ونحن نتابع ما تكتبه بعض المنابر الإعلامية الغربية حول ما يعرف إعلاميا «بقطرغيت»، منذ 9 من شهر دجنبر الماضي.. يجب الوقوف عند كلمات رئيسة البرلمان الأوروبي «روبيرتا ميستولا»، في الاجتماع العاجل ليوم 15 دجنبر.. إذ تضمن حديثها إشارات إلى قيام «شبهة» استغلال بعض البرلمانيين ومساعديهم وأفراد ونقابات ومنظمات، من أجل التأثير في قرارات البرلمان الأوروبي.. وأضافت أنها تثق في القضاء ومؤسسات التحقيق والاستخبارات، التي عملت بتنسيق من أجل فك خيوط هذه القضية… وختمتها بإطلاق مشروع إصلاحات تخص مدونة السلوك والأخلاقيات، وحل مجموعة الصداقة القطرية الأوروبية، وتأجيل النظر في قرارات تخص تسهيل تنقل مواطني دولة قطر وكذا الطيران القطري في الأجواء الأوروبية.. ومع ذلك فقد كانت حذرة في انتقاء كلماتها وتمسكت بالشك كقرينة للبراءة.. كدليل على احترام واستقلال السلطة القضائية البلجيكية…
منابر بتوجه سياسي يميني تتزعم حملة التشهير
بعيدا عن احترام مبدأ فصل السلط، فإني لا أعتقد أن المغرب لديه مشكل مع مؤسسة البرلمان الأوروبي. إذ تجمعهما مصالح استراتيجية كبيرة منذ عقود، عبر قنوات الدبلوماسية والدبلوماسية الموازية ولجان الصداقة المختلفة واتفاقيات شراكة ومجموعات تفكير «تينك تانك»، وأيضا عبر الانخراط في مجموعات اللوبيزم، في إطار لجنة الشفافية باللجنة الأوروبية… يعني أن كل الأنشطة تمر عبر قنوات قانونية ورقابة مؤسسات الاتحاد الأوروبي…
لكن التغطيات الإعلامية المبالغ فيها عرت في الوقت نفسه عن هوية تلك المجموعات الإعلامية التي اعتقدت لوهلة أنها قد أمسكت المغرب من اليد التي تُوجعه، وأنها تقدم خدمة كبيرة للنظام العسكري الجزائري، مقابل عمولات وهدايا وأسفار.. في حين أن وثائق التحقيق البلجيكية تتحدث عن بداية التحقيقات والاستماع إلى المكالمات، منذ يناير الماضي…
وحتى نقوم نحن بالتعرية الواجبة، فمن الضروري الكشف عن التوجه السياسي اليميني لكل تلك المنابر، بدءا من «Le soir» البلجيكية إلى La» «Republica الإيطالية التي تمتلك أغلب أسهمها عائلة «أنيليي»، مالك مجموعة صناعة السيارات بتورينو.. وسنكون أكثر وضوحا بقولنا لانخراطها معا في مشروع إعلامي أوروبي يضم 7 جرائد في مارس من سنة 2015… وهي El Pais, Welt, La republica, Le Figaro, Gazeta wyborca, Tribune de Genève, Tages-Azenige, Le soir…، وهي تنتمي إلى كل من إسبانيا وألمانيا وبولونيا وفرنسا وبلجيكا وسويسرا، في مشروع إعلامي استقصائي تحت اسم Lena (Leading European newspaper alliance).
وإذا أضفنا إليها منابر إعلامية معروفة بعدائها للمغرب وقريبة من النظام العسكري الجزائري، كالصحافي الإسباني Ignacio Cembrero، و El Mundo، والإيطالية Il fatto quotidiano التي تعاني من ضائقة مالية كبيرة، ومجموعة Mediapart والتي تزعمت حملة التشهير الأخيرة وإقحام اسم المغرب في قضية «بيغاسوس»…
سنكون أمام كتيبة إعلامية غربية تابعة للمخابرات الجزائرية، مهمتها هي تنظيم حملات شيطنة وتشويه صورة المغرب وزعزعة الدبلوماسية المغربية القوية والمتماسكة أمام المؤسسات الأوروبية، وكذا أمام الرأي العام الأوروبي…
اسم مستعار وفقدان المصداقية
لأننا لا نؤمن بالجريمة الكاملة.. فقد ارتكبت أقلام المخابرات الجزائرية داخل المنابر الإعلامية الإيطالية خطأ فادحا، وذلك بتوظيفها لمعلومات منشورة منذ شهر أكتوبر من سنة 2014 أفقدتها كل مصداقية من خلال تكتمها عن هوية مصدر معلوماتها، أي Chris Coleman وهو اسم مستعار لعميل المخابرات الجزائرية.. والتي حاولت تقديمه كنموذج لكل من Edward Snowden وJulian Assange… وهي شخصيات حقيقية لا تختفي وراء أسماء مستعارة كالعميل الجزائري «كريس كولمان»، فهو تارة لاعب كرة القدم الأمريكية، وتارة أخرى موسيقي جاز، حسب محركات البحث…
كما أن إعادة نشر الجرائد الإيطالية لأخبار عن علاقة البرلماني بانزيري بالسفير عبد الرحيم عثمون ولصورهما في مقرات رسمية، سواء في أوروبا أو المغرب… تعود لعشر سنوات، كانت تهدف من ورائها إحراق كل أوراق البراءة في هذا الملف، وإظهار الأمر وكأنه شبكة عابرة للقارات وللزمن… معتمدة على أخبار مفبركة كان Chris Coleman قد نشرها على «الويب»، من أجل زعزعة المملكة الشريفة والدبلوماسية المغربية، حسب ما عبر عنه حساب عميل الاستخبارات الجزائرية «كريس كولمان»، كزيارة بانزيري إلى مخيمات تندوف في أكتوبر من سنة 2011، وزيارات أخرى إلى العيون والرباط والدار البيضاء في سنوات لاحقة.. في حين أن كلا من بانزيري وعثمون كانا رئيسي اللجنة البرلمانية المختلطة الأوروبية المغربية، وبالتالي فلقاءاتهما وصورهما كانت من صميم عملهما.. وتقارير «أنطونيو بانزيري» عن أشغال اللجنة البرلمانية المختلطة هي قانونية، والشيء ذاته يقال عن تقارير السفير «عبد الرحيم عثمون» لرؤسائه بالرباط…
ويظهر من كل هذا عدم احترام أبواق اليمين الأوروبي وعملاء المخابرات الجزائرية لإجراءات التحقيق الجارية من طرف السلطات البلجيكية، ومحاولة التأثير على مجريات التحقيقات، من خلال إغراق الرأي العام بمعلومات مصدرها موظف جزائري باسم مستعار.. في حين كانت عارية محاولة جرائد اليمين تلميع صورة Charls Tannock، البرلماني البريطاني السابق (1999 ـ 2019)، والمعروف بخدمته لأجندة البوليساريو داخل البرلمان الأوروبي، وبتعويضات وهدايا سمينة من طرف مخابرات النظام الجزائري… هذا مع التذكير أن القضية تحمل اسم «قطرغيت»، وأن الاسم تم إقحامه من طرف اليمين الأوروبي…
ولنخلص في نهاية المطاف إلى كشف حملة عدائية جزائرية جديدة ضد المصالح المغربية، وضد الوحدة الترابية الوطنية.. بالأسلوب نفسه وبالأدوات ذاتها.. وما رجوعها إلى أرشيفها وأسمائها المستعارة المنتهية الصلاحية والمصداقية، سوى دليل جديد على قلة حيلتها وضعف حجتها أمام مؤسسات سيادية مغربية تعمل في العلن من أجل السلم والأمن العالمي، ويتم توشيحها بأرقى الأوسمة من طرف قادة الدول العالمية، ولأنها لا تعمل في الظلام فقد انضموا إلى جمهور مشجعي «أسود الأطلس» بمونديال قطر 2022…
القاضي الهيتشكوكي ووزير العدل البلجيكيان وطواحين الهواء
لم يبق أمام كل من قاضي التحقيق الفيدرالي Michel Claise ووزير العدل Vincent Van Quickenborne البلجيكيين، سوى البحث عن مخرج ينقذ ماء الوجه.. في قضية «قطرغيت»، ذات البعد السياسي وتصفية حسابات مخابراتية قديمة… حيث تم توظيف «ماكينة» إعلامية قذرة… كان هدفها هو تمريغ وجه المغرب ورجالاته في «الوحل السياسي»، من خلال إقحامه في ملف «قطرغيت». حتى بعد اعتراف أحد أبرز المتهمين Francesco Giorgi أمام قاضي التحقيق البلجيكي Michel Claise، بأن المغرب لا علاقة له بقضية «قطرغيت». وأضاف أن «الجزائري» بطاهر بوجلال هو الذي دفع Panzeri لخلق منظمة حقوقية Fight Impunity، حتى تكون مظلة لكل عمليات «اللوبينغ» لصالح دولة قطر أمام المؤسسات الحقوقية العالمية، وأمام البرلمان الأوروبي…
لم يكن يعتقد مهندسو «قطرغيت» أنهم سيدخلون سراديب مظلمة، قد تطيل عمر القضية لسنوات أو تطيح برؤوس مدبريها في لحظات… إذ منذ تفجير القضية إعلاميا، في التاسع من شهر دجنبر من سنة 2022، لم يطرأ أي تغيير… فالمتهمون في قضايا تكوين عصابات وفساد ورشاوى.. تمسكوا برفض كل هذه التهم، رغم أن بعض الإعلام الإيطالي «لاريبوبليكا» و«لا سطامبا» وغيرهما… المملوكة لعائلة Agnelli والمحسوب على المخابرات الجزائرية، كان يروج لبعض الاعترافات الكاذبة كان الهدف منها هو التأثير على باقي المتهمين وجرهم للاعتراف… كما ثبت أن امتلاك Niccolo Talamanca، وهو الكاتب العام لمنظمة No peace No justice، لمنزل جبلي، تحوم حوله تهمة فساد مالي… هو منزل ما زال Niccolo يؤدي أقساطه الشهرية، عبر قنوات بنكية شفافة… إذ يبقى ذنبه الوحيد هو مشاركة منظمته الحقوقية لنفس مكتب منظمةFight Impunity ، لصاحبها Panzeri…