ديبلوماسية المجتمع المدني
يقدم المنتدى الاجتماعي العالمي المنعقد في دولة المكسيك درسا بليغا حول أدوار الحيوية التي يمكن أن تلعبها ديبلوماسية المجتمع المدني للتعريف بقضايا شعوبها والدفاع عنها وخلق رأي عام عالمي مؤيد لها. ولذلك فإن الاطمئنان إلى الانتصارات الديبلوماسية التي يحققها المغرب على صعيد القضية الوطنية فيه نوع من الكسل والاتكالية أيضا، ونتذكر جميعا عندما قال جلالة الملك في افتتاح الدورة التشريعية أكتوبر 2013، لا يمكن للملك وحده أن يحل مشكل الصحراء، ولذلك فالأمر يحتاج إلى استنفار على مستوى الديبلوماسية الشعبية، فمواقف الدول من سياساتها الخارجية ليست عقيدة جامدة لا تتغير ولا تتبدد بل هي تتأثر بالسياقات والمصالح والديناميات الاجتماعية، وهو ما يتطلب حماية الموقف الرسمي بالتحرك المستمر والمنتظم على مستوى المجتمع المدني العالمي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على عاتق الجالية المغربية الموجودة في العالم مسؤولية جسيمة في ممارسة الديبلوماسية الموازية عن طريق ممثليها في المجتمع المدني للقيام بالمقاربة الترافعية اللازمة حول القضية الوطنية. كما يمكن للجمعيات الحقوقية والمنظمات الموازية الوطنية أن تلعب دورا مهما في الدفاع عن الوطن وخدمة الوحدة الترابية عن طريق علاقاتها مع الفاعلين الاجتماعيين في دول العالم.
طبعا هذا الأمر ليس باليسير بل يتطلب مجهودا كبيرا من وزارة الخارجية على وجه الخصوص، لتحريك هاته القوة الديبلوماسية الصامتة، لكي تقوم بأدوارها كاملة. وبلدنا بمجتمعه المدني وأطيافه المتعددة، يمكن أن تكون له إسهامات كبيرة في القضايا الوطنية الكبرى وملفاتها المعقدة، لكن، يبقى السؤال، هل هذا المجتمع المدني الذي نتوفر عليه والذي يشارك في المنتديات العالمية الكبرى مؤهل لهكذا مهام وطنية وبهذه الأهمية والخطورة؟ أو على الأصح هل يتوفر على خريطة طريق للترافع عن القضايا الوطنية؟ وهل لديه من الإمكانيات المادية للقيام بمهامه التراجعية؟
وهنا فإن أسئلة التأهيل والتصور والقدرة تستلزم الاقتناع بكون ديبلوماسية المجتمع المدني تتيح فرصاً وإمكانيات أكبر لإقامة علاقات أكثر عمقاً وصلابة وصموداً مع الشعوب الأخرى، باعتبارها علاقات تتأسس بين ممثلي الشعوب وصناع الرأي العام بشكل مباشر.
هذا النمط من الديبلوماسية يؤدي بالضرورة إلى فهم دولي أكثر شمولية وعمق للطبيعة العادلة للقضية الوطنية، وبالتالي يستقطب دعماً أوسع وأكثر رسوخاً لمبادرة الحكم الذاتي والسيادة الوطنية، خصوصاً ونحن نعيش مرحلة جيوستراتيجية حاسمة تقررت خلالها مواقف معظم الدول العظمى الداعمة للأطروحة المغربية، في انتظار أن ننتقل من الانتصار الديبلوماسي الرسمي إلى انتصار آخر على مستوى ديبلوماسية المجتمع المدني.