سهيلة التاور
عدد كبير من المسؤولين والمشاهير والوجوه المعروفة يقعون في فخ تسريبات البريد الإلكتروني الخاص أو غيره من منصات التواصل. هذا ما حدث مع هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديموقراطي لسنة 2016 ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة. فبعد أن تم تسريب جزء من الرسائل ووضعها رهن إشارة الجميع للاطلاع عليها، لم يقفل الملف، وها هو ترامب يعود ليفتحه في توقيت مناسب جدا له لزيادة فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة الشهر القادم.
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه رفع السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الاتحادية في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016. وأضاف أنه سمح برفع السرية أيضا عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات حول استخدام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بريدها الشخصي (غير الآمن) في مراسلات حكومية.
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر «لقد أذنت برفع السرية تماما عن جميع الوثائق المتعلقة بأكبر جريمة سياسية في التاريخ الأمريكي، خدعة روسيا، وبالمثل، فضيحة البريد الإلكتروني الخاص بهيلاري كلينتون. لا تنقيح»!
وتأتي هذه الخطوة بعد أن صعّدت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، الثلاثاء، تحذيراتها من تهديدات خارجية لأمن الانتخابات الرئاسية القادمة، رغم غياب الأدلة على ذلك.
وفي تقرير مؤلف من 26 صفحة بعنوان «تقييم التهديدات الداخلية»، زعمت وزارة الأمن الداخلي أنه من المرجّح أن تكون روسيا هي عنصر التأثير السري الرئيسي المرجح والجهة التي تبث معلومات مغلوطة ومضللة داخل البلاد.
وادعت الوزارة أنها توصلت في تقييمها إلى أن هدف موسكو الرئيسي هو تعزيز وضعها ونفوذها العالميين، بإضعاف الولايات المتحدة -داخليا وخارجيا- من خلال جهود لبث الشقاق والتشتيت وتشكيل الشعور العام وتقويض الثقة في المؤسسات والعمليات الديمقراطية الغربية.
وفي السياق ذاته، تعهد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بنشر رسائل البريد الإلكتروني المثيرة للجدل التي تعود للديمقراطية هيلاري كلينتون، وهي رسائل يقول المعسكر الرئاسي إنها ستُثبت أنه ينبغي محاكمتها.
ووجّه الرئيس دونالد ترامب، الخميس، انتقادات نادرة لاثنين من أقرب مساعديه هما بومبيو والمدعي العام وزير العدل بيل بار، قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية.
وفي مقابلة هاتفية مع «فوكس بيزنس»، طالب ترامب، الذي اضطر لتعليق حملته الانتخابية بسبب إصابته بكوفيد-19، بأن يتخذ الوزيران إجراءات في ما يخص إدارة سلفه باراك أوباما.
وقال ترامب إن على بومبيو أن يجد وسيلة لنشر رسائل إلكترونية من هيلاري كلينتون، مرشحة الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2016، وهو ما يطالب به نشطاء الجمهوريين الذين ينتقدون استخدامها خادما خاصا عندما كانت وزيرة للخارجية.
وقال ترامب إن الرسائل الإلكترونية في وزارة الخارجية لكن بومبيو لم يتمكن من إخراجها، وهو «أمر محزن جدا في الحقيقة».
فضيحة الرسائل المسربة
استخدمت كلينتون، المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، خادما خاصا لبريدها الإلكتروني بمنزلها في نيويورك للتعامل مع رسائل وزارة الخارجية.
وسلّمت ما يقارب 55 ألف رسالة لمسؤولين أمريكيين يحققون في الأمر، لكنها لم تسلم 30 ألف رسالة أخرى، قالت إنها شخصية ولا تتعلق بالعمل.
واتخذت وزارة الخارجية وإدارة الأرشيف الوطنية في العام 2016 خطوات لاستعادة رسائل البريد الإلكتروني، لكنهما لم تطلبا من وزير العدل القيام بتحرك لفرض ذلك، فيما رفعت جماعتان محافظتان دعاوى قانونية لإجبارهما على ذلك.
وفي أكتوبر 2016، حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، على مذكرة للبدء في مراجعة أعداد هائلة من الرسائل التي تم العثور عليها في جهاز محمول يعود لأحد كبار مساعدي كلينتون، هوما عابدين، وزوجها أنتوني وينر.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» وقتها إن عدد الرسائل يصل لنحو 650 ألف رسالة، لكن من المستبعد أن تكون جميعها ذات صلة بالتحقيق حول كلينتون.
وجاء هذا بعد أن كشف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي بأنه سيحقق في مزيد من الرسائل المتعلقة بكلينتون لتحديد مدى تضمنها معلومات سرية، بالإضافة إلى مراجعة التحقيق الذي انتهى في يوليوز 2016.
وذكر كومي، في رسالة بعثها إلى عدد من رؤساء اللجان الجمهوريين بمجلس النواب، إن «مكتب التحقيقات على علم بوجود رسائل بريد إلكتروني يبدو أنها وثيقة الصلة بالتحقيق. وقد أعطيت موافقتي لكي يتخذ المكتب إجراءات تحقيق مناسبة للسماح للمحققين بفحص هذه الرسائل الإلكترونية وتحديد ما إذا كانت تتضمن معلومات سرية».
في التوقيت المناسب
مراقبون يرون أن إثارة أرشيف هيلاري كلينتون في هذا الوقت بالذات جاء لاستعادة التوازن في حظوظ الانتخابات الوشيكة. فبعد أن أبدى الرئيس ترامب استياءه من تأخر إدارته في نشر ما يقرب من 33 ألف رسالة إلكترونية خاصة بهيلاري كلينتون، حرك وزير الخارجية الأمريكي بومبيو القضية من جديد رغم أنها كانت متروكة منذ أربع سنوات، وتعهد بومبيو بأن يفرج عن هذه الرسائل عشية الانتخابات ليطلع الجمهور الأمريكي على فحوى هذه الرسائل.
ويقول المراقبون إن النبش في هذه القضية من جديد في هذا التوقيت بالذات يأتي من أجل استعادة حظوظ ترامب للانتخابات الرئاسية الوشيكة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية تراجعه الملحوظ أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وتكتسب هذه الرسائل الإلكترونية التي كانت محور نقاش حاد في الحملة الانتخابية السابقة، أهمية خاصة لأن مرشح الحزب الديمقراطي كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي أوباما، بينما كانت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة في الفترة الأولى من رئاسة أوباما.
وتوقعت صحيفة «نيويورك تايمز» أن يحدث نشر هذه الرسائل كثيرا من الإرباك في الشارع الأمريكي في الوقت الذي يحاول المدعي العام الأمريكي تفادي مثل هذا الإجراء رغم الضغوطات التي يمارسها عليه البيت الأبيض ليتيح نشر الرسائل.
ولعل رسائل هيلاري كلينتون، التي عادت مجددا إلى واجهة التجاذبات بين الجمهوريين والديمقراطيين، ستظل قائمة لغاية يوم الانتخابات الأمريكية المقررة يوم الثالث من شهر نونبر القادم.
شجاعة السعودية
في خطوة لكشف المؤامرات التي تحاك ضد المنطقة العربية، لإثارة الفوضى والإرهاب، والتدخل في الشؤون الداخلية للدولة العربية، سربت وزارة الخارجية الأمريكية عددًا من رسائل البريد الإلكتروني السرية، لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، أثناء ولاية الرئيس السابق باراك أوباما.
وكشفت الرسائل التي كانت ترسلها هيلاري كلينتون، أو تتلقى الردود عليها، أنها تناقش العديد من الأمور السياسية المهمة التي كانت طي الكتمان، بينها العديد من الخفايا، والأسرار والمؤامرات، مؤكدة بعض الإيميلات المتداولة عن السعودية.
وكشفت الرسائل عن رسالة من سفير أمريكي سابق في السعودية موجهة إلى كلينتون حول طبيعة المملكة وشعبها، قال فيها: «إن السعودية هي المجتمع الوحيد على هذا الكوكب الذي لم يخترقه الاستعمار الغربي ولم تحتله أي جيوش أوروبية، وعندما وصل الغرب أخيراً إلى السعودية لم يجدوا أنفسهم كمحتلين بل عمالة مستأجرة بمقابل». وأضاف في الرسالة: «على عكس بعض الدول الأخرى في الخليج، استثمرت المملكة ثروتها النفطية في الداخل، وليس في الخارج، ورغم ذلك كانت المملكة سخية بالمساعدات الخارجية وفي وقت من الأوقات كانت تتبرع بـ 6% من الناتج القومي لمساعدة الدول الأخرى، خاصة المسلمة».
لكن “إيميل” آخر أكد أن مواقف السعودية شجاعة، وتقف مع الحق في الدفاع عن الدول العربية، وذكرت هيلاري كلينتون قصة إغلاق الأمير سعود الفيصل الهاتف في وجهها بعد أن اتصلت به غاضبة بشدة من دخول قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين عام 2011 إثر حدوث أعمال شغب من جماعات متطرفة.
وتضمن «الإيميل» تأكيدها أن السعوديين لم يعودوا يثقون في الولايات المتحدة الأمريكية لحماية مصالحهم؛ خصوصًا بعد غزو القوات الأمريكية للعراق عام 2002 الذي كانوا يرفضونه بشدة.
مطبخ الربيع العربي
المثير للاهتمام أن هيلاري كلينتون طلبت في أحد إيميلاتها تمويل ما سمي بـ«الربيع العربي»، عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون سنة 2011 لإدخال الشرق الأوسط في أعمال عنف وإرهاب وعدم استقرار لأهداف سياسية معينة، وقبول مؤسسة كلينتون هدية قيمتها مليون دولار أثناء عملها وزيرة للخارجية الأمريكية دون إخطار وزارة الخارجية حتى على الرغم من تعهدها بالسماح بمراجعة التبرعات الجديدة من الحكومات الأجنبية.
وتمكن أحد الإيميلات من إزاحة الستار عن طلب هيلاري إنشاء مؤسسة إعلامية مشتركة مع جماعة «الإخوان» المسلمين بقيمة 100 مليون دولار لها علاقة بأعمال ومخططات إرهابية، خاصة بعد وصول الجماعة إلى الحكم في مصر. وذلك تحت إدارة وضاح خنفر ورئيس تحريرها أحمد منصور، لتكون شبيهة بشبكة صوت أمريكا الوكالة.
تورط عملاء من الـ FBI
كشفت وثائق أُفرِج عنها أخيراً عن رسائل نصية جديدة صادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تفيد بأن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي المشاركين في التحقيق في حملة ترامب لعام 2016 اشتروا تأمينًا مهنيًا للمسؤولية، خوفًا من الكشف عنها ومقاضاتهم.
ولعل المفارقة تكمن في أنه عادة ما يتم شراء هذا التأمين للمهنيين في حال حدوث أخطاء كارثية تدعو للمحاسبة والتعويض.
وكانت الرسائل النصية، التي كشفت عنها صحيفة The Federalist جزءاً من مجموعة جديدة من الوثائق التي تم الإفراج عنها، والتي تعتبر دليلاً على براءة مستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين. وتم الكشف عن تلك الأدلة بعد مراجعة القضية من قبل المدعي العام، جيفري جنسن، بأمر من المدعي العام الأمريكي، وليام بار.
وفي إحدى الرسائل تكهن أحد العملاء بأنهم سيكونون «فاسدين» عندما يبدأ المدعي العام الجديد في طرح أسئلة حول التحقيق، وربما بعد تسريبات إلى نيويورك تايمز أو وسائل إعلام أخرى. وكانت إحدى الرسائل المؤرخة في 10 يناير 2017 ، تقول «ذهبنا جميعًا واشترينا تأمين المسؤولية المهنية»، كما ناقشت رسائل أخرى شروط سداد هذا التأمين.
وأشار التقرير أيضاً إلى رسائل نصية أفادت بأن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي اعتقدوا أن بعض المسؤولين في المكتب منحازون لصالح وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، خلال انتخابات عام 2016.
إلى ذلك، تطرقت رسائل نصية أخرى إلى إبقاء عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) القضية مفتوحة عمداً، على الرغم من عدم العثور على دليل ضد فلين.
وفي إحدى المراسلات، بدا أن الوكلاء يعلقون على إيجاز في المكتب البيضاوي في 5 يناير 2017، بحضور الرئيس آنذاك، باراك أوباما، ونائب الرئيس جو بايدن، والعديد من كبار مسؤولي إنفاذ القانون والاستخبارات.
يشار إلى أن فلين كان قد اعترف سابقًا بالذنب في الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكنه سحب اعترافه بعد ظهور المزيد من أدلة البراءة..، لكن القاضي إيميت سوليفان قاوم هذا الطلب، وقاتل في المحكمة لإبقاء القضية مفتوحة.