أقدم المجلس الجماعي لمدينة القنيطرة، الذي يدبر شؤونه عزيز رباح، القيادي في حزب العدالة والتنمية ووزير الطاقة والمعادن والبيئة في حكومة سعد الدين العثماني، على ارتكاب مجزرة بيئية غير مسبوقة في حق نخيل شارع الأميرة عائشة المعروف بـ«فانتازيو»، الذي يُعَد أقدم شارع بمدينة القنيطرة، حيث قامت جرافات إحدى الشركات باجتثاث مجموعة من أشجار النخيل «التاريخية» التي يتجاوز عمرها 70 سنة، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وقنوات المياه، في غياب الجهات المعنية، سواء من السلطات أو المنتخبين، الأمر الذي دفع بعدد من المواطنين إلى محاصرة هاته الجرافات، واستنكار الفعل الشنيع الذي طال نخيل شارع الأميرة عائشة، في خطوة جريئة لحماية الموروث البيئي بعاصمة الغرب، في وقت غاب عن موقع الحادث مستشارو «البيجيدي»، الذين فضلوا الاختباء وراء الحواسيب للدفاع عن كارثة المجلس الجماعي للقنيطرة، التي تنضاف إلى فضيحة أزمة النقل الحضري بالمدينة.
من جهته، فضل عزيز الكرماط، المنتمي بدوره لحزب العدالة والتنمية، والذي جرى إلحاقه بوزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، خلال حقبة الوزيرة السابقة بسيمة حقاوي، والذي يتحمل مسؤولية نائب رئيس جماعة القنيطرة (مكلف بالأشغال)، (فضل) مهاجمة المواطنين الذين عبروا عن استنكارهم الشديد لجريمة اجتثاث عدد مهم من أشجار النخيل، والقيام بمحو جزء من الذاكرة التاريخية لشارع الأميرة عائشة، ونعَتَهم بأصحاب «السكوبات» الذين لا يحملون هم المدينة، موضحا في تبرير وصف بالسخيف، بأن عملية إزالة أشجار النخيل بشارع «فانتازيو» ليس الهدف منها بيعه بمدينة مراكش، وإنما الغاية وضعه بالمركز التقني التابع للجماعة، باعتباره لم يعد صالحا بسبب قدمه، والعمل على تعويضه بأشجار نخيل جديدة، في سياق تهيئة الشارع المذكور، متذرعا بأن المجلس الجماعي تلقى العديد من الشكايات بخصوص المشاكل التي باتت تحدثها جذوع النخل، وفق تعبير «الكرماط»، على صفحته بـ«الفيسبوك»، متناسيا أن المجلس الجماعي السابق والحالي، الذي دبر شؤونه رباح، هو الذي يتحمل مسؤولية إهمال نخيل الشارع المذكور.
من جهتها، نددت جمعيات المجتمع المدني بهذه «الجريمة البيئية»، وهرع بعض الفاعلين إلى الوقوف على هذه الفضيحة والتعرض على استمرار اجتثاث الأشجار وتصوير هذه المجزرة بالفيديو ليتابعها العديد من القنيطريين والنشطاء الذين هبوا لمساندة جمعيات المجتمع المدني وطالبوا المسؤولين بالاطلاع على ترخيص قطع هذه الأشجار من طرف شركة استقدمت آلات ثقيلة لاقتلاعها وشاحنات كبيرة الحجم لنقلها في اتجاه مدينة مراكش، حسب إفادة بعض عمال الشركة للمحتجين.
وكشفت مصادر الجريدة أن السلطات المحلية التي كانت تعاين الوضع أخبرت الفعاليات المدنية بأن العملية تستهدف أشجار النخيل المريضة، في حين أنه تم اجتثاثها جميعها دون تمييز، وهو ما استدعى من الفعاليات المدنية الاستعانة بعون قضائي لمعاينة عملية التدمير لرفع دعوى قضائية ضد المجلس الجماعي.
وجدير بالذكر، أنها ليست «الجريمة البيئية» الأولى للمجلس الجماعي حيث سبق له اقتلاع العديد من أشجار «الكاليبتوس» وسط المدينة والتي كانت محط احتجاجات من طرف السكان.
وبات عزيز رباح ومعه أغلبية المجلس الجماعي، المنتمين لحزب «المصباح»، متهمين بضرب عرض الحائط ظهير 1929 المتعلق بحماية النخيل، وبمقتضيات القانون المغربي المتعلق بالتنمية المستدامة لمناطق النخيل، الصادر بالجريدة الرسمية سنة 2006، ناهيك عن تعريض عدد من أشجار النخيل التي تم اجتثاثها بطريقة عشوائية للإتلاف، بعدما فضل المجلس الجماعي تجاهل استشارة المواطنين والتواصل مع فعاليات المجتمع المدني وأخذ آراء ذوي الخبرة في مجال البيئة، بخصوص برنامج تهيئة شارع الأميرة عائشة، في وقت تشتكي العديد من شوارع مدينة القنيطرة من تردي البنية التحتية وغياب الإنارة العمومية والتشجير (الشارع الرابط بين حي «لاسيتي» وحي الصياد نموذجا)، وسط حديث عن وجود صفقة تم استغلالها من طرف مقربين من «البيجيدي» بالقنيطرة.