شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

ذو القلبين

 

مقالات ذات صلة

 

حسن البصري

 

هناك حالة تناف وجداني يعرفها المشهد الرياضي المغربي قد تحتاج منا إلى وقفة تأمل بالنظر إلى تداعياتها ومضاعفاتها أحيانا.

رئيس شباب المحمدية، هشام أيت منا، لا يجد حرجا في امتلاك قلبين واحد يخصصه لعشق شباب المحمدية، والثاني يقتسمه مناصفة بين الوداد والسياسة. الرجل لا يتردد في الكشف عن حبه للوداد ويسجل حضوره الملفت في جميع مباريات الفريق البيضاوي ويمده بخيرة لاعبيه، حتى غضب الفضاليون من رئيس فريقهم وطالبوه بحب واحد وعشق واحد وقلب واحد.

امتد الغضب إلى الرجاويين فلقبوه بأيت «منهم»، فيما وجد هشام متعة في لعبة «الكلاشات» و«الكلاشات» المضادة قبل وأثناء وبعد كل مباراة.

ليس هشام أيت منا الرئيس الوحيد الذي يموت عشقا وهياما في فريقين مختلفين باعد بينهما التاريخ والجغرافيا، بل هناك رؤساء آخرون يعيشون التعدد الكروي، أبرزهم عزيز البدراوي المتيم بحب فريق الجيش الملكي منذ أن عاش طفولته في دوار الحاجة معقل العساكر، ليجد نفسه بقدرة قادر رئيسا للرجاء البيضاوي.

لا وجود لخيط يربط البدراوي بالرجاء، بل إنه لا يعرف مقر النادي، وحين بايعه أتباعه رئيسا للفريق الأخضر ونظموا له لقاء إعلاميا في ملعب الوازيس، فاجأ حوارييه حين طلب «لوكاليزاسيون» تعينه على الوصول إلى مقر النادي.

وعد بتذويب جليد الخلاف بين جماهير الرجاء والجيش، فزاد من حطب الفتنة وكاد بمواقفه المنفلتة أن يورط المشجعين في معارك دامية لولا الألطاف الربانية، قبل أن يغلق هاتفه وفمه ويصوم أجرا عن «الكلاشات».

يحتاج عبد السلام بلقشور، رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، لثلاثة قلوب على الأقل، قلب لنهضة الزمامرة مسقط الرأس، وقلب تتزاحم فيه الجديدة والرجاء والحسنية، بينما القلب الثالث للعصبة الاحترافية، فالرجل خاض تجربة التسيير والانخراط بين ثلاثة فرق وحطم الحدود الوهمية بينها بجرة قلم.

ليس بلقشور المسير الوحيد العابر للفرق، فالورزازي، رئيس الكوكب المراكشي، كان رئيسا للاتفاق المراكشي قبل أن يعبر إلى الضفة الأخرى، والحيداوي، رئيس أولمبيك أسفي، يخفق قلبه سرا لأولمبيك خريبكة، وقلب ججيلي، رئيس لوصيكا، مع الوداد وسيفه مع خريبكة، وعشرات الرؤساء يعيشون ازدواجية الانتماء.

لم يتردد محمد الكرتيلي، العضو الجامعي السابق، في الكشف عن عشقه لفريقين، وفي رواية أخرى ثلاثة فرق، فهو محب للاتحاد الزموري للخميسات الذي ترأسه لسنوات، لكنه لا يخفي عشقه للوداد البيضاوي، وظل طيلة فترة ولايته الجامعية نصيرا للنادي الأحمر، ومحبا للدفاع الجديدي بحكم الانتماء لبني هلال.

بين المغرب الفاسي والوداد البيضاوي حكاية عشق قديم، فقد كان محمد بن جلون، رئيس الوداد، متيما بحب «الماص» وكان عبد الرزاق مكوار يموت عشقا في «الواف» وظل قلب الفشتالي يخفق لفريقي العاصمة العلمية ويتسع لحب الوداد، ويبادل رؤساء المغرب الفاسي والوداد الفاسي الحب بالعشق، في زمن لم تكن الإثارة سلعة وتجارة.

في زمن مضى، كان انتقال رئيس من فريق إلى آخر مباحا، قبل أن يتحول إلى خيانة عظمى، اليوم يباح لرئيس فريق مغربي حب فريق أوربي، والارتماء في أحضان الريال والبارصا سرا وعلانية، حتى رئيس الفيفا إينفانتينو لا يجد حرجا في الكشف عن انتمائه لمشجعي نادي إنتير ميلانو الإيطالي، حتى وإن تسببت تصريحاته في إشعال نار الغضب في صفوف مشجعي نادي يوفنتوس.

هل يحتاج تخليق المشهد الكروي لمذكرة تمنع تنازع المشاعر، تفرض على رئيس الفريق الاختيار بين ناد يسيره وآخر يعشقه؟

هل باتت الحاجة اليوم ماسة للتصريح بممتلكات العشق وحدود الانتماء؟

هل بمقدور الإنسان امتلاك قلبين كالحبار الكائن البحري الذي يملك هذه الخاصية؟

هل يعيش رؤساء الفرق في سرهم ما يشبه العشق الممنوع؟

أسئلة لمن يهمهم «الغدر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى