شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

صنع في أولاد حريز

 

مقالات ذات صلة

حسن البصري

وراء فوز فريق تي بي مازيمبي الكونغولي بلقب كأس عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم سيدات، على حساب الفريق النسوي للجيش الملكي، مدربة مغربية ذات أصول حريزية.

انتزعت لمياء اللقب من قلب الجديدة، وعادت إلى عاصمة أولاد حريز، لتتقاسم متعة الإنجاز القاري الكبير مع أسرتها.

ولدت لمياء وفي يديها كرة، خرجت من الرحم لاعبة لكرة يمارسها الرجال، وحين اشتد عودها أعلنت التمرد على التقاليد الجاهزة في منطقة محافظة، وأعلنت نفسها لاعبة لكرة القدم.

لم تكن لمياء في طفولتها عاشقة للدمى، لم تتقاسم مع قريناتها اللعب النسائية في الحي، بل كانت هديتها المفضلة كرة تستكين إليها كلما عادت من المدرسة.

في عيد ميلادها السابع تجمع أفراد أسرتها حول كعكة، وغنوا «سنة حلوة يا لمياء»، سحبت الأم الهدية وقدمتها إلى ابنتها وكانت عبارة عن كرة القدم، فاحتضنتها بحرارة، وأقسمت أن تتقاسم اللعب مع الأولاد في الحي وملاعب المدينة.

كلما خطط أبناء الحي لإجراء مباراة طرقوا باب بيت بومهدي، ودعوا لمياء لمشاركتهم اللعبة، وطلبوا منها مدهم بالكرة.

بدعم من والدتها، انضمت لمياء وهي يافعة إلى فريق نسائي يمثل مدينة برشيد في منافسات بطولة في طور النشأة، وفي ظرف وجيز أصبحت لاعبة للمنتخب المغربي، فكبرت طموحاتها حين ضاق جسدها أمام حجم أحلامها، ولم تصمد أمام عروض احترافية في النرويج وإيطاليا، جاعلة من كرة القدم عالمها.

حين كانت تشق طريقها في عالم الاحتراف تعرضت لإصابة بالغة في قدمها، لم تنفع وصفات العلاج ولم يكن للمياء استعداد نفسي للانتظار في عيادات الترويض، فاختارت مهنة التدريب.

لم تعر هذه الفتاة الحريزية اهتماما لوصفات التجميل، ولم تكن زبونة لمحلات ترميم ما أفسد الدهر، لكنها اختارت الدرس والتحصيل في مجال علوم الرياضة، بأكبر معهد في لايبزيغ الألمانية.

عادت إلى المغرب لتشرف على تدريب الفريق النسوي للوداد، وأسندت إليها مهمة تدريب المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، وأصبح مركز كرة القدم بالمعمورة محرابها.

قال عنها الناخب الوطني السابق هيرفي رونار: «هذه الفتاة لديها كاريزما تؤهلها لتدريب منتخب للذكور». فاعتقدنا أنها مزحة من «الثعلب» الفرنسي.

في مارس 2023، ستتلقى لمياء مكالمة هاتفية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، تحمل عرضا لتدريب نادي تي بي مازيمبي للسيدات، لم تصمد كثيرا أمام جاذبية العرض، رغم قساوة المغامرة في مدينة لوبومباشي.

تلقت الضوء الأخضر من أسرتها ومن زوجها ومن أقرب الناصحين، وركبت المغامرة الإفريقية كأول مغربية تشرف على تدريب فريق إفريقي. ولأن التحدي الحريزي يسكنها، فقد وعدت بالقطع مع دور الكومبارس في بطولة كونغولية مليئة بالألغام.

يتذكر الكونغوليون فضل المغرب عليهم، منذ أن كانت بلادهم تحمل اسم الزائير، يذكر الراسخون في العلم التجريدة العسكرية التي أرسلها الحسن الثاني إلى هذا البلد، حين تقاتل أبناء الشعب الواحد، يذكرون لجوء زعيمهم موبوتو إلى المغرب، حين ضاق به الحال.

لذا كانت لمياء جندية في ملعب آخر، فقد أوفت بوعودها ونجحت في الظفر بلقب البطولة، وساهمت في إحداث «أكاديمية مسيشانا لكرة القدم»، للنهوض بمستوى اللاعبات الكونغوليات، وحين قالت لرئيس الفريق مويس كاتومبي: «سنصبح يوما بطلات لإفريقيا»، اعتقد أن مس الحلم قد ضرب هذه الفتاة المغربية، لكن الحلم تحول إلى حقيقة.

لمياء لحريزية مسكونة بالكرة، حين تزوجت بالمدرب حسن أجنوي، اختارا تخليد ليلة العمر في ملعب، وعلى امتداد حفل الزفاف كانت الكرة حاضرة كتميمة زواج مدرب بمدربة.

ستفتخر برشيد بابنتها لمياء، كما افتخرت بباموس والعماري والحطاب والعثماني وغيرهم من سفراء هذه الربوع، الذين قالت عنهم العيطة: «انتم يا أولاد احريز جدكم شريف عزيز يتساهل ذهب ولويز».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى