غربة
هي
لم أكن أحبك أنت إنما كنت أحب الحياة، واقتسمتها معك بشهواتها؛ فلست مهتمة ببناء الآمال أو الأحلام. وكنت صريحة، منذ البداية. وأخبرتك، ساعتها، بأنني -وكأغلب الأوروبيات من بنات جنسي- أعيش يومي دون أن أنتظر الغد. وسواء كان الغد أسوأ أم أفضل، فهو مجرد غد. وأنا ما أريده هو اليوم، ولا شيء غير اليوم.
لقد كنت سعيدا معي مثلما كنت سعيدة معك. عشنا لحظات من الجنون. لعبنا واستمتعنا، سهرنا وسافرنا، درسنا وعملنا، بكينا وضحكنا؛ لكن كل هذا لم يكفِك، وأردت أن تقلب حياتي إلى نكد بأفكارك الخرقاء.
يأتيك شرقك البعيد أحيانا برياح من الغباء، فتنقلب أبله لا تدري ماذا تقول. غيرة حمقاء تنتابك بين الفينة والأخرى، وذكورة بائدة من عصر آبائك وأجدادك تقوم من مرقدها لتكشف لنفسك أنك رجل عربي، وماذا لو كنت رجلا؟ فسواء عندي أكنت رجلا أم امرأة، أنا أبحث عن راحتي؛ ولو كنت وجدتها مع امرأة لما همّني أمرك من أساسه. أنا باحثة فقط عن السعادة، وعليك إدراك ما أقوله؛ لأنني لن أعيده مرة أخرى..
هو
أحببتك بجنون لم أعشه إلا يوم عشقتك. كنت شيئا لم أعرف طعمه إلا بعد أن تذوقته. كنت امرأة أخرى غير نسوتنا. كل تفاصيلك كانت مختلفة: جسدك، ابتسامتك، تفكيرك الذي يخلو من البؤس واليأس. كنت لا تمتلكين شيئا، وفي الوقت نفسه كل الأشياء كانت ملكك. لم تجعليني يوما أحس بأني ضعيف أو فاشل. تقلبين الجد هزلا والهزل لا يبقى إلا هزل. كنا نقتسم الرغيف على الدرج ونأكله كالأطفال. لم تطلبي مني يوما أن أكون مسؤولا عنك أو أوفر لك شيئا. كنت تلوميني حين ألوم نفسي على تقصيري في حقك. ولم تحسبي حسابا لحق معي؛ لكني أردت أكثر. كنت أريد امتلاكك بأوراق وبمباركات وبأولاد منك. وبدا اختلافك عن شرقي جليا حين لم تقفزي فرحا حين خطبتك. عقدت حاجبيك وغضبت. قلت إني أحمق في قولي، وإنك صدمت في تصرفي. ولم أفهم كيف تعترفين بحبي وفي الوقت نفسه ترفضيني. تقولين إن الارتباط لا يعنيك، وإني إذا قلته مرة أخرى ستتركينني. لقد جعلتني أحس بأني مجرد نوع مخدرات تنتشين به وتكرهين له أن تدمني. أما أنا، فصعب أن أشفى منك فلقد صرت تسرين في شراييني.