شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

عيون الحوز تتفجر بالماء بعد الزلزال

ينابيع جفت منذ عقود عادت إلى الحياة وعيون جديدة تعيد الأمل للسكان

إعداد: النعمان اليعلاوي

مقالات ذات صلة

تفاجأ سكان الكثير من المناطق التي ضربها الزلزال بتفجر ينابيع من المياه وعودة الحياة إلى كثير من الينابيع الأخرى التي جفت منذ سنوات، وهي الظاهرة التي تجد تفسيرها  لدى المتخصصين، وإن كانت تحمل المفاجأة السارة لسكان تلك الدواوير، الذين رأوا فيها الكثير من «الأمور الإيجابية» التي حركها الزلزال بعيدا عن فواجع فقدان الأهل والأحبة.

وتبرز أهمية هذه «المفاجأة الطبيعية» في أن المغرب يعيش، للعام السادس على التوالي، جفافا حادا في كثير من مناطقه، من بينها تلك التي ضربها الزلزال في أقاليم الحوز وشيشاوة، وتارودانت وورزازات وأزيلال، وكان العام الماضي أسوأ هذه الأعوام الستة، وكذا أسوأ سنة جفاف شهدها البلد منذ 40 عاما.

إلى ذلك يصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتراجع مناسيب كثير من سدوده في السنوات الأخيرة، ما اضطر الدولة إلى نهج سياسات مشددة لترشيد استهلاك المياه.

 

فرحة تتجدد

بدت السعادة على وجه محمد أوحساين، وهو يشير إلى ينبوع المياه المتواجد بدوار (تاسا ويركان) الذي يبعد بحوالي 8 كيلومترات عن مدينة تاحناوت، مشيرا إلى أن «هذه الينابيع كانت على وشك الجفاف، وكنا ملزمين بالوقوف في طابور طويل من أجل الحصول على قطرات ماء، غير أن صبيبها ارتفع مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، حتى أنها أثرت أيضا على صبيب مياه الوادي» يقول محمد، مضيفا، «إلى جانب هذه العين التي كانت، ظهرت عيون جديدة للمياه أعلى الجبل، وهي التي تصب مباشرة في الوادي مشكلة شلالا من المياه الرائعة».

وبخصوص جودة هذه المياه، أوضح محمد أن «هذه المياه سبق وأجرينا عليها تحاليل مخبرية في مختبرات بالدار البيضاء وخارج المغرب، وثبتت جودتها وكونها صالحة للشرب، بل إن مياه  العين المتواجدة في الدوار استشفائية، وتعالج حصى الكلي»، موردا أن «سكان الدوار يستفيدون من مياه هذه العين ومعها مياه الوادي في الشرب وسقاية المزارع، وهناك عدد من المواطنين الذين يأتون من مدن مراكش وتاحناوت من أجل التزود بمياه العين، نظرا لصفائها وخصائصها الطبيعية»، موردا أن «عين ماء أخرى  في الدوار المقابل، كانت قد جفت منذ 40 عاما، عادت إلى الحياة بعد الهزة الأرضية الأخيرة».

 

ظاهرة طبيعية عادية..

في هذا الصدد أكد الأستاذ الجامعي المختص في الماء ومدير متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب، عبد النبي المندور، أن حدوث تغير في صبيب المياه أمر جد وارد خلال الكوارث الطبيعية، مشيرا إلى أن الزلازل يمكن أن تسبب تزايدا قويا في صبيب المياه كما يمكن أن تؤدي إلى العكس.

وشرح الأستاذ الجامعي، في تصريح للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بأن «تخزين الماء تحت الأرض يكون في طبقات جيولوجية إما قديمة أو حديثة؛ أي ممكن أن تكون طبقات مكونة من الكلس وتحتوي على خزان قوي وكثيف من المياه في مغارات تحت الأرض».

وأوضح المندور أن هذه المغارات تتعرض، إثر الهزات الأرضية، لضغط قوي يجعلها تنفجر بحيث تدفع قوة الحجر الماء المخزن تحت الماء ويأخذ مجراه فتزيد نسبة الصبيب بشكل عام، مؤكدا، في هذا الإطار، أن صبيب بعض العيون التي جفت من الماء يصبح كثيفا لأن الإعصار أو الضغط الذي حدث يدفع الماء للخروج من المنابع.

في  المقابل، أورد المتخصص أن العكس وارد أيضا، بحيث توجد بعض عيون الماء الممتلئة لكن مع الضغط الذي يخلفه الزلزال وتكاثر الأحجار تقطع تماما، مشيرا إلى أن المسارات التي يمر منها الماء تسد بفعل تكاثر الأحجار، وتحبس من المياه الجوفية ما يؤثر أيضا على الصبيب. وقدم مثالا على ذلك بعين «بيطيط» المتواجدة بجهة فاس مكناس والتي يصل صبيبها إلى 1400 لتر في الثانية، مبرزا أن صبيبها تراجع إثر الهزة الأرضية، وفقا لما لاحظه مجموعة من خبراء الماء في المنطقة وذلك بالنظر لضغط الأحجار التي بدأت تغلق ممر الماء.

 

ويركان.. بحيرة أنعشها الزلزال

على بعد كيلومترات قليلة من دوار تاسا ويركان، ترسو مياه الأودية المحيطة بالجبال في بحيرة سد «ويركان»، وهي البحيرة المعروفة في منطقة الحوز، وتحيط بها سلاسل جبلية فيما تتغذى من  العيون المتواجدة بالمنطقة. غير أن مستوى مياه البحيرة، حسب ساكني المنطقة، عرف تراجعا في السنوات الثلاث الأخيرة، وهو ما أرجعه الحسين. ب، أحد سكان منطقة ويركان، إلى «الإجهاد المائي وفترة الجفاف التي بدأت تشهدها المنطقة»، موضحا أنه تم تسجيل «ارتفاع مستوى مياه البحيرة في الأيام الأخيرة، وهو الأمر الذي يرتبط بالهزة الأرضية التي ضربت المنطقة».

في السياق ذاته، أشار الحسين إلى أن «مياه البحيرة تقل في هذه الفترة من السنة بعد فصل الصيف الذي يكون حارا، ويتحسن مستوى المياه فيها خلال فصل الربيع بسبب ذوبان الثلوج في قمم الجبال المحيطة، حيث تنتعش برافدي وادي النفيس وواد أزادن، غير أننا لم يسبق أن سجلنا ارتفاع مستوى مياه البحيرة خلال هذه الفترة»، مبرزا أن «هذا الأمر خلف ارتياحا لدى سكان المنطقة، لما تشكله البحيرة (السد) من مصدر مياه للدواوير المحيطة بها، وانتعاشها يعني انتعاش الموسم الفلاحي»، يقول الحسين.

مختصرات الزلزال 4

 

إشادة أمريكية بالنجاعة المغربية

تلقى الملك محمد السادس، يوم أمس، اتصالا هاتفيا من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جو بايدن. و«خلال هذا الاتصال، أعرب الرئيس الأمريكي، للملك وللشعب المغربي، عن تعازيه الشخصية، وكذا تعازي الشعب والحكومة الأمريكيتين، وذلك في أعقاب الزلزال المؤلم الذي ضرب عددا من أقاليم المملكة».

وأشاد الرئيس بايدن، بهذه المناسبة، بسرعة ونجاعة تدبير تداعيات هذه الكارثة الطبيعية الكبرى، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.

كما أعرب الرئيس الأمريكي، في الاتصال ذاته، عن استعداد الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم المساعدة والدعم الضروريين للمملكة بناء على احتياجات محددة من طرف السلطات المغربية، كما هي مدرجة في إطار مخطط العمل متعدد الجوانب الذي اعتمدته المملكة لمواجهة هذه المأساة.

إحصاء المنازل المتضررة

أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أول أمس الاثنين، عن تفعيل لجان تقنية لحصر المنازل التي انهارت كليا أو بشكل جزئي بسبب الزلزال، تمهيدا لمساعدة أصحابها.

جاء ذلك، في تصريح لرئيس الحكومة للصحافة عقب الاجتماع الثالث للجنة الوزارية المكلفة، بوضع برنامج استعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة من الزلزال.

كان الديوان الملكي أعلن أن 50 ألف مسكن انهار كليا أو جزئيا إثر الزلزال، لافتا إلى استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.

وأوضح أخنوش، أن الحكومة بصدد اعتماد الآليات الكفيلة بجعل عملية إعادة بناء المنازل المدمرة بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز، تمر في ظروف نموذجية.

 

تنويه من صندوق النقد الدولي

نوهت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جيورجييفا، أول أمس الاثنين بنيويورك، بالتدابير التي اتخذها المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، على إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز.

وقالت جيورجييفا، في حديث «لقد عملت مفوضة إنسانية ومكلفة بالتصدي للأزمات، لمدة خمس سنوات، ووقفت في مناسبات عدة، على أنه بإمكان الأمة تجاوز التحديات الأكثر مأساوية إذا ما كانت متحدة. وهو الأمر الذي يقوم به المغرب بقيادة جلالة الملك».

وأضافت رئيسة المؤسسة المالية الدولية أنه «من المهم جدا، أن يتحد البلد في وقت الأزمة»، وأن يظهر حس التضامن، كما أشادت ، من جهة أخرى، بكرم وسخاء جميع المغاربة الذين أبانوا عن روح تضامنية مشهودة من أجل مساعدة الأشخاص المتضررين من الزلزال.

ثلاثة أسئلة

 توفيق المرابط *: “حركة القشرة الأرضية وراء انفجار أعين الماء”

 

ما هو التفسير العلمي لظهور ينابيع ماء بعد زلزال منطقة الحوز؟

كما نعلم فالزلزال هو نتيجة ضغط في القشرة الأرضية، وهذا الضغط يؤثر أيضا على الفرشات المائية الموجودة داخل القشرة الأرضية، وعندما يحدث الزلزال نجد أن مجموعة من الفوالق والصدوع في القشرة تتحرك، وبالتالي فالزلزال بقوة 7 درجات يعطي قوة تحرك للقشرة الأرضية على مساحة صدع تصل إلى 1000 كيلومتر مربع في باطن الأرض على عمق يصل إلى 20 كيلومترا، وعلى هذه المساحة يقع تزحزح قد يصل إلى متر ونصف المتر، وهذا هو المعدل للحركة الفعلية للصخور. وهذه الحركة للقشرة الأرضية لا تقتصر فقط على الصخور الأرضية الباطنية، وإنما أيضا الفرشات المائية، وعلى اعتبار أن هذه الفرشات المائية تتوفر لها بعض نقاط الالتقاء بالسطح والتي هي عبارة عن ينابيع وآبار، فحركتها هذه تضعها في وضع جديد، فبهذا التحرك قد تنغلق بعض نقاط الالتقاء، وبالتالي ينعدم الماء في تلك الآبار والعيون، ونقول إن “الما هرب”، فيما قد تنفتح وتستحدث نقاط جديدة بسبب هذه الحركة، فتخرج الفرشة المائية إلى السطح، عن طريق عيون جديدة أو غزارة المياه في الينابيع الموجودة سلفا، كما أن الآبار قد يعلو مستوى المياه فيها، كما قد ينخفض، فيمكن أن ينتج عن حركة الفرشة المائية الباطنية جفاف البئر أو العكس في ارتفاع مستوى المياه فيه بشكل ملحوظ، وبالتالي فظهور هذه الينابيع وهو الأمر الذي تم تسجيله في منطقة الحوز وأيضا تارودانت، هو أمر طبيعي، وقد ينتج عن الهزات الأرضية التي تكون بهذه القوة.

 

 

  • ما مدى صحة أن هذه الهزة الأرضية قد رفعت سطح الأرض بـ20 سنتيمترا؟

فعلا هذا الأمر صحيح ووارد جدا عند حدوث الزلازل، على اعتبار أن التقنية التي تم استعمالها لقياس هذا التغيير هي تقنية دقيقة، وتتاح للمراكز الرصد، حيث تنبني على صور رادار يتم التقاطها من خلال الأقمار الصناعية، وتحصل عليها المراكز المعنية عبر اتفاقية أو من خلال شرائها (الصور)، حيث إن هذه الصور تكون بدقة حسابية عالية جدا، على اعتبار أن هذه الأقمار الصناعية تقوم بشكل مستمر بمسح دائم لسطح الكرة الأرضية، ومن الطبيعي أن هذه الأقمار الصناعية قد التقطت صورا دقيقة لمنطقة الحوز كما لباقي مناطق العالم، قبل الزلزال، ثم مباشرة بعده، وبعد دراسة ومقارنة هذه الصور التي كما أشرت تكون بدقة عالية، حيث إن كل نقطة في الأرض هناك قياس لمعدل ارتفاعها على سطح البحر، وبالتالي فالصور الثانية التي تم أخذها بعد الزلزال تظهر كمية التغيير الذي حصل بالمقارنة مع قبل الزلزال، وانطلاقا من هذه المعطيات يمكن الحديث عن الأرقام التي أشرت إليها بخصوص ارتفاع سطح الأرض.

 

  • هل للهزة الأرضية القوية تأثير على المناخ في المنطقة المعنية؟

لا يمكن الحديث عن تأثير مباشر وبهذه السرعة للزلزال على المناخ، هذا الأمر مستحيل ولا يمكن الربط بين الطرفين، حيث إن حركة الزلزال واضحة، وتأثيره ضعيف على المناخ، ولكن عموما وبالنسبة إلى عمر الأرض، والحديث هنا عن آلاف السنين، فإن المناخ يتشكل من التيارات الهوائية المرتبطة بالتضاريس، حيث إن الضغط المرتفع أو الضغط المنخفض للهواء وما ينتج عنه من تيارات، يكون مرتبطا بالأساس بالتضاريس، وهي المتشكلة من الجبال والسهول والبحار، فالمناطق التي تكون فيها جبال يختلف مناخها عن التي تكون فيها السهول وغيرها، وهذه الجبال قد تشكلت جراء الملايين من الزلازل التي حدثت منذ عصور وعصور، وإن كان الأمر كذلك، فيمكن القول إن الزلازل كان لها تأثير على المناخ، غير أنه ليس آني ولا مباشر كما يمكن أن يعتقد البعض.

 

*أستاذ في الجيولوجيا بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى