسي، شريطة أن نأخذ منها الدروس والعبر، أحيانا أقول إن مهمتي في عيادتي أو طبيبا مع الرجاء البيضاوي تحتم علي الابتعاد عن الهم السياسي، غير أنه، للأسف، هناك أشخاص يتهافتون على الانتخابات رغم أن لهم عدة مهام وانشغالات تجعل من الصعب، إن لم أقل المستحيل، تخصيص حيز زمني لتحقيق ما جاء في وعودهم الانتخابية. أعرف أشخاصا يتقلدون مناصب في هذا المجلس وفي مجلس آخر وفي لجن متعددة وداخل جمعيات، حتى أنني أتساءل متى سيكون لهم حيز من الزمن لأبنائهم. أظن أنه حان الوقت لتنفيذ مذكرة وزير الداخلية حول تضارب المصالح وإلا فإن المشهد السياسي سيعرف تمييعا غير مسبوق، على الأقل للحد من هذه الفوضى التي نعيشها، لأن 24 ساعة في اليوم لا تكفي هذه العينة للاستجابة لجميع الرهانات التي تخوضها، خاصة على مستوى تدبير الشأن المحلي.
بعض خصومك السياسيين يعاتبونك لاستخدامك اسم الرجاء البيضاوي في حملتك الانتخابية، سواء في المنشورات أو في الدعاية..
من هذا المنبر أتحدى أي شخص يأتيني بنصف دليل على إقحامي اسم الرجاء الرياضي في حملتي الانتخابية، أو طلبت دعوة نجم من نجوم الرجاء لمساندتي في الحملة، أو نظمت مباراة استعراضية بحضور نجوم رجاويين لغاية سياسية، أو وزعت أقمصة رياضية على الناخبين، لا يسمح لي ضميري باستعمال اسم الرجاء في حملة انتخابية، علما أنني لست متطفلا على الفريق فقد حملت قميصه لسنوات ومن أجله تعرضت لحادث خطير وأنا طبيب للرجاء منذ 1992، آخر شيء أفكر فيه هو استغلال النادي في أمور سياسية. هذا كلام لا أساس له من الصحة وأنت تعرف أن الخصوم السياسيين يكيلون الاتهامات يمينا وشمالا خلال الاستحقاقات الانتخابية.
من الأخطاء التي ارتكبتها في مسارك المهني مع الرجاء، مغادرتك النادي بسبب خلاف مع المدرب فاخر، وهو القرار الذي غيبك عن محطة هامة في مسارك وهي كأس العالم للأندية..
أولا لا بد من تصحيح الأمور ووضعها في سياقها، خلافي لم يكن مع المدرب فاخر بل مع ممرض الفريق آنذاك بلكانة رحمه الله، ما حصل هو أننا كنا بصدد السفر إلى العراق لخوض مباراة برسم كأس أبطال العرب، تخلف الممرض عن السفر وكنت مضطرا لتدبير الرحلة لوحدي، وحين عدنا إلى الدار البيضاء اتصل بي حفيظ، مساعد فاخر، وأخبرني بقرار المدرب بعودة الممرض إلى منصبه وكأن شيئا لم يكن، حينها انتابتني نوبة غضب وغادرت النادي، اتصل بي الرباطي والعسكري وعدد من اللاعبين والمسيرين لكنني رفضت العودة انتصارا لكبريائي، وفي نهاية المطاف اكتشفت أنني أخطأت في اتخاذ قرار الاستقالة، لأنني أضعت على نفسي حضور محطة هامة في مسيرتي وهي كأس العالم للأندية، لكن الظروف شاءت أن أغيب ويغيب امحمد ويغيب الرباطي ويرحل الممرض، هذه هي سنة الحياة.
رغم عشقك للكرة منعت ابنك من ممارسة اللعبة داخل فريق الرجاء الذي كان ينتمي لفئاته الصغرى..
اسأل عبد الإله الحافيظي عن المهدي بهليوي الذي لعب معه وكان من أصدقائه، ويعرفه حق المعرفة وتمرن إلى جانبه.. لكن ذات يوم ذهب لخوض مباراة ودية مع الرجاء خرج في السابعة صباحا ولم يعد إلى البيت إلا في حدود السادسة مساء، كل هذا الوقت من أجل خوض مباراة مدتها 90 دقيقة، كانت لنا جلسة للمكاشفة وخلصنا إلى ضرورة الفصل بين الدراسة والرياضة، وقررنا، في حوار مسؤول، أن يتابع ابني دراسته عن قناعة.