شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

درس من سامورا

حسن البصري

مقالات ذات صلة

 

فاجأت فاطمة سامورا الرأي العام الرياضي، وخاصة عشاق كرة القدم، حين أعلنت استقالتها من منصب الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم، مصرة على مغادرة منصبها في نهاية العام الجاري بعد سبع سنوات قضتها في «الفيفا». حاول بعض قادة الرياضة العالمية ثنيها عن قرارها، لكنها أبدت إصرارا كبيرا على ترك جمل الكرة بما حمل، مبررة قرارها بالرغبة في قضاء المزيد من الوقت مع عائلتها.

حاول رئيس «الفيفا» استقصاء الأمر، إيمانا منه بأن الاستقالة نائمة كالفتنة لعن الله موقظها، لكنه اكتشف أن فاطمة امرأة من الحديد الصلب، عاهدت أسرتها على التفرغ لها بعد مونديال النساء والإنصات لها وتبادل التحية الصباحية والمسائية مع جيرانها، والتنقل بين البلدان بحرية دون خفر وطوق إعلام.

قالت فاطمة لرئيس «الفيفا» إنفانتينو: «لا تشغل نفسك بإقناعي فأنا مسكونة من رأسي حتى قدماي بالكرة، رجاء أعطني حريتي أطلق يدي، ثم انصرفت».

تخلت السنغالية فاطمة صامبا ديوف سامورا، وهذا اسمها التفصيلي، عن امتيازات منصب في إمبراطورية «الفيفا» يحلم به جميع رؤساء الاتحادات في العالم، وطالبت بتعيين مكتب افتحاص لتدقيق الحسابات في الفترة التي تقلدت فيها منصب الأمين العام لـ «الفيفا»، وحددت تاريخ تسليم سيارة المصلحة ومسكن المصلحة وحاسوب المصلحة.

لكنها تقوم بالتحضير الكامل لتنظيم كأس العالم للسيدات المقرر تنظيمها في أستراليا ونيوزيلاندا، في الشهر المقبل، وكأنها سترشح نفسها لمنصب جديد، ليتبين أن سامورا محاربة من فصيلة الساموراي.

تستحق سيرة هذه المرأة العصامية أن تدرس في تجمعات عشيرة الكرة، وأن يقرأها بتمعن غالبية رؤساء الفرق المغربية بكل أقسامها، خاصة أولئك الذين يعشقون الالتصاق بكراسي الرئاسة والصمود ضد زوابع التغيير، ولا يغادرون مناصبهم إلا بنشرة طبية إنذارية على المستوى الأحمر، أو بزحف «الزهايمر» على ما تبقى من ذاكرة كروية.

يقول الراسخون في علم الكرة إنه في ظل نوايا رحيل الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي لمنصبه كرئيس للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وحتى لا يتحول إلى مجرد فزاعة في مقر «الكاف» التي تعيش تحت حماية «الفيفا»، فإن استقالة سامورا قد تحولها إلى رئيسة للاتحاد الإفريقي. في البينين ستتضح الصورة أكثر وسنرى ما إذا كانت الأمينة العامة الحالية لـ «الفيفا» السنغالية فاطمة سامورا، تقوم بعملية إحماء لدخول الميدان الإفريقي خلفا لموتسيبي، هذا إذا صرف رئيس الاتحاد السنغالي أوغوستان سنغور النائب الأول لرئيس الاتحاد الإفريقي، النظر عن منصب هو الأقرب إليه.

لكن لا أحد يعرف بخبايا «الكاف» أكثر من فاطمة التي كانت مراقبة حسابات ومتصرفة، حين انبعثت من مقره بالقاهرة رائحة فساد. وحين أصيب جسد الكرة الإفريقية بأعراض النكسات، تدخلت فاطمة وقدمت الإسعافات الكافية حتى يظل «الكاف» جهازا حيا يرزق، كيف لا وهي التي ولدت في التاسع من شتنبر اليوم العالمي للإسعافات الأولية.

هل نملك في عالم الكرة المغربية سيدة بهذا «البروفايل»، تستطيع أن تحمل صفة «المرأة الحديدية» القادرة على اختراق حصون إمبراطورية «الفيفا»؟

هناك نموذج مستنسخ «دوزيام شوا» لسيدة تدير الكرة النسائية في المغرب، بطموحات كبيرة لكن بخجل كبير أيضا، إنها خديجة إلا، بمعنى أداة استثناء، وهي أول امرأة تتولى رئاسة العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية، كما تشغل منصب رئيسة النادي البلدي العيون، الذي يمارس في القسم الأول من البطولة الاحترافية، وهي عضو دائم في لجنة كرة القدم للسيدات بـ «الكاف».

لسنا بصدد المقارنة بين سيدتين تركبان صهوة الكرة وهما تعلمان أنها محشوة بالهواء الفاسد، لأننا بحاجة اليوم إلى مدونة أسرة رياضية، تعطي للمرأة الحق في رئاسة فرق ذكورية واختراق فضاءات ممنوعة على النساء كأنها حمام رجال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى