شوف تشوف

الرأي

غسل الأقوال

 

مقالات ذات صلة

حسن البصري

 

سكت نجم الكرة الكاميرونية روجي ميلا دهرا ونطق كفرا. اختار أن يبدأ «الكان» بهجوم مرتد على المغرب ومصر، ويعلن نفسه هدافا للدورة.

قال روجي في حوار مع قناة «تي في 5» إن البلدان المغاربية وخاصة المغرب ومصر دائما ما تفسد الأمور، وأضاف: «أنا آسف، سأخبرهم هنا بصفتي شقيقهم، سواء كان المغرب أو مصر أو أيا كان، فهذا ليس طبيعيا. لقد لعب أولئك دائما هنا في إفريقيا، وتطوروا وصنعوا مجدهم، لقد قبلناهم بالمناسبة، لذلك لا أرى سبب استمرارهم اليوم في التحدث بشكل سيئ عن البلدان الأخرى وإفريقيا، فهذا ليس بالأمر الطبيعي». ثم ختم حواره بالوعد والوعيد حين قال:

«إذا لم يكونوا أفارقة فليرحلوا عن القارة ويلعبوا في أوروبا أو آسيا حتى لا يحدثوا فوضى في القارة الإفريقية».

رد صامويل إيطو بهجوم آخر استهدف مرمى رئيس الفيفا، وقال إن المنصة الشرفية للملعب الذي سيستقبل افتتاح كأس الأمم الإفريقية لن يتضمن سوى أساطير القارة السمراء فقط. «لن يجلس جياني إنفانتينو في الأعلى وأسطورة إفريقيا والكاميرون، روجي ميلا في الأسفل».

إذا كانت الدولة الكاميرونية ملتزمة بغسل الأموال وتجفيف منابعها، فهي مطالبة أيضا بغسل مثل هذه الأقوال المسيئة لضيوف هذا البلد، وإلجام الأفواه التي تبصق في الإناء الذي أكلت فيه.

هكذا تستقبل اللجنة المنظمة لحدث قاري ضيوفها، تهاجمهم تتهمهم بالعنصرية، وتحذرهم من الجلوس في صالون ضيوف الشرف، هذا ضرب في الصميم لأعراف وتقاليد الضيافة.

يبدو أن شلة إيطو بصدد التأسيس لتقاليد جديدة، منصة شرفية لنجوم الكرة، ومنصة دنيئة للقائمين على شأن الكرة، بلا مراحيض ولا مرطبات ولا حسناوات.

انضم روجي إلى صف الممنوعين من الصرف والعطف، فحوله الإعلام الجزائري إلى «مانديلا الكرة»، وتجندت كتائبه لتمسح عنه غبار النسيان. وحين همس في أذنه أصدقاؤه المغاربة وكشفوا له عن حجم الزلة، تسلح بما يكفي من الشجاعة وأعاد صياغة تصريح على نحو جديد، واختار «ما» النافية ليبعد عنه غضب أصدقاء الأمس.

قال ميلا بعد أن استوعب حجم الزلة: «المغاربة لم يفهموا قصدي»، وراح يبحث عن قشة يتمسك بها إلى أن تمر السيول، ويقضي الله أمرا كان مفعولا.

في لحظة حماس، نسي ميلا فضل المغرب عليه، وتبين أن الرجل من فصيلة آكلي النعمة وشاتمي الملة، وهو الذي كلما حل ببلادنا عاد إلى قواعده غانما. ولأن المغاربة يكرمون الضيف فقد ظل مواطنه عيسى حياتو يتردد على مصحة في الرباط متخصصة في تصفية الدم دون أن يطالبه أحد بأداء الفاتورة.

في سنة 2007 حل ميلا ضيفا على برنامج القدم الذهبي، أجريت معه حوارا صحفيا في مقهى السقالة، واقترحت عليه زيارة مؤسسة خيرية، ضربنا موعدا في صباح اليوم الموالي فرافقني في سيارتي إلى دار رعاية الأيتام بتمارة، على امتداد الطريق ظل يشيد بالمغرب وأمن المغرب وكرة المغرب.

قال في كلمته أمام النزلاء إنه يرأس جمعية خيرية في الكاميرون اسمها «قلب إفريقيا»، وكشف عن حياة الفقر التي عاشها في طفولته، وداعب الكرة في الخيرية ووعد بإرسال كمية من العتاد الرياضي ونصح الأيتام بالتوفيق بين الدراسة والرياضة، وشرب ما تيسر من شاي ومكسرات، ثم عدنا إلى الفندق، وظل النزلاء ينتظرون شحنة القمصان.

في آخر زيارة له للمغرب صيف 2017، زار روجي ميلا بيت ظلمي قدم العزاء رفقة أبيدي بيلي لأرملته، وقال إن المغرب ينجب الأساطير، ثم مسح دموعه وانسحب.

علمت أن روجي أصبح سفيرا للنوايا الحسنة فضربت كفا بكف وقلت في قرارة نفسي ربما المقصود «النوايا السيئة»، وآمنت بالقدر المعكوس الذي جعل القافلة تنبح والكلب يسير.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى