شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةملف التاريخ

حوار مع مُعمر فرنسي يشرف على عمليات الري للفلاحين المغاربة وهكذا تغيرت حياتهم

يونس جنوحي

عمل الفرنسيون على إفشال محاولات المضاربات التي قام بها المُزارعون المغاربة أثناء اختيار جيرانهم في الأراضي الزراعية، إذ كان من الواضح أن عملية الري ستزيد من قيمة الأرض مئات المرات، وربما تُتيح الكثير من الفرص أمام المستثمرين المهرة.

لا يُسمح للفلاح ببيع أرضه إلا لفلاح آخر من نفس قبيلته، وبأسعار لا يمكن تجاوزها. وحيثما وُجدت حالات غير معقولة، فإن السلطات، التي تُدبر عملية الري، تشتري الأرض من صاحبها وتستغلها باعتبارها مزارع تجريبية.

يُخصص «مراقب أوروبي» لكل قطاع من الأراضي، وكل قطاع تصل مساحته إلى ألف هكتار.

تحدثتُ مع واحد من هؤلاء المراقبين عندما وقفنا فوق أرضية برج خشبي وسط منزله.

يقول:

-«لقد تلقيت توجيهات عامة من السلطات، ومهمتي تنفيذ هذه التوجيهات. في البداية، كانت هذه المهمة صعبة. لا تنس أن المُزارعين هنا رُعاة شبه رُحّل. العديدون منهم لم يسبق لهم أبدا ممارسة الزراعة،  لكنهم تعلموها! ورأوا مدى إنتاجها!

في القطاع الذي أشرف عليه، لدي أكثر من 250 مُزارعا، كل مزرعة تتوفر على شريط مزروع وأعداد من الأشجار المثمرة.

يتوجب عليّ أن أقرر في مسألة المحصول، لأنه، بطبيعة الحال، إذا اتبع كل مزارع رغبته، فإن عملية الري المنظمة ستصبح مستحيلة، لأن كل محصول يحتاج طريقة ري مختلفة. علينا اعتبار الأرض كُلا لا يتجزأ».

-«ألن يكون الأمر أكثر بساطة لو تعاملتم مع المنطقة على أساس أنها مزرعة جماعية؟».

رد على سؤالي موافقا:

-«سيصبح الوضع أكثر بساطة بشكل كبير، لكنه لن يُعجب الفلاحين هنا. لقد وُلدوا فردانيين، ونحن نُريد دعمهم وليس معارضتهم. وبمجرد ما أن يروا النتائج، فإن البقية تتبع الطريقة. لقد اشتغلنا على طريقة التناوب الزراعي في المحاصيل لمدة خمس سنوات. اشتغلنا على الحبوب، الخضر، القطن، البرسيم. وفي السنة الخامسة، تُعاد الدورة من جديد.

ثم هناك الأشجار. في المنطقة كلها، غرسنا نصف مليون شجرة فواكه، وربع مليون من الأشجار الأخرى. يا له من تغيير في مشهد المنطقة! قبل سنوات قليلة، فقط، كان الفلاحون يريدون منا أن ندفع لهم المال مقابل عملهم في غرس الأشجار. لم يكونوا قادرين على تصديق أنهم سيستمتعون بفاكهتها. لكن الآن..».

-«ماذا عن الجانب المالي؟».

-«كل فلاح يدفع أربعة آلاف فرنك سنويا مقابل الري. وبطبيعة الحال، فإن هذه ليست إلا جزءا بسيطا من التكلفة الإجمالية. ويمكن دفعها عينيا مباشرة من المحصول. أخيرا أصبح القطن المادة الأكثر نجاحا. هل تعلم أن سعر هكتار من القطن، بحسب الأسعار الحالية، قد يصل إلى مئتي ألف فرنك سنويا؟».

-«أستطيع تصديق هذا الأمر بالنظر إلى أسعار القمصان!».

-«البرسيم يعتبر أيضا نجاحا آخر. وفي الحقيقة، أي نشاط زراعي آخر يُعتبر نجاحا أيضا. مع توفر الشمس والمياه، فإن البرسيم يمكن أن يُحصد ثماني إلى تسع مرات في السنة. في الوقت الحالي نُجفف ونصدر كميات كبيرة منه، لكننا، في الحقيقة، نريد إقامة مصنع للإنتاج اليومي للحليب، ونستعمله في المغرب».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى