محمد اليوبي :
عقدت الجمعية المغربية لمنتجي اللحوم الحمراء، يوم الأربعاء الماضي، جمعا عاما استثنائيا وثلاثة جموعات عامة عادية، بسرعة قياسية في اليوم نفسه، توجت بانتخاب مصطفى الخولي رئيسا للجمعية خلفا للرئيس السابق، محمد كريمين، الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن «عكاشة» رفقة شريكه عزيز البدراوي، المدير العام لشركة «أوزون».
وحسب وثائق تتوفر عليها «الأخبار»، فإن رئيس الجمعية الجديد هو شريك كريمين والبدراوي في مشاريع استثمارية كانت سببا في عزل كريمين بسبب تضارب المصالح. وأفادت المصادر بأنه تم، خلال الجمع العام، إنزال جمعيات جديدة شاركت في التصويت على خليفة كريمين، كما استعان «حكام» الجمعية بـ«فيدورات» لمنع بعض الأعضاء من حضور الجمع العام، وممارسة الترهيب في حق أعضاء آخرين حضروا الاجتماع لكن تم حرمانهم من أخذ الكلمة تفاديا لإثارة الخروقات والاختلالات التي تعرفها الجمعية التي صرفت ميزانية بالملايير. ولهذا، تم الاحتفاظ بالأشخاص أنفسهم، الذين كانوا يشتغلون إلى جانب كريمين، للتغطية على تركته وفضائحه، بعضها موضوع تحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وقرر أعضاء بالمجلس الإداري اللجوء إلى القضاء للطعن في الجمع العام، بعد توثيق الخروقات التي شابته من طرف مفوض قضائي. وأوضح عضو المجلس، أقبوش النوري، أن نائب الرئيس السابق للجمعية قام بالتطاول على اختصاصات المجلس الإداري، بتوجيه دعوات لعقد هذه الجموعات بشكل انفرادي، دون مناقشة محاورها قبليا من طرف المجلس الإداري، ورغم مراسلات أعضاء الجمعية من أجل تصويب هذه الخروقات، إلا أن مجموعة من الأشخاص واصلوا مخططهم، الذي بدأ بعقد جمع عام استثنائي، في غياب ممثل وزارة الفلاحة، تم إغراقه بجمعيات جديدة، ومنها جمعيات توجد في وضعية غير قانونية. وأكد النوري أنه تم منع بعض منخرطي الجمعية من الدخول بوضع حراس أمن خاص على الباب، ليتم بعدها تمرير التقارير المالية والأدبية على عجل تحت تصفيقات المنخرطين الجدد الذين تم ضمهم للتو، والخطير في الأمر، يضيف عضو المجلس الإداري، أنه لم يتم توزيع التقارير المالية والأدبية، وهو ما يؤكد الشبهة بوجود فساد مالي وإداري كما سبق وأشار في رسالته إلى وزير الفلاحة.
وطعن النوري، من خلال رسالته، في قانونية هذه الجموعات العامة، مسجلا عدة خروقات، من بينها عدم إدراج أشغال الجموع العامة لسنوات 2017 و2018، و2019 و2020، بالنظر لعقد مجالس إدارية فقط دون انعقاد الجموع العامة لهذه السنوات، كما أن الأمر، حسب عضو المجلس، عقد مجلس إداري تحضيري للاطلاع على تفاصيل النقط المدرجة في جدول أعمال الجمع العام الاستثنائي، خصوصا أنها مرتبطة بتعديل بعض بنود القانون الأساسي، وكذلك المصادقة على انخراط جمعيات جديدة.
وتواصل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثها بخصوص شكاية معززة بالوثائق والأدلة توصلت بها النيابة العامة من مهندس سابق بالجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء، تفضح وجود تلاعبات خطيرة في مالية الجمعية. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الجمعية كانت تعتمد في مداخيلها، من جهة، على منحة سنوية لوزارة الفلاحة، والتي تندرج في إطار برنامج مخطط المغرب الأخضر، ومن جهة أخرى على مداخيل الخدمات التي تقدمها الجمعية، وبالخصوص مداخيل عمليات التلقيح الاصطناعي لفائدة الكسابة، لكن الوثائق، التي توصلت بها النيابة العامة، تؤكد أن مداخيل بملايين الدراهم لا يتم التصريح بها في التقارير المالية السنوية، حيث يتم التدليس والتلاعب بعمليات التسجيل المحاسباتية، كما أن هناك خدمات لا يتم التصريح بمداخيلها، رغم ضخامة مبالغها، والتي تتعدى ملايين الدراهم، ومنها مداخيل إعداد تقنيي الجمعية لملفات استفادة الكسابة من إعانة التهجين الاصطناعي.
وأفادت الشكاية بأنه، بعد مراجعة المداخيل المالية المستخلصة وتلك المصرح بها في ملفات وسجلات الجمعية، تبين أن هناك مبالغ غير مصرح بها، والمتعلقة فقط بالمداخيل التي كان يستخلصها التقنيون من الكسابة، دون الحديث عن باقي مداخيل الجمعية الأخرى، التي كانت تقوم بالعملية نفسها، واستمرت إلى ما بعد سنة 2016. وأكدت الشكاية أن جميع مداخيل تقنيي الجمعية كان يتم اختزالها بالتقارير المالية السنوية للجمعية من طرف المحاسبة وخبيرة الحسابات تحت بند «رقم معاملات التلقيح الاصطناعي»، وليس بشكل تفصيلي، مما يصعب معه معرفة وجودها من عدمه. وأشارت الشكاية إلى أن التقرير المالي الوحيد التي ذكرت فيه هذه المداخيل بتفصيل هو التقرير المتعلق بسنة 2015.
وأكد المهندس، الذي اشتغل بالجمعية، أنه لا يتم التصريح بجميع المداخيل، ومن بينها مداخيل إعداد ملفات الاستفادة من إعانة التهجين الصناعي، والتي يفوق حجمها لوحدها أزيد من 20 مليون درهم، وتم إنكارها من طرف بعض مسؤولي الجمعية. وأدلى المهندس المشتكي بنسخة من الوثائق الخاصة باستخلاصها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وكانت جريدة «الأخبار» فجرت في سنة 2019 فضيحة من العيار الثقيل، تتعلق بتسجيل اختلالات مالية خطيرة شابت عملية توزيع الدعم الموجه لإنتاج اللحوم الحمراء، حيث كان رئيس الجمعية المعنية يقوم بتحويل المال العام إلى نائبه في الجمعية نفسها. وحسب الوثائق والمعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الأمر يتعلق بملايين الدراهم التي خصصتها وزارة الفلاحة لدعم مربي المواشي كانت تحصل عليها جمعية متخصصة في تنمية اللحوم الحمراء التي يرأسها محمد كريمين، لكن عوض أن تذهب هذه الأموال للفلاحين ومربي الماشية، كان كريمين يقوم بتحويلها إلى الحساب الشخصي لنائبه في الجمعية، قبل تحويلها إلى الفلاحين المستفيدين من الدعم.