شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

طبيعة المواجهة المحتملة

طارق فهمي

 

على الرغم من كل التأكيدات الغربية بأن الرئيس الروسي بوتين، لن يعمد إلى استخدام السلاح النووي في حربه الراهنة في أوكرانيا، إلا أن متابعة ما يجري داخل روسيا والتفاعلات التي تجري داخل المؤسسة العسكرية، تشير إلى ضغوط يتعرض لها الرئيس الروسي بوتين من القوميين الروس، ومن قادة المؤسسة التي تدير الحرب، والتي ترى أن العقيدة العسكرية الروسية تتضمن استخدامات تكتيكية للسلاح النووي عند الضرورة دفاعا عن الأمن القومي الروسي. الجانب الروسي يسعى إلى تحقيق أهدافه الكبرى ليس في منطقة الفضاء الروسي الكبير، والممتد بعد ضم المناطق الأوكرانية، وإنما للسيطرة على مزيد من المساحات في مناطق التماس، وسيدفع لتطوير بنية المواجهة والانتقال من التكتيكي إلى الاستراتيجي في إطار مقاربة عسكرية جديدة، وفي مواجهة مستجدة مع دول حلف «الناتو»، خاصة بعد أن رفض الحلف والولايات المتحدة انضمام أوكرانيا، مما بعث برسائل متنوعة في اتجاهات عدة، وإن كانت الرسالة قد وصلت إلى الجانب الروسي.

ويتزامن هذا المشهد مع تخوفات أمريكية من انفلات الأوضاع بجنوب شرق آسيا، وتنامي صراعات كامنة من جديد، وهو ما برز في رد الفعل الأمريكي على سلوك كوريا الشمالية، أخيرا، وتصعيدها في توقيت له دلالاته، مما قد يفجر الأوضاع بصورة كبيرة، ويزيد من حدة المواجهات لتشمل الصين واليابان، وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

التلويح باستخدام النووي تزامن معه أيضا التأكيد الدبلوماسي بأن روسيا لا تزال ملتزمة ببيان الدول الخمس النووية بعدم جواز شن حرب نووية، وإنْ كان السلوك الروسي يمضي في سياقات مختلفة، فهناك بالفعل تحركات روسية بتوظيف النووي لأغراض سياسية ودبلوماسية، خاصة مع تواتر الأنباء عن إجراء روسيا مناورات نووية في البحر الأسود على مقربة من أوكرانيا.

روسيا ترغب في تذكير دول «الناتو» والولايات المتحدة بدورها دولة كبرى، وأن الأمر يتجاوز ما هو قائم من مقارنات قد لا تعمل في الوقت الراهن لصالح روسيا اقتصاديا، ومن ثم فإن التلويح بالنووي قد يركز على عمل بسيط موجه لتحريك المشهد العسكري، وبهدف الانتقال من التهديد الحالي للردع الاستباقي، وبهدف تحقيق بعض المكاسب العليا، ويعلي من سجال روسي بين تيار يحاول إدارة الأزمة، وعدم التصعيد برغم التسليم بأن روسيا تمتلك أسلحة تكتيكية وبين تيار يدعو علانية لاستهداف منشأة، أو قاعدة إمداد أوكرانية لتوصيل الرسالة النووية، أي أن الخيار البديل قائم بالفعل.

وفي حال عدم التجاوب الغربي، فمن المتوقع أن تنتقل روسيا إلى استئناف سياسة إجراء التجارب النووية، وانتهاك اتفاقيات حظر التجارب النووية، بما تمثله من أهمية كبرى لاستقرار النظام الأمني الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى