عقدة الفرنسية
لم يجد سعد الدين العثماني حرجا من الحديث باللغة الفرنسية في حوار صحافي، رغم أن رئيس الحكومة سبق له أن حث وزراءه على الحديث باللغة العربية في الأنشطة التي يحضرونها بصفاتهم الرسمية.
كنا سنغض الطرف عن هذا الأمر لو أن العثماني يملك لسانا فرنسيا فصيحا ويتحدث لغة موليير بشكل أنيق ومقنع، لكن أن يتحول رئيس الحكومة المغربية الذي لا يمثل نفسه أو حزبه بل يمثل كل المغاربة تتابعه الأعين الدولية، إلى مادة دسمة للسخرية السوداء بسبب الأخطاء الفادحة اللافتة للأنظار، فذلك ما لا يمكننا السكوت عنه.
لنقلب المشهد ونتصور أن رئيس حكومة فرنسا يفضّل المشاركة في نشاط بقبعته الرسمية ويختار التحدث بلغة عربية ركيكة وغير مفهومة، كيف ستكون الضجة داخل الإعلام الفرنسي؟ طبعا سيجد نفسه وسط عاصفة من النقد اللاذع في كل وسائل الإعلام، وستنهال عليه سهام السخرية والجلد والتقريع من كل جانب، وربما قد يرتفع حجم المطالب إلى حد دعوته إلى تقديم اعتذار أو استقالته لاحتقاره وإهانته اللغة الرسمية وعدم إتقان اللغة التي حاول الحديث بها.
المؤكد أن لا شيء من هذا السيناريو سيحدث مع زلة رئيس الحكومة الذي سبق وأن اعتدى بشكل بشع على لغة شكسبير في أحد التصريحات الصحفية جلب عليه وابلا من السخرية دون أن يكلف أحد من المعارضة نفسه تحويل اعتداء الوزراء المستمر على اللغات الأجنبية واحتقارهم للغتهم الرسمية، موضوعا للسجال السياسي.
ينبغي أن يفهم رئيس حكومتنا أن زمن التباهي بالفرنسية قد ولى، وأن محاولاته الفاشلة للتحدث بلسان موليير وشكسبير تعكس عقدة الشعور بالدونية التي تجعله يبحث عن الظهور ليشعر الآخرين بأنه رجل دولة مميز وناجح رغم الفشل الذريع الذي يصاحب تدبير حكومته.
على رئيس الحكومة أن يدرك أنه رجل دولة مطوق بالدستور الذي جعل من العربية والأمازيغية لغتين رسميتين للدولة المغربية، وأنه مفروض عليه أن يخاطب المغاربة بهما أو على الأقل استعمال الدارجة التي يفهمها العامة والخاصة. ومادام العثماني لم يحسم في لغة تواصله الإعلامي فسيظل يخبط خبط عشواء ويرتكب بسذاجته القاتلة الكثير من الحوادث التي ستجعل منه مثار سخرية من الجميع.