حسن البصري
كيف عشت الدقائق الأولى في أول اختبار رسمي مع الرجاء؟
لا أخفيك أنني كنت خائفا، فالخصم اسمه الفتح الرباطي، وكان يعتمد على الاندفاع البدني وقامات لاعبيه. كنت حائرا في أمري لأنه من الصعب أن يتم إقحامك في مباراة وفريقك منهزم، علما أنه لم يكن ضمن الطاقم معد ذهني كما هو الشأن اليوم، أما حين تدخل مباراة وتتقاسم مع زملائك لحظات الانتصار، فهذا أمر آخر. المهم دخلت و«جاب الله التيسير» وتمكن اللاعب بيتشو من تسجيل هدفين حولا هزيمتنا إلى تعادل بطعم الفوز كما يقال، ومن تم كانت الانطلاقة، خاصة وأنني تلقيت تنويها من المدرب والمسيرين، وهذه هي البداية كلاعب رسمي.
كانت لك تجربة خارج المغرب مع نجم الساحل التونسي، لكنها لم تدم طويلا، ما السبب؟
تلقيت عرضا من نجم الساحل التونسي، وقررت خوض التجربة لأول مرة خارج المغرب. اشترطت على المسؤولين أن يكون إلى جانبي المعد البدني جعفر عاطفي الذي رافقني طويلا في الجيش والمنتخب والرجاء، وأذكر أن الجو كان حارا رغم أن سوسة مدينة ساحلية.
البداية كانت مشجعة وكنت أعرف أن التنافس في تونس على الألقاب يقتصر على الرباعي الترجي ونجم الساحل، والإفريقي ثم الصفاقسي. كان الفريق رائدا في تونس وفي إفريقيا، وكان مسؤولوه يوفرون جميع الاحتياجات، وفي ظرف وجيز كنا نتربع على كرسي الصدارة في الدوري التونسي. نجم الساحل كبير برجالاته المؤثرين وبإمكانياته، الفريق كان يتوفر على ستة ملاعب إضافة إلى الملعب الرسمي للتباري وهو معزز بملعب ملحق، جميع المرافق الضرورية في ملك الفريق، إضافة لفندق شيده على مساحة تفوق هكتارين وقاعة لتقوية العضلات ومسبحين بالماء الساخن.
لكن كيف حصل الانفصال والفريق في الصدارة؟
لقد طلب مني أحد المسؤولين النافذين استبدال المعد البدني عاطفي، وهو بروفسور في مجال التحضير البدني، بمدرب آخر للياقة البدنية مقرب من المكتب المسير. طبعا رفضت لأنني فهمت المقصود من التغيير، أي أن إدارة النادي كانت تبحث عن مخبر في الطاقم التقني يكون مقربا مني، أنا رفضت الحديث في الموضوع لأنني أريد رجل ثقة إلى جانبي مهما كانت مؤهلاته، أما المسيرون فكانوا يحتاجون لميكروفون معي ينقل لهم كل صغيرة وكبيرة، وهذا ما رفضته جملة وتفصيلا وقررت أن أعود أنا وجعفر إلى المغرب دون أن أحكي له تفاصيل المغادرة. من طبعي أن أشغل معي رجال ثقة تعطيهم ظهرك فلا يمارسون الغدر والخيانة.
عدت إلى المغرب لتدريب الرجاء..
عوضت المدرب هنري ميشال، رحمه الله، بعد أن عرض علي عبد السلام حنات العودة إلى الأصل، رحبت بالعرض دون تردد، لكن حين قرر المسؤولون التعاقد معي كان الفريق يحتل الرتبة 13 في البطولة الوطنية، لهذا كان الهدف أولا انتشال النادي من هذه الرتبة التي لا تشرف الرجاويين وفي نهاية مرحلة الذهاب جمع الفريق 25 نقطة، وبالتالي لم تكن لنا حظوظ للظفر بلقب البطولة، لكن، بعد تعزيزات طفيفة بما تسمح به مالية الفريق، تمكنا من جمع 35 نقطة في مرحلة الإياب وتمكنا من الفوز بلقب البطولة برصيد 60 نقطة، أي أننا حملنا فريقا من الصف 13 إلى منصة التتويج. فضلا عن تأهل النادي لخوض منافسات عصبة الأبطال الإفريقية بعد غياب طويل عن الواجهة القارية. طلبت من الرئيس حنات تعزيز الصفوف لأن المجموعة التي حققت اللقب لا يمكنها أن تخوض واجهتين، إذن كان لابد من تعزيزات، فوعدني خيرا وأنهينا الموسم الرياضي على إيقاع الانتصارات.
لكن ما أسباب مغادرة معسكر أكادير؟
كانت تفصلنا أيام قليلة عن منافسات كأس عصبة الأبطال الإفريقية، وكنت أعول على تعزيز الصفوف ببعض اللاعبين، لأنني آمنت بأن الرصيد الذي كنا نتوفر عليه يحتاج إلى تعزيزات في بعض مراكز الخصاص، لهذا قررت أن أسافر إلى الدار البيضاء لأن النادي كان مقبلا على جمع عام. فكرت مليا في الأمر وقلت في قرارة نفسي إن مغادرتي أو استقالتي قبل الجمع العام ستجعل الموضوع الرئيسي للجمع هو المدرب، لهذا تريثّ قليلا وحين كان الرجاويون يعقدون جمعهم انتقلت من أكادير إلى الدار البيضاء للقاء رئيس الفريق عبد السلام حنات بعد الجمع.
هل حصل التوافق في ما ذهبت إليه؟
انتهى الجمع العام والتقيت في اليوم الموالي بعبد السلام وزكي السملالي عضو المكتب المسير، وجددت طلبي بتعزيز الترسانة البشرية، لكن الجواب كان مقلقا لي: الظروف المالية لا تسمح بتعزيزات، عليك بالاعتماد على شبان الفريق. تصور أن عددا من اللاعبين يحتاجون للتفاوض من أجل تجديد عقودهم، من قبيل الصالحي والرباطي وغيرهما من اللاعبين. كان الرئيس صارما في قضية التعزيزات، حيث قال لي بالحرف إن «توجهات المكتب المسير تسير في اتجاه الاعتماد على شبان الفريق»، رفضت هذه الرؤية، وقلت لزكي، بعد أن غادرنا الرئيس، «لن أدرب الرجاء بهذا الرصيد البشري ونحن على بعد أسبوعين من مباراة قارية هامة، خاصة وأن الجمهور الرجاوي كان يبني آماله على فريق يعيد الرجاء إلى سكة الانتصارات في إفريقيا».