خطأ في الإخراج
بكل صراحة يمكن القول إن أكبر خدعة تعرض لها المغاربة هي خدعة حكومة الكفاءات. فبعد مرور نصف الولاية تقريبا، لم يقدم من تم تسويقهم على أنهم وزراء الكفاءة والتقنية أي قيمة مضافة في شرعية الإنجاز، بل بالعكس تماما أظهروا فشلا ذريعا في تدبير قطاعاتهم وتسببوا في المس بالاستقرار الاجتماعي، ولا أدل على ذلك مما يقع اليوم في قطاع التعليم الذي تحول إلى قنبلة اجتماعية قابلة للانفجار في أي وقت.
ومن حسن حظ هذه الحكومة أنها وجدت المعارضة في «دار غفلون» لا تهش ولا تنش، وإلا لتم إرباك عملها منذ الشهور الأولى لتنصيبها، لذلك فإن أكبر عدو لوزراء هذه الحكومة ليس هو الشارع، أو حزب العدالة والتنمية ولا المعارضة المفترى عليها ولا التضخم والتقلبات المناخية والجيواستراتيجية وغيرها من الإكراهات، العدو رقم واحد لهذه الحكومة هم بعض وزرائها المصبوغين الذين لا يمتلكون حدا أدنى من الحنكة السياسية ودورهم الرئيسي خلق المشاكل القطاعية وتصديرها للفضاء العام.
والواقع أن الانتظارات والتحديات التي سيواجهها المغرب، خلال السنوات المقبلة، وعلى رأسها رهان كأس العالم ومواجهة مرحلة الصدمات واللايقين، لا يمكن أن تنجح بوجود مثل هذه الطينة من الوزراء الذين يعوزهم التواصل السياسي مع الرأي العام ويفتقدون الحد الأدنى من صوابية التقدير السياسي.
فلا يمكن أن ننتظر من وزراء يعتبرون أنفسهم فوق أحزابهم التي اقترحتهم، أي شيء يذكر، مثل هذه الطينة من أعضاء الحكومة لا تهمهم الشرعية الانتخابية ولا يولون أي أهمية للتعهدات الانتخابية والبرنامج الحكومي، هم يشتغلون بمنطق تقني خارج منطق الديمقراطية التمثيلية التي تعني المحاسبة الشعبية للوزراء بعد انتهاء ولايتهم.
والحقيقة التي يعلمها الجميع، بمن فيهم الحكومة نفسها، أننا نعيش اليوم ضريبة غالية عن «خطأ في الإخراج»، لأن أحزاب التحالف الحكومي أثناء اقتراح وزرائها اعتقدت أن الكفاءة هي استيراد أسماء تتحدث الفرنسية والإنجليزية من خارج الأحزاب، فتبين لها في ما بعد أنها كانت ضحية خدعة الكفاءة وحيلة التقنوقراط المصبوغ.