يونس جنوحي
ليس هناك ما أهو أصعب من الحصول على زوج أجنبي. هذا ما كشفه تقرير نشرته هيئة الإذاعة في جنوب إفريقيا، جاء فيه أنه مقابل 300 «راند» -العملة المحلية- شهريا، نعم شهريا، يمكن لنساء جنوب إفريقيا الحصول بسهولة على زوج أجنبي، يحمل الجنسية الباكستانية على وجه التحديد!
المشكلة أن هذه الزيجات تكون مزورة، وتحولت إلى عمليات نصب على مرشحات للهجرة، حيث تُتهم حاليا سيدة بالتورط في تدبير زيجات من هذا النوع للنساء، لرجال مرشحين للزواج يحملون الجنسية الباكستانية.
هذه الزيجات تستهدف الدول التي تعرف معدلات مرتفعة لطلبات التأشيرة و«التجمع العائلي». ففي الوقت الذي تعقد فيه دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إجراءات لم شمل الأزواج من جنسيتين مختلفتين، وهي زيجات في الغالب تتم من أجل الهجرة، يبتكر ممارسو النصب والنشطون في شبكات الهجرة غير القانونية أساليب نصب جديدة.
هناك تقارير دولية تشير إلى تورط مواطنين من جنوب إفريقيا في عمليات نصب بملايين الدولارات سنويا، ضحاياهم من مختلف الجنسيات، حيث يعمدون إلى إرسال رسائل إلكترونية إلى عناوين في مختلف أنحاء العالم ويعتمدون قواعد بيانات المسنين والمتقاعدين، وعناوين المرشحين للحصول على التأشيرات وحتى طالبي اللجوء، ويوهمونهم بأنهم شركات تعمل في مجال الهجرة، ويقرصنون بياناتهم الشخصية، وقد يبيعونهم مواعد وهمية لدى السفارات والقنصليات ويطلبون منهم تحويل الأموال. وللأسف آلاف الضحايا حول العالم سنويا يسقطون في فخ هذه الشبكات التي تتخذ من دول إفريقيا جنوب الصحراء موطنا لها.
لكن هذه المرة الأولى التي يبرز فيها تقرير يدق ناقوس الخطر بشأن شبكة النصب على المرشحين للهجرة، يُعرض فيها أزواج باكستانيون على الراغبات في الزواج الأجنبي.
التقرير ذكر أن العديد من النساء المنحدرات من منطقة «ليمبوبو» في جنوب إفريقيا، تم توقيفهن بعد أن كشفن عن تورطهن في زيجات مدبرة بشكل مسبق، مع أصحاب متاجر «سبازا»، واحدة من البؤر التي يُستدرج إليها الضحايا، وورطن أجانب آخرين مشاركين في هذه العمليات.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن سيدة تدعى «شابير»، وتبلغ من العمر 36 سنة، كشفت أن المُتهمة الأولى في الملف، والتي تدعى «بيرسيلا»، عرضت عليها الزواج من مواطن باكستاني مقابل رسوم شهرية قدرها 300 راند، وينص الاتفاق على أن تلتزم السيدة بدفع هذا المبلغ مدى الحياة!
الضحية قالت أيضا إنها سافرت بمعية المتهمة الأولى في الملف إلى مكاتب الشؤون الداخلية في مدينة جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا دائما، بصحبة المواطن الباكستاني ومواطنين آخرين بغية إتمام الإجراءات للزواج.
المشكل أن عددا من الزيجات تكون مزورة، وحتى الحقيقية منها تصنف في خانة الاتجار في البشر، ما دامت الراغبات في الزواج يكن مجبرات على دفع المبلغ، الذي يعادل 17 دولارا أمريكيا، كل شهر.
مبلغ زهيد جدا مقابل الحصول على زوج أجنبي لنساء جنوب إفريقيا، لكنه يتحول إلى «رسوم مدفوعة مدى الحياة» وهو ما يجعل العملية مشوبة بكثير من التداعيات الأخلاقية والنفسية.
السيدات اللواتي فجرن القضية كن بصدد إتمام إجراءات الزواج مع مواطنين أجانب، أغلبهم باكستانيون، وهو ما يعني أن هناك زيجات تمت بهذه الطريقة، وقد يكون الأزواج الذين تم «اكتراؤهم» للنساء الضحايا أدلوا بوثائق مزورة، وهو ما جعل منظمات حقوقية تُظهر قلقها من أن يتم استغلال المتزوجات بهذه الطريقة في قضايا الإرهاب، وغسل الأموال وحركات الهجرة غير النظامية.
هناك حكمة في جنوب إفريقيا مفادها أن الزوج لا يُشترى بالمال، وهناك أيضا حكمة رددها فلاسفة بلاد الفرس، وهي أن الزوجة لا تُشترى بالمال حتى لو خُلقت بأظافر من الذهب.. لكن يبدو أن الأحفاد صار لديهم رأي آخر!