شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

ضمير مستتر

 

حسن البصري

 

يعاني المتقاضون من إكراهات تنفيذ الأحكام ويقضون سنوات في انتظار تحويل قرار صادر عن المحكمة إلى فعل، لأن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء، وكل عطل في تنزيلها يؤثر على مصداقية الأحكام وثقة المواطنين في الجهاز القضائي.

لا أحد ينكر أن تنفيذ الأحكام القضائية يعد الوجه الحقيقي للعدالة والضمانة الأساسية للمتقاضين، لأنه لا جدوى من أحكام تنتهي بحبر على الورق.

أصدرت وزارة الشباب والرياضة في صيغتها القديمة عددا من القرارات الزجرية، بناء على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وأعلنت توقيف بعض رؤساء الجامعات عن التسيير وأشهرت قانون اللجن المؤقتة، لكن هؤلاء الرؤساء ما زالوا يمارسون نشاطهم، ووحدهم وزراء الرياضة الذين غادروا الواحد تلو الآخر، وظلت دار لقمان على حالها.. بل إن لقمان نفسه احتفظ بجميع صلاحيته ومقوماته كمومياء فرعونية محنطة.

من مشاهد العبث الجاثم على الكرة المغربية، صدور أحكام عن الهيئات الزجرية والتأديبية ومع مرور الأيام تصبح في خبر كان، حينها يضرب المتتبعون لشأن الكرة كفا بكف فيتسلل الشك إلى دواخلهم ويجزمون بوجود «إن وأخواتها» بيننا.

أصدرت لجنة الأخلاقيات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قرارا يقضي بتوقيف رئيس الاتحاد الرياضي البيضاوي، «عن ممارسة أي نشاط كروي لمدة سنة نافذة مع تغريمه»، بسبب تلاعبات في نتائج المباريات، واستنفذت القضية مراحل التقاضي حين زكت لجنة الاستئناف قرار «الأخلاقيات»، وتبين أن قرار التوقيف لا رجعة فيه.

لكن الرئيس الموقوف يبيع ويشتري اللاعبين وكأن الأحكام موقوفة التنفيذ، بل إنه لا يتردد في إبرام صفقات بصفته رئيسا كامل الأوصاف.

قال الرئيس الموقوف، في تصريح صحفي: «عطيت الكلمة للبدراوي بعدما ناقشت الصفقة مع المكتب المسير وتم الاتفاق على تفاصيلها، لن أبيع هذا اللاعب لأي فريق حتى ولو كان ليفربول».

ليس رئيس الطاس هو الوحيد الذي يملك القدرة على تعطيل مقرر زجري صادر عن هيئة رسمية منحها القانون حق الإشراف على الشأن الكروي. فهناك رؤساء آخرون حولوا أحكام التأديب والأخلاقيات إلى رصاص مطاطي.

صدر حكم في حق رئيس يوسفية برشيد ومنع من ممارسة أي نشاط كروي لمدة أربع سنوات، لكنه ظل يمارس مهامه ويبحث عن مسير بديل يتقن أداء دور الرئيس المعفى، ويقبل أن يكون فزاعة في حقول الكرة بأولاد حريز، والبحث ما زال جاريا و»الكاستينغ» يتطلب وقتا إضافيا.

ومن المشاهد الساخرة، في مسلسل تعطيل تنفيذ الأحكام، أن يتلقى رئيس موقوف دعوة حضور حفلات وورشات الجامعة، ويعامل في مدخل قاعة الحفل كما يعامل والد العريس في ليلة الزفاف.

ومن مشاهد العبث في كرتنا أن يعين رئيس فريق متخم بديون اللاعبين على رأس لجنة القوانين والأنظمة، ويمارس أعضاء العصبة الجهوية فاس مكناس مهامهم وكأن أحكام لجنة الأخلاقيات لا تعنيهم.

في كرة القدم وحدها، يمكنك أن تبرم الصفقات وتفاوض العملاء وتحضر الاجتماعات وأنت موقوف، حتى يخيل إليك بأن المسيرين النافذين يملكون من حيث لا ندري امتيازا يبيح لهم تعطيل الأحكام.

ولأن مال الكرة لا يعني قضاة مجالس الحسابات، فإن رئيسا أثقل فريقه بأحكام غرفة النزاعات وأتقن لعبة التسويف، أصبح، بقدرة قادر، عضوا في مجلس الحكماء، وفور تعيينه وقف في المنصة يقرأ خطابا بكلمات محشوة بحروف العلة.

ضرب بقبضته منصة الخطابة، وأعلن استعداده للقطع مع ازدواجية المناصب، ووسط عاصفة من التصفيق، عين ابنه في منصب الرئاسة واختار أن يكون وصيا على النادي وبرلمانيا بالتقادم.

نخشى أن يأتي يوم يشهر فيه أعضاء لجنة التأديب والأخلاقيات والاستئناف استقالتهم، وينصرفون إلى حال سبيلهم بعد أن ظلت أحكامهم معلقة على مشجب الوجاهة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى