ستيفن سبيلبرغ وتوم هانكس.. انطلاق السباق نحو الأوسكار
سهيلة التاور
احتل أحدث أفلام المخرج ستيفن سبيلبرغ مكانة ضمن لائحة أفلام الحرب الباردة ذات الطابع المثير، ويؤدي دور البطولة فيه الممثل توم هانكس. لكن الناقد السينمائي أوين غلايبرمان يرى أن العمل يفتقر إلى عناصر الجذب التي اتسمت بها أفضل الأفلام التي قدمها سبيلبرغ سابقا.
عادة ما يُضرب المثل بستيفن سبيلبرغ للإشارة إلى مستوى معين من القدرة على تقديم عمل سينمائي تلهث له أنفاس مشاهديه. ففي لقطاته، تلك المصورة بكاميرا ذات إيقاع انسيابي، تظهر الشخصيات وتختفي بذاك التدفق الطبيعي الأصيل الذي يجعل من العسير تصديق أن مثل هذه المشاهد مُصممة ومعدة سلفا.
ويشكل أحدث أفلام سبيلبرغ « Bridge Of Spies» «جسر الجواسيس» تناولا دراميا لقضية جاسوسية بدأت وقائعها عام 1957. وكان من شأن هذا الفيلم أن يصبح عملا سينمائيا من الطراز الأول على غرار فيلمي سبيلبرغ التاريخيين السابقين البارزين، «ميونيخ» و»لينكولن». لكن العمل الجديد، مع كل الأناقة التي أعد بها، جاء ذا طابع مريح وناعم أكثر من اللازم، وسطحيا في التصورات الواردة في ثناياه.
يحكي فيلم Bridge Of Spies عن فترة الحرب الباردة، والصراع المستمر بين الولايات المتحدة وروسيا، هذا الصراع الذى شهد العمل الاستخباراتي خلاله قفزات نوعية أثرت على أسلوب العمل في أجهزة المخابرات حتى يومنا هذا، وبالتأكيد كانت المخابرات الأمريكية (سي.أي.إي) والروسية (كي.جي.بي) على طرفي صراع ساخن على الرغم من برودة الطقس فى الفترة الزمنية التي يتعرض لها الفيلم.
ويستعرض الفيلم كيف سقط الجاسوس السوفيتي (رودلف إيبل)، الذي يجسد شخصيته (مارك رايلانس) في قبضة المخابرات الأمريكية، والتي تسعى لإصدار حكم بالإعدام عليه، لكن القانون يحتم على الولايات المتحدة تعيين محام للجاسوس، فيقع الاختيار على المحامي (جيمس دونوفان) والذي يقوم بدوره (توم هانكس) للدفاع عنه صوريا، إلا أن (جيمس) يدافع عنه جيدا ويحاول إبراء ساحته، إلا أن القاضي يبدي تعنتا متوقعا تجاه الجاسوس، ولا يصبح أمام (جيمس) سوى نصيحة القاضي بالحكم بأي حكم عدا الإعدام، حتى يمكن للحكومة الأمريكية الاستفادة منه في المستقبل.
ثم ينتقل Bridge Of Spies بعد ذلك للطيار الأمريكي (جاري باوزر) والذي يقع أسيرا لدى السوفيت بعد تحطم طائرة التجسس التي كان يقودها فوق الأراضي السوفيتية، ومن هنا يبدأ الفيلم في التعرض لكيفية قيام المحادثات السرية بين الطرف الأمريكي والسوفيتي للقيام بعملية التبادل، وهو حوار دار عبر أراضي ألمانيا المقسمة غربا وشرقا في ظل توتر عسكري مُنذر بقرب اندلاع حرب نووية وشيكة.
وعلى الرغم من سخونة الأحداث التي يتعرض لها الفيلم، إلا أن ستيفن سبيلبرغ بأسلوبه الإخراجي أضاف للفيلم بعدا تقليديا باردا بعض الشيء، وحتى عند تصوير بعض المطاردات أو مشاهد إطلاق النار، كانت كاميرا (سبيلبرغ) تمر على المشاهد بنعومة مبالغ فيها، ما سرب لدى المشاهد إحساسا عاما بالملل بعض الشيء، وكأن الأحداث ينقصها بعض (البهارات).
اعتماد سبيلبرغ على تقديم قصة تاريخية حقيقية ليس الأول في تاريخيه، فقد سبق أن قدم فيلم (ميونيخ) عن اصطياد الموساد الإسرائيلي للكوادر الفلسطينية المتسببة في مقتل فريق الألعاب الأوليمبية في مدينة (ميونيخ) الألمانية.
الزيارة الثانية من سبيلبرغ للقصص الواقعية كانت مع الفيلم التاريخي (لينكولن) والذي يستعرض قصة حياة الرئيس الأمريكي الأشهر وحربه ضد العبودية في الولايات المتحدة أنذاك. لماذا إذن يهتم (سبيلبرغ) مؤخرا بتقديم القصص المقتبسة عن أحداث حقيقية وتاريخية؟
الإجابة ببساطة هي السعي وراء الأوسكار، وجوائز الأوسكار تذهب في الغالب لصالح الأعمال التي تحكي قصصاً حقيقية، وهنا يحاول الثنائي (سبيلبرغ) مخرجا و(توم هانكس) بطلاً إعادة التجربة التي قدماها سوياً عام 1998 في (إنقاذ الجندي ريان) الذي نال العديد من جوائز الأوسكار وترشح للعديد منها أيضا.
فنقاد السينما والمشاهدون المخضرمون الذين شاهدوا Bridge Of Spies على حد سواء، يعرفون نوعية الأفلام التي يتم الدفع بها لدور العرض الأمريكية قبيل حفل توزيع جوائز الأوسكار من كل عام والذي يقام في شهر فبراير. هذه الأفلام التي يتم تقديمها تسعى طوال الوقت لنيل شرف الترشح لأحد جوائز الأوسكار، ولربما الفوز بجائزة أو أكثر إذا حالف الحظ القائمين على الفيلم. يمكن اعتبار هذا الفيلم إذا محاولة جديدة من الثنائي (سبيلبرغ) و(هانكس) لنيل الأوسكار مجددا بعد حصولهما على الجائزة عن فيلم (إنقاذ الجندي ريان).