شوف تشوف

الافتتاحية

حوار طرشان

كما كان متوقعا رفض الملك محمد السادس، مرة أخرى، المشاركة في القمة العربية التي عقدت بتونس، وكلف وزير العدل محمد أوجار بقيادة الوفد الديبلوماسي الذي يمثل المغرب خلال الدورة الثلاثين.
لقد أصبح واضحا أن الملك يرفض حضور القمم العربية القائمة على الخطابات الرنانة، والتي تطغى عليها المجاملات السياسية وتتحول إلى مهرجان سياسي خطابي غير مؤثر وغير فعال لا في تغيير خريطة المنطقة السياسية ولا في تغيير سلوكات وسياسات قادة بعض دول العرب تجاه البعض الآخر، كما عبر عن ذلك ملك المغرب خلال رسالته الأخيرة للقمة العربية- الأوربية الأخيرة المنعقدة بشرم الشيخ بمصر.
لهذا يتعامل الملك بواقعية مع مقدمات ونهايات وآفاق القمم العربية، في ظل سياق متشرذم وتسوده الصراعات البينية ويطغى عليه الخلاف الحاد بين القادة العرب حول قضايا ومسائل مصيرية، لاسيما أنّ القرارات الأمنية والديبلوماسية والاقتصادية أصبحت تصنع خارج القمم ومؤسسات الجامعة العربية.
فمن الفشل في إيجاد حل لقضية فلسطين إلى الفشل في العمل العربي المشترك، إلى الفشل في حماية الأمن القومي العربي، إلى الفشل في بناء سوق عربية مشتركة، إلى الفشل في وضع استراتيجية موحدة في مكافحة الإرهاب، إلى الفشل في احترام السيادة الداخلية والوحدة الترابية للدول العربية.. عناوين بارزة لفشل 30 قمة عربية لا تنجح سوى في السباحة في النهر نفسه وتكرار بيانات مملة وقاموس مليء من المفاهيم العائمة والغائمة تجاوزها سياق التشرذم والانقسام الصراع.
لذلك، فموقف الملك محمد السادس من القمم العربية أضحى واضحا، على الأقل منذ رسالته النارية لقمة نواكشوط 2016، والتي رفض المغرب عقدها ليس تقصيرا أو استهتارا، بل لأنها أصبحت مثل نار سيدنا إبراهيم باردة لا تحرق.
فما الجدوى من حضور قمة عربية وإحدى دولها تفعل كل ما تستطيع للمس بوحدتنا الترابية وتشجيع الانفصال داخل وطننا؟ ما الفائدة من قمة عربية وبعض قادتها يساهمون في استمرار تراجيديا اليمن وسوريا وليبيا؟ ما الحاجة لقمة عربية ودول الخليج التي تجمعها رقعة أرض واحدة تعيش على إيقاع حرب الجميع ضد الجميع؟ ما الغرض من لقاءات بروتوكولية ومراسيمية تزور بانتظام كل العواصم العربية، لم تدخل قلب ولا عقل أي مواطن عربي ولا يشعر بتأثيرها على مصيره ولم تشكل أبدا أرضية حلول لقضاياه واهتماماته؟
وعليه، فملك المغرب منسجم مع ذاته وطريقته في الحكم والعلاقات الخارجية، فلا حاجة لقمم تطغى عليها الابتسامات الصفراء أمام القنوات، بينما الكل يحمل خنجره لطعن أخيه في الظهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى