شوف تشوف

الرئيسيةتعليمتقارير

خبراء «النموذج التنموي» يشرفون على صياغة نظام أساسي وعد به رئيس الحكومة

ربطُ الترقية بالمردودية من أهم نقاط الخلاف مع النقابات

تجتمع اليوم الثلاثاء، للأسبوع الثالث على التوالي، لجنة مختلطة تتكون من ممثلي وزارة التربية الوطنية وممثلي النقابات الخمس الأكثر تمثيلية، وذلك لصياغة مسودة أولى للنظام الأساسي الموحد، والذي كان موضوع اتفاق بين رئيس الحكومة وممثلي النقابات. وبدا واضحا، منذ الاجتماع الأول لهذه اللجنة، وجود خلافات جوهرية بين الطرفين. إذ في الوقت الذي يصر الفريق الوزاري على رزنامة زمنية محددة للانتهاء من المسودة، بسبب التزام سبق لوزير القطاع أن قدمه للرأي العام، والقاضي بتقديم المسودة قبل شهر يوليوز، نجد النقابات مصرة على الحسم في بعض المبادئ قبل الشروع في الصياغة القانونية لمشروع المرسوم.

 

لا ترقية بدون مردودية تربوية

في الوقت الذي يتفق نص القانون الإطار ونص النموذج التنموي على ضرورة ربط الترقية المهنية للموظفين في قطاع التربية الوطنية بمردوديتهم، وخاصة فئة المدرسين، نجد أن طرفي الحوار، أي الوزارة الوصية والنقابات، لم تتفق بعد على تعريف موحد لمفهوم «المردودية التربوية».

من جهتها، تتشبث الوزارة، حسب مصادر موثوقة، بضرورة إعادة النظر في معايير الترقي سواء في الرتبة أو في الدرجة، بحيث لا تكون تلقائية كما كان عليه الأمر منذ 2003، وهي السنة التي تم فيها بدء العمل بالنظام الأساسي الحالي، بل ينبغي وضع معايير تأخذ بعين الاعتبار الاجتهادات والمبادرات الفردية التي يقدمها الموظفون، خصوصا وأن معايير الترقي الحالية «لا تنصف المجتهدين»، بتعبير المصادر ذاتها.

ووفق المنظور نفسه، الذي تدافع عنه الوزارة، والذي يستند بوضوح إلى نص النموذج التنموي والقانون الإطار، فإنه لا مجال للترقي لمن يرفض الخضوع للتكوين المستمر. حيث سيجبر كل الأساتذة على تقديم شهادة للتكوين المستمر عند تقديم ملفات الترشح للترقيات، وهذا ما يعني أن العديد من العادات المهنية السابقة، من قبيل الترقي بالأقدمية، ستصبح جزءا من الماضي.

يتعلق الأمر، بحسب المصادر ذاتها، بمنظور يشمل جوانب إدارية ومالية تهم تحفيز الموظفين العاملين بالقطاع، وتحديدا أطر هيئة التدريس، والتي تحظى بأهمية خاصة، ليس فقط في النموذج التنموي بل وفي البرنامج الحكومي أيضا. ولا تتوقف حزمة التحفيزات التي تعتزم الحكومة تضمينها في النظام الأساسي الجديد، عند المسارات المهنية بعد التوظيف، بل وتشمل أيضا مواصفات مباريات التوظيف ومرحلة التكوين. حيث خصصت الحكومة الحالية أكثر من خمسة ملايير درهم للتكوين المستمر، وهو رقم يفوق الرقم الذي خصصه البرنامج الاستعجالي للغرض نفسه، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في قانون المالية القادم.

من جهتهم، أبدى ممثلو النقابات تحفظات كثيرة على العديد من المقترحات التي تقدم بها ممثلو الوزارة داخل اللجنة المختلطة سابقة الذكر.

فحسب مسؤول نقابي، يمثل نقابة ذات تمثيلية في اللجنة، فإنه في الوقت الذي يتفق الجميع على ضرورة إنصاف الكفاءات واحتضان الاجتهادات، فإن هناك خلافا بخصوص مؤشرات المردودية التربوية. إذ في الوقت الذي تقدم الوزارة عدة مؤشرات تتعلق بالأداء المهني للأساتذة مثلا، بدءا من نتائج التلاميذ وتطور مسارات التعلم لديهم، وصولا إلى انخراط هؤلاء الأساتذة في كل ما يتعلق بالحياة المدرسية (الأنشطة الثقافية والرياضية والتحسيسية…)، فإن النقابات تخشى تغول سلط المديرين والمفتشين الذين ستكون لهم الكلمة الفيصل في تقويم الأساتذة وبالتالي رفع حظوظ الترقي لديهم، وهو الأمر الذي قد يحول عملية تقويم الأداء المهني إلى مناسبة لظهور سلوكات ستُسمم القطاع، من قبيل الابتزاز والمحسوبية والاستهداف الشخصي..

 

هل ستنتهي الفئوية؟

هذه اللجنة المشتركة التي انبثقت عن اتفاق 18 يناير 2022 بين النقابات الأكثر تمثيلا ووزارة التربية الوطنية بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يشرف على عملها فريق من ديوان شكيب بنموسى، وكلهم كانوا يشغلون مهمة خبراء في الفريق الذي صاغ النموذج التنموي.

هذه اللجنة، التي سبق لها أن التقت مع العديد من مسؤولي الوزارة مركزيا لحظة صياغة النموذج التنموي، تضع ضمن أولوياتها صياغة نظام أساسي عادل ومنصف، يُعول عليه لإعادة وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي، وتعزيز الثقة في المدرسة العمومية والمؤسسات التربوية وهياكلها. كما تسعى الوزارة من وراء هذا المشروع إلى جعل مهنة التدريس أكثر جاذبية واستقطابا للكفاءات، ورد الاعتبار لهيئة التدريس ولكافة العاملين بالقطاع، وأكدت أن هذا النظام سيقوم على عدد من المبادئ تهم: الشمولية والاستحقاق وتكافؤ الفرص وتوحيد الصيرورة المهنية لكل الأطر، وخلق المنافذ والجسور بين مختلف الأطر والهيئات.

من جهتها تنخرط النقابات في هذه المحطة هي الأولى منذ ربع قرن، سعيا منها لحل العديد من المشكلات الفئوية التي ظهرت طوال سنوات تطبيق النظام الحالي، وأيضا إيجاد حل لمعادلة ترضي فئات عديدة وعلى رأسها ما يعرف بـ«أساتذة التعاقد»، الذين يطالبون بالإدماج في النظام المُمركز، هذا من جهة، والجهوية من جهة أخرى، خصوصا وأن الوزارة عملت منذ 2016 على تفويض العديد من اختصاصات الإدارة المركزية لصالح الأكاديميات في أفق تعزيز اللاتمركز في تدبير الشأن العام، وعلى رأسها قطاع التعليم، كأول القطاعات الاجتماعية أهمية بالنسبة للرأي العام.

النقابات تراهن على حل عدد من المشكلات العالقة، أبرزها التنصيص على حق أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي في درجة خارج السلم، وإحداث درجة جديدة للترقية بالنسبة لمن هم خارج السلم، خصوصا وأن عددا من الأساتذة توقفت ترقيتهم منذ سنوات. كما تراهن أيضا على مراجعة الأرقام الاستدلالية وقيمتها، ما سيؤدي عمليا إلى تحسين الأجور، وسن نظام جديد للتعويضات، وتحسين الوضعية المادية والمعنوية لجميع الإداريين والمساعدين التقنيين، ومعالجة ملف الأساتذة حاملي شهادة الدكتوراه.

ويبقى مشكل الأساتذة المتعاقدين أو أطر الأكاديميات إحدى أكبر المشكلات التي تواجه الوزارة حاليا، وتتطلب حلا عاجلا قبل الانتهاء من صياغة مسودة النظام الأساسي المرتقب.

فمن جهتها تعتبر الوزارة، في المقام الأول، أن استئناف العمل في المؤسسات التعليمية ينبغي أن يتم فورا بسبب الخوف من سنة بيضاء ستكون لها تبعات تربوية واجتماعية خطيرة جدا، وما فتئت تناشد النقابات مساعدتها في ذلك. وعلى المستوى الثاني، وهو مستوى استراتيجي، أن مسار الجهوية لا رجعة فيه، وأن العديد من الاختصاصات الجديدة سيتم تفويضها للأكاديميات، حيث من المرتقب أن تشمل الجهوية أيضا مجالات تربوية أخرى من قبيل المناهج والامتحانات.

لكن النقابات تعتبر أن «المحاكمات» التي يخضع لها بعض الأساتذة الذين نظموا احتجاجات في الشارع العام في أوقات سابقة، من شأنها أن تؤجج الوضع أكثر، مطالبة الحكومة بمواصلة الإنصات للأساتذة المعنيين بهذا الملف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى