عيد بقرار ملكي
أعلن بلاغ للديوان الملكي بأن الملك محمد السادس أمر بإقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. في الحقيقة أن هذا البلاغ يتجاوز الجانب الشكلي والبروتوكولي المتمثل في الاحتفاء بيوم للأمازيغية، بل يمتد للتأكيد من طرف أعلى سلطة في البلاد على أن الأمازيغية أعمق من أن تكون مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها، بل تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، فهي ملك لكل المغاربة بدون استثناء.
إن القرار الذي اتخذه الملك لا يرمي فقط إلى استقراء تاريخنا العميق والمصالحة معه، إنه بالأحرى تجسيد لقوة مغرب المستقبل، مغرب التعايش والتضامن والتلاحم بين كل روافده وثقافاته وثوابته المتعددة المظاهر.
وبهذا يلقن الملك محمد السادس مرة أخرى وباسم المؤسسة الملكية، الدرس لجميع الفعاليات السياسية والمدنية التي تسير دواليب الدولة المغربية، سواء تلك التي تُزايد بالملف الأمازيغي لتكسب السياسي والانتخابي، أو تلك التي لا ترى أن الأمازيغية يمكن أن ترقى إلى مكون أساسي للهوية الوطنية، وتفعل ما تشاء في الخفاء والعلن لتعطيل تنزيل الأمازيغية في كل مناحي الحياة العامة، حيث برهنت الملكية بالفعل أنها الضامن للحقوق الثقافية لكل المغاربة، كما هي الضامن للسيادة والاستقرار للوطن.
والمهم في القرار الملكي أنه يلزم الفاعل الحكومي والتشريعي والقضائي، بتوجيه بوصلته نحو مزيد من تعميق الإصلاح المرتبط بالأمازيغية على مستوى الحياة العامة داخل المحاكم والمدارس والمستشفيات والإدارات العمومية، بعد أكثر من عشر سنوات من الهدر والتردد.
وما هو مفهوم من قرار الملك محمد السادس، أنه منذ اليوم لا مجال للتقصير في هذا الورش الوطني، بعدما عجزت المؤسسات الرسمية والسياسية والثقافية عن تناول هذا الملف الشائك، والذي ترى من خلاله كل الخطر الذي قد يزعزع شرعيتها، وبالتالي تعمل على مواجهته بالتهميش وبتناول ملفات أخرى تكرس بها سياسة الإقصاء.
لذلك فقد وضع الملك محمد السادس لبنة أخرى في بناء هوية الدولة المغربية، وهذا ليس بغريب عن ملك المبادرات والإنجازات، الذي جعل البلد يسير على درب الحداثة والتنمية والديمقراطية بشكل لا رجعة فيه.