تعتبر معالجة ملف عشوائية الأسواق من أهم مداخل تجويد الخدمات العمومية والمساهمة في التنمية السياحية، غير أنه يتم تجاهل ذلك من قبل المجالس الجماعية المتعاقبة، كما باءت جل محاولات الهيكلة بالفشل الذريع، وضياع الملايير من المال العام والميزانيات المرصودة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كنتيجة لسوء التدبير والاستغلال الانتخابوي وصراعات الجمعيات والنقابات، التي تنصب نفسها ممثلة للتجار.
الكل يشاهد كيف تم صرف الملايير على بناء أسواق ومراكز تجارية من قبل المجالس الجماعية، لتحقيق هدف تحرير وتنظيم الملك العام، وهيكلة التجارة العشوائية التي تتسبب في غلق الشوارع الرئيسية، وإرباك حركة السير، وتهديد سلامة المارة وتشويه المنظر العام، غير أن الأهداف بقيت معلقة، نتيجة غياب استراتيجية واضحة والدراسات القبلية لتشجيع التحاق الباعة المتجولين بالأسواق، وتفادي عودتهم لاحتلال الملك العام.
هناك العديد من الباعة بالتجوال الذين استفادوا من محلات بالأسواق كبديل عن احتلالهم الملك العام بشكل عشوائي، لكن بمجرد حصولهم على الوثائق التي تخولهم الاستفادة القانونية، قاموا بتفويت المحلات في ظروف غامضة لأشخاص آخرين باعتماد وثائق تصحيح الإمضاء فقط، وعادوا مجددا إلى أماكنهم بالشوارع والأزقة، ما يتطلب فتح تحقيقات موسعة في كافة ملفات فشل الأسواق على المستوى الوطني.
ويتواصل جدل لوائح المستفيدين من المحلات التجارية بالأسواق، حيث وصلت ملفات إلى مكاتب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كما هو الشأن بالنسبة إلى مدينة سلا، كما تحولت العديد من الأسواق إلى أماكن مهجورة ومأوى للمتشردين، ناهيك عن الأسواق القصديرية أو القديمة التي أصبحت تتطلب الهدم والهيكلة، تماشيا مع التطور التجاري، وانفتاح المغرب على الأسواق العالمية، واستضافة تظاهرات عالمية وقارية.
لا يجب نسيان فوضى أسواق السمك والخضر والفواكه والجزارة وغيرها من التجارة المرتبطة بالمواد الاستهلاكية، حيث تطالع الداخل إليها روائح عطنة، وانعدام أدنى معايير النظافة والصحة والسلامة، ما يستلزم محاسبة رؤساء الجماعات الترابية المعنية الذين يتباكون على مزيد من الاختصاصات ويهملون المسؤوليات المخولة إليهم، وفق القانون التنظيمي للجماعات الترابية 14. 113.