شوف تشوف

الرئيسيةرياضةفسحة الصيف

حين كان الحكام الجزائريون والمغاربة يقودون مباريات البطولة بالمغرب والجزائر

قضاة الملاعب محمد حنصال (حكم جزائري)

حسن البصري:

 

 جسر عبور لحكام المغرب والجزائر

يذكر رئيس اللجنة المركزية للحكام سعيد بن منصور كيف كان الحكام المغاربة يقودون مباريات البطولة الجزائرية، مقابل تعيين جزائريين لتدبير مباريات البطولة المغربية، كما يذكر أيام الود بين حكام البلدين والذي يتجاوز حدود دعوات رسمية من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لقيادة المباريات إلى دعوات لتأطير ندوات وتنشيط مناظرات خاصة بالتحكيم المغربي.

‎في عهد لجنة بن منصور تم تفعيل الاتحاد المغاربي لكرة القدم، وشرعت جامعتنا في الاستعانة بحكام من دول المغرب العربي، وتم اعتماد حكم جزائري لقيادة “ديربي” الدار البيضاء بين الوداد والرجاء، في الموسم الرياضي 1993/1994، ويدعى محمد حنصال الذي شارك في نهائيات كأس العالم بإيطاليا سنة 1990، استجابة لرغبة الفريقين: “لقد أدار المباراة بنفس الطريقة التي يدير بها حكامنا الديربي، طبعا كان احتجاج من هنا وهناك، جئت ضيفا على القناة الثانية، ودافعت عن الحكم الجزائري، حيث إن الديربي أصعب أحيانا من قيادة مباراة في المونديال”.

يعتبر محمد حنصال واحدا من أكبر الحكام الذين أنجبتهم الجزائر منذ الاستقلال، حيث كان معروفا بصرامته فوق الميدان، لذا كان لابد من تلبية مطلب الجماهير الودادية والرجاوية التي نادت بتعيين حكم من خارج المغرب، خاصة وأن ممثل الصفارة الجزائرية حمل شارة التحكيم الدولي لمدة 14 سنة كاملة.

وقع الاختيار على حنصال لأنه أدار ثلاث نهائيات متتالية في كأس الجزائر وشارك في مونديال إيطاليا 1990، ويقول محمد حنصال في حوار مع صحيفة جزائرية: “بكل فخر كان لي الشرف أن أدرت ثلاثة نهائيات متتالية لكأس الجمهورية موسم 1978، وفي 1979 أدرت النهائي الذي جمع وفاق سطيف واتحاد العاصمة، ثم ثالث في 1980 فازت نصر حسين داي على شبيبة القبائل، كنت مستئنسا بالمباريات ذات الضغط العالي، وكان اختياري لقيادة مباريات في المغرب وتونس منسجما مع تطور أدائي الوطني ومشواره الدولي، من خلال مونديال الشباب باليابان كنت مساعدا لحكم من الأرجنتين وأدرت مواجهات كحكم رئيسي، فضلا عن مشاركتي في كأس العالم للشباب بالشيلي .كما لا أنسى مشاركاتي على الصعيد الافريقي وخاصة كأس افريقيا 1990 بالجزائر”.

لم يشارك حنصال في مباراة “ديربي” بيضاوي فقط، بل شارك في مناظرات وندوات بالمغرب، في إطار تفعيل الاتحاد المغاربي لكرة القدم، حتى في ظل إغلاق الحدود البرية بين البلدين سنة 1994، مباشرة بعد حادث انفجار فندق أسني.

عرف حنصال بصاحب الصافرة الذهبية، وكان مقربا من رؤساء الجزائر كالهواري بومدين والشاذلي بن جديد الذي منحه ميدالية التكريم في نهاية إحدى المباريات، فضلا عن قربه من عبد المالك سلال القيادي الجزائري.

في نهاية مشواره انتابته فورة غضب حين سقط اسمه من لائحة الترشيح لرئاسة الرابطة الجهوية لكرة القدم لوهران سنة 1994، حينها تم التلاعب و الكولسة لإبعاده لصالح منافسة. كما كشف محمد حنصال عن ما حدث خلال ترشحه في قائمة انتخابات الاتحاد الجزائري في عهد الراحل ديابي ، حيث بدل أن تمنح له رئاسة لجنة التحكيم، تم تكليفه بإدارة لجنة الطعون، وهو ما لم يقبله محمد حنصال المعروف بمبادئه ومواقفة التي لا يتنازل عنها، فقدم استقالته مباشرة في أول اجتماع للمكتب الفيدرالي الجديد.

 

صفارات جزائرية في ملاعب مغربية

قبل حنصال كان الحكم الجزائري الدولي بلعيد لاكارن، قيدوم التحكيم الجزائري الذي قاد هيئات رياضية في الجزائر وفي الاتحاد العربي والإفريقي، وشارك بتقدير جيد في مونديال إسبانيا سنة 1982، كما سجل حضوره في مباريات عديدة بالمغرب في مختلف المسابقات، وأضحى عنصرا أساسيا في مناظرات التحكيم الوطنية والقارية التي يحتضنها المغرب، ويرجع الفضل في بروز الحكمين  بنوزة وحميودي لبلعيد، إذ تكونوا في الفترة التي كان فيها لاكارن على رأس الهيئة المسيرة للحكام في الجزائر.

كان بلعيد سعيدا بالتواجد في المغرب، وكان يروي في مناظراته للحكام حكايات لاعبين مغاربة صنعوا مجد فريق مدينته سيدي بلعباس، خاصة النجم العربي بن مبارك الذي حل بها لاعبا ودرب بها قبل الاستقلال. “كان الحكام وأغلبهم من الأجانب يحترمون العربي ويقدرونه فيبدو وكأنه محصن ضد صفاراتهم”.

في دروسه يحرص بلعيد على تلقين الحكام كيفية تدبير زمن المباريات، وكان يطلب منهم أن يمتلكوا شخصية قوية داخل المستطيل الأخضر ولا يخضعون للتأثيرات الخارجية. وعلى الرغم من تقدمه في السن (من مواليد سنة 1940)، فإنه ظل في نظر محمد راوراوة رئيس الاتحاد الجزائري السابق عميد الحكام الجزائريين وسفيرهم في المحافل الكروية العالمية.

من الأسماء التي زارت المغرب وقادت مباريات ودية ورسمية للمنتخب المغربي وللأندية، رشيد مجيبة الحكم الدولي الجزائري، الذي شغل بعد اعتزاله عدة مناصب أبرزها مهمة رئيس المديرية الوطنية للتحكيم في بلاده وعضوية في لجنة التحكيم بالكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، كما عين  رئيسا للجنة التحكيم بالاتحاد الموريتاني لكرة القادم.

كان مهووسا بالتحكيم المغاربي ساعيا إلى جمع أشلاء قضاة الملاعب، قبل أن ينتهي به المطاف محللا تحكيميا في بعض القنوات الإعلامية الجزائرية.

رافق الحكم الدولي الجزائري محمد الزكريني مواطنيه حنصال ولاكارن ثم مجيبة في رحلاتهم إلى المغرب، حيث قاد العديد من المباريات الوطنية والدولية فضلا عن مشاركته في دورات تكوينية، من تنظيم الاتحادين الإفريقي والعربي.

ينضاف لهؤلاء الحكام الجزائريين الذين تبادلوا الخبرات مع نظرائهم المغاربة، في زمن ما قبل الاحتقان، الحكم الدولي السابق عبد القادر عويسي الذي انتقل إلى عفو الله عن عمر يناهز 86 سنة بعد مرض عضال.

ولأنه شغل منصبا قياديا في اللجنة المركزية للتحكيم التابعة للاتحاد الجزائري لكرة القدم، ومحافظا سابقا لدى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، فقد كان يحضر العديد من المناظرات ويساهم في تأطير حكام مغاربة وأفارقة في المغرب وفي دول أخرى.

يعتبر عويسي من بين عمالقة التحكيم الجزائري في سنوات السبعينيات رفقة شكايمي وخليفي حيث سير طيلة مشواره عدة لقاءات على المستويين الوطني والإفريقي، حيث شارك الفقيد في ثلاث نسخ لكأس إفريقيا للأمم سنوات 1972 و 1974 و 1976 حيث كان له شرف إدارة نهائي سنة 1972 بالكاميرون كما أدار عدة لقاءات في إطار المنافسات الإفريقية للأندية، كما شارك في الألعاب الأولمبية 1972 بميونيخ.

ودخل الحكم الدولي محمد زكريني مجال التحكيم متأخرا مقارنة بمواطنيه سالفي الذكر، في نهاية الثمانينات قبل أن يعلق الصافرة، في سنة 2007 ويبقى سجله مليئا بالمباريات الكبيرة خاصة في البطولة الجزائرية حيث حكم ستة نهائيات بين حكم أول أو حكم رابع.

 

مغاربة يحكمون مواجهات جزائرية

شارك الحكام المغاربة في الكثير من المباريات بالجارة الشرقية، كما شاركوا في ندوات وملتقيات تكوينية كسفراء للصفارة المغربية في المحافل القارية والعربية، وكان الناصري ولاراش وباحو والناجدي وبحار ولعويسي والنوني ولحرش والعرجون، قد خاضوا مباريات عديدة في الجزائر، بل إن الحكم عبد العالي الناصري قد شارك بامتياز في نهائيات كأس أمم إفريقيا 1990 بالجزائر، وكان مرشحا بقوة لقيادة المباراة النهائية بين المنتخبين الجزائري والنيجيري، قبل أن يسند المنظمون تحكيم المواجهة النهائية للحكم الغابوني فيدال ديرامبا، بدلا من الحكم المغربي عبد العالي الذي كان تنقيطه يمنحه هذا الشرف، لكن يبدو أن العلاقات السياسية المتوترة بين البلدين قد حالت دون إدارته لهذه المباراة النهائية التي انتهت بفوز منتخب الجزائر بهدف لصفر.

أما الحكم الدولي عبد الكبير الناجيدي الذي لعب ضمن طاقم تحكيم عبد العالي الناصري حوالي ثماني مباريات حكما مساعدا، فقد استأنس بأجواء المباريات الدولية حين عهد إليه بقيادة عدد من المواجهات الودية والرسمية. وفي عهد اتفاقية الشراكة المغاربية قاد ديربيات حارقة بالجزائر وتونس بين أندية العاصمة، كالترجي والنادي الإفريقي، وبين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة.

وعين الحكم المغربي السابق فريد المير من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مراقبا للحكام ومسؤولا عن الأمن الرياضي في المباريات الكبرى، كما عينه الاتحاد العربي لكرة القدم مراقبا للمباريات في العديد من المواجهات، أبرزها مباراة مولودية الجزائر والمريخ السوداني الشهيرة.

وتبقى الصورة السيئة التي خدشت وجه التحكيم العربي، هي التي حصلت في مدينة بجاية الجزائرية، في مباراة للأولمبي الجزائري ضد النادي المصري البور سعيدي،  حين قام الدولي المصري السابق إبراهيم حسن بالاعتداء على حكم الدولي الجزائري الرابع جاب الله مرتين، قبل أن يتوجه صوب الحكم الدولي المغربي خالد رمسيس ليبصق على وجهه.

لكن التعاون المغربي الجزائري في قطاع التحكيم لا يلغي غيمة القلق التي جثمت على هذه العلاقات، خاصة بعد أن عمل الحكم الجزائري بنبراهيم لحلو، على إكمال المواجهة التي جمعت الرجاء البيضاوي بنادي تونغيت السنغالي رغم غياب الظروف الملائمة، وحمل الرجاء مسؤولية الإقصاء لإدارة الشركة المكلفة بصيانة الملعب وللحكم الجزائري.

وعلم أن مسؤولي الرجاء توجهوا إلى الحكم الجزائري قبل انطلاق المباراة، وطلبوا منه تأجيلها بسبب الظروف المناخية التي ألحقت ضررا كبيرا بأرضية الملعب، لكنه، وبعد إسقاطه للكرة فوق العشب ودحرجتها، قال إن وضع أرضية الملعب تتحمل إجراء المباراة وأن التأجيل غير وارد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى