صبري الحو :«الدعوة الملكية لإحياء العلاقات جريئة وليس هناك مخاطب حقيقي بالجزائر»
الأخبار
ماهي خلفيات دعوة الملك محمد السادس الجزائر إلى تطبيع علاقتها مع المغرب وفتح باب الحوار؟
قد يكون هناك من يعتقد أن هذه الدعوة الملكية للجيران في الجزائر من أجل الحوار وتطبيع العلاقات، هي دعوة تحمل خلفيات من أجل محاولة استباق جولة المفاوضات في إطار الطاولة المستديرة التي ستحتضنها جنيف الشهر القادم تحت إشراف الأمم المتحدة. وقد يكون هناك من يقول إن ثمة خناقا اشتد على المغرب ويحاول فك هذا الخناق، لكني، شخصيا، أعتبر هذه الدعوة إقرارا رسميا بواقع العلاقات المغربية- الجزائرية، التي لم ترق إلى ما يجب أن تكون عليه. فهذا الجمود والانحسار يمثل أزمة قائمة، وبالتالي فإن دعوة جلالة الملك، من موقعه ممثلا أسمى للبلاد بمقتضى الدستور، تشكل مظهرا من مظاهر ممارسة السياسة الخارجية، ويمكن تصنيف هذه الدعوة بأنها مظهر من مظاهر ممارسة الملك للسياسة، بغض النظر عن الخلفيات والأسباب التي قد تكون دعت إلى هذه الخطوة وإلى هذه المبادرة، والتي هي مبادرة جريئة بالنظر إلى مآل دعوات جلالة الملك السابقة في إطار اليد الممدودة للجزائر، والتي لم تلق ردا ولا جوابا من الجزائر، وبالتالي، فإن إعادة أو تكرار هذه الدعوة هي أولا جرأة كبيرة من جلالة الملك الذي يحاول، أيضا، في إطار ممارسة هذه السياسة، إظهار أن الجزائر لا تتجاوب مع المغرب، وبالتالي، فإن هذه المبادرة المغربية يجب أن تلقى جوابا من الدولة الجزائرية. ونكيف هذه الدعوة على أنها مظهر من مظاهر ممارسة السياسة الخارجية لجلالة الملك، ومحاولة لكسر هذا الجمود انطلاقا من مبدأ أنه لا يمكن أن ننتظر أجوبة وحلولا دون أن نقوم بمبادرات ومحاولات، لأن المحاولات هي التي تعطي النتيجة، وهي التي تعطي الفعل ورد الفعل، وهي خطوة من أجل تحريك واقع جامد وواقع غير طبيعي.
هل من شأن الدعوة الملكية تحريك المياه الراكدة بين البلدين، قبل لقاء جنيف حول الصحراء؟
الآن، في إطار هذا الموضوع، يمكن الحديث عن الخلفيات السياسية التي تنطلي عليها مبادرة جلالة الملك، وهي جس نبض الموقف الجزائري، والآن الدولة الجزائرية محتارة، وإن كان المغرب يعرف الموقف الجزائري على اعتبار أنه كشف، في كثير من المناسبات، مرارا وتكرارا، كونها تدعم الحركة الانفصالية «البوليساريو»، وأيضا من خلال نعتها للمغرب بأنه «دولة تستعمر الصحراء»، وهو الموقف الجزائري الذي يحاول المغرب كشفه للعالم من خلال إحراج السلطة السياسية الحاكمة في الجزائر بالدعوة إلى تطبيع العلاقات، وأيضا من أجل أن يظهر أن الجزائر ليست دولة محايدة في ملف الصحراء، وبالتالي، فإن هذه المبادرة المغربية تنطوي، أيضا، على محاولة إسقاط القناع عن الموقف الجزائري الذي تعبر عنه، ومحاولة إظهاره على المستوى الدولي أنه غير محايد وليس متوازنا، بل له خلفيات، ومن ثم فإن الجزائر دولة وطرف رئيس في هذا النزاع خلافا لمحاولاتها التهرب الذي تقوم به في مواجهة التأكيدات المغربية بأن البوليساريو مجرد أداة في يد النظام الجزائري، وهذه هي الخلفية الأولى. أما الخلفية الثانية فهي محاولة خلق نقاش قبل مفاوضات جنيف، لأن السكوت في الملف قد يضر الأطراف، وبالتالي يجب خلق نقاش إلى نهاية دجنبر المقبل، بغية معرفة الموقف الجزائري في الملف قبل لقاء جنيف.
ما هو الرد المتوقع من الجزائر على المبادرة الملكية لإحياء العلاقات؟
التصريحات الأخيرة الصادرة عن أعلى سلطة في الجزائر، والتي نقلها مسؤولون دبلوماسيون أجانب، حيث تقول الرئاسة الجزائرية أن ليس هناك شهر عسل بيننا والمغرب، وهي عبارة تدل على عمق العداء وعمق الأزمة، ومن ثم، فإن الدعوة التي أطلقها جلالة الملك ستلقى حتما عدم تجاوب واضح، في ظل الصمت المطبق الذي مازالت تلتزمه السلطة السياسية الجزائرية، إذ إن الموقف الحالي الجزائري يدل على أن ليس هناك مخاطبا حقيقيا يمكن أن ننتظر منه جوابا الآن، وهناك أزمة سياسية خانقة وخطيرة، بل إن ثمة صمتا عاما وسكوتا يسبق العاصفة حتى من الأزمة الداخلية في الجزائر، وبالتالي ليس هناك شخص في الجزائر يمكن أن يتحمل المسؤولية لإعطاء رد على المبادرة التي وجهها الملك محمد السادس، ومن ثم فإن مصير المبادرة سيكون على غرار المحاولات السابقة التي قام بها جلالة الملك، ولن يكون من الرد الجزائري غير محاولة الهروب إلى الأمام، والجزائر ستختلق ذرائع لتجاوز الموضوع وعدم تقديم رد.