شوف تشوف

الرأي

غارة عسكرية

لم يكن فوز عسكريات الجيش الملكي بكأس أبطال إفريقيا للسيدات مجرد انتصار كروي عابر. ولم تكن هزيمة فريق ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي أول أمس أمام كتيبة عسكرية نسائية، مجرد خسارة في ميدان الكرة.

كانت معركة بين قوتين يتقاطع فيها البعد الرياضي والديبلوماسي، حين نضعها في سياقها الجيوسياسي. قبل المباراة وضعت الجزائر وجنوب إفريقيا، شقيقتها في الرضاعة، يدا في يد لنسف جهود الأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء، فقد دعت الجزائر وبريتوريا إلى ضرورة استئناف المفاوضات بين المغرب والكيان الانفصالي.

جمع لقاء الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية بسفير جنوب إفريقيا بالجزائر، بحثا سويا مجموعة من خطط التصدي للنجاح الديبلوماسي المغربي، والنيل من قرارات مجلس الأمن.

وحدها الكرة التي تغرد خارج سرب السياسيين، وتنسف علاقة الرضاعة بين الجزائر وبريتوريا. إذ في الوقت الذي كان الطرفان يرسمان معالم طريق اللئام، قررا تتويجه بمباراة حبية تجمع بين منتخب الجزائر ونظيره الجنوب إفريقي بمدينة وهران.

أراد الطرفان أن يكتبا سطور عشق جديد فوق المستطيل الأخضر، أن يقولا للعالم إننا ندين بالولاء للفيفا وحدها، فنصبت خيام الفرح وكتبت مسودة شراكة وبحث المنظمون عن صورة مانديلا لتأثيث حفل تنبعث منه رائحة السياسة.

لكن فجأة «هدم» هوغو بروس، الناخب الوطني لجنوب إفريقيا، خيمة الحفل حين رفض خوض هذه المباراة وبحث عن مبررات الرفض. توقفت المفاوضات بين اتحادي الكرة في البلدين وألغى باتريس موتسيبي، رئيس الكاف، زيارته للجزائر وضرب صناع الفتنة كفا بكف ولعنوا في قرارة نفوسهم المدرب بروس، الذي نال حصة من اللوم والعتاب ووصفه عضو جزائري بـ«بروس لي».

قال مدرب جنوب إفريقيا في تصريح نقلته صحيفة «تايمز» الجنوب إفريقية: «أنا أكثر ذكاء مما كنت عليه قبل ثلاثة أشهر، لست جاهزا لمواجهة غير متكافئة ورحلة متعبة».

رمى بروس بتصريحاته في معترك السياسيين وترك للمحللين فرصة قراءة ما وراء السطور، خاصة أن المدرب سبق له أن خاض تجارب في الجزائر مدربا لشبيبة القبائل ولفريق نصر حسين داي، وهو الذي بلغ من الكبر عتيا حتى نال صفة شيخ المدربين.

حين تأكد الجزائريون من إصرار مدرب منتخب جنوب إفريقيا على رفض المشاركة في مباراة ظاهرها ود وباطنها حقد، عوضوا «البافانا بافانا» بمنتخب مالي.

ليس رفض بروس هو الذي «هدم» حفلة وهران، بل فوز نساء الجيش الملكي على النسخة النسوية لفريق ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي أيضا، لأن رئيس «الكاف» هو الراعي الرسمي لهذا الفريق الذي يصر على تسميته بـ«برازيل إفريقيا»، قبل أن يعاين بأم عينيه لحظات سقوط لاعباته أمام غارة عسكرية حقيقية.

لكن المرأة التي تحكم الكرة خلف الستار في جنوب إفريقيا، الثرية بريشوس مولوي ذات الأصول البوتسوانية وحرم رئيس «الكاف» باتريس موتسيبي، ليست مجرد زوجة حاكم الكرة الإفريقية بل مسؤولة قيادية في نادي صن داونز الجنوب إفريقي، لهذا قضت دقائق الجولة الثانية في مصادرة دموع الأسى وهي تعيش شوطا في الجحيم.

تعمل حرم الرئيس في مجال الأزياء وتملك «ماركة» أزياء عالمية ولها باع طويل في اختيار «ديزاين» قمصان منتخبات بلادها، في انتظار انتقاء اللاعبات نيابة عن المدرب.

سجل يا تاريخ فليست كل المغربيات صانعات محتويات تافهة في السوشيال ميديا، في ملاعب الكرة هناك صانعات فرحة ومجد، نساء من فصيلة السيدة الحرة والزهراء الوطاسية وخناثة بنونة وزينب النفزاوية وكنزة الإدريسية..

في ملحمة الرباط تأكد أن المرأة المغربية «كادة» وأن العسكريات جزء من الديبلوماسية الرياضية، رغم أن ماميلودي صن داونز هو الفريق الإفريقي الوحيد المتواجد في لعبة فيفا بلايستيشن فيفا 2023.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى