شبح الركود
ترأس رئيس الحكومة، أول أمس، الدورة الأولى للجنة الوطنية للاستثمارات، التي أحدثت بموجب ميثاق الاستثمار الجديد، حيث يشكل الاجتماع الأول للجنة محطة جديدة في تفعيل هذا الميثاق، تماشيا مع التوجيهات الملكية، المتعلقة بتسريع دينامية الاستثمار الخاص في المملكة. وبلا شك فإن الرهانات كبيرة والانتظارات قوية لتجاوز حالة الركود التضخمي الذي بدأ يلتهم منظومتنا الاقتصادية.
إن شبح الركود على الاقتصاد المغربي باد للعيان ولا يحتاج المرء إلى مجهود ليقتنع بأن الحركة الاقتصادية والمالية بطيئة، فيما نسمع يوميا وبأرقام رسمية عن زيادة في عدد المقاولات الصغرى والمتوسطة التي يتم دفنها، بسبب تعدد وتعقد الأزمات التي ضربت بعض مصادر قوة الاقتصاد المغربي في مقتل. والمقلق في الأمر أن أفضل التوقعات تقول إن ركود الاقتصاد العالمي وتداعياته القاسية على المغرب سيمتد لسنوات طويلة قادمة.
فهذا الركود هيكلي ومرتبط دائماً بوضع اقتصادي مضطرب، وبيئة صعبة للأعمال وتراجع في المداخيل وزيادة في أعداد العاطلين، وصعوبة استمرار المقاولات فضلا عن حالة من عدم اليقين والخوف تنتاب المستهلكين وغيرها من الآثار السلبية التي تصاحبهما وهي كلها مؤشرات حاصلة اليوم.
صحيح أن العالم أجمع يشهد ركودًا تضخميًا، لكن الإشكالية الكبرى في المغرب هي أن هذا الركود جاء في وقت يعاني الاقتصاد المغربي من عديد الصعوبات في ظل مناخ فلاحي متقلب وضعف في مناخ الاستثمار وسوق الشغل، وتركة ثقيلة لا يمكن تجاوزها في أوضاع عادية فبالأحرى في ظروف استثنائية، وما يزيد من تعقيد الوضعية أن هامش تحرك السياسات الاقتصادية، في ظل التحولات الجيوستراتيجية، صعب جدًا وغير متحكم فيه.
إنّ مشهد الإغلاق التام أو الظرفي للمقاولات، سيما الصغرى والمتوسطة وتسريح عمالها، يؤدي حتما إلى تضرر كلّ فئات المجتمع بمن في ذلك رجال الأعمال أنفسهم الذين لم يعودوا قادرين على تحمل مقاومة صعوبات المقاولة. وما ينبغي أن تستوعبه الحكومة جيدا هو أن الركود ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الاقتصاد المغربي، بل إن هذا الأخير أصبح متخما بالديون والعجز والتضخم وتراجع مؤشر النمو، وهو ما يحتاج اللجوء للسرعة القصوى في مواجهة الركود قبل أن يدخل الاقتصاد الوطني غرفة الإنعاش.