شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

حصيلة الحكومة تثير الجدل بين الأغلبية والمعارضة 

لقجع يرفض رواية إقصاء 8 ملايين شخص من التغطية الصحية ويؤكد تعبئة 100 مليار درهم للميزانية  

اندلعت، خلال الأسبوع الماضي، حرب كلامية بين الأغلبية والمعارضة حول الأرقام التي أعلنها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أثناء تقديم الحصيلة المرحلية للحكومة. فبعد تبادل «الكلاشات» بين قادة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة، وقادة حزب التقدم والاشتراكية المحسوب على المعارضة، في أعقاب توجيه هذا الأخير رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، شكك من خلالها في الأرقام المقدمة في الحصيلة الحكومية، قبل أن يتدخل الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، في لقاء دراسي نظمته فرق الأغلبية بمجلس النواب، لتصحيح المغالطات التي روجتها المعارضة، حيث توقع ارتفاع مداخيل الميزانية لتصل إلى 100 مليار درهم، ورفض رواية إقصاء 8 ملايين مغربي من التغطية الصحية.

مقالات ذات صلة

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

لقجع يصحح معطيات المعارضة أثناء مناقشة الحصيلة الحكومية

 

خلال اللقاء الدراسي، الذي نظمته هيئة فرق الأغلبية بمجلس النواب، الأسبوع الماضي بالرباط، من أجل تسليط الضوء على موضوع استدامة المالية العمومية كشرط أساسي لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، قام الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بتصحيح ما أسماه المغالطات الصادرة عن فرق المعارضة أثناء مناقشة الحصيلة المرحلية للحكومة.

وأكد لقجع، في عرض قدمه بالمناسبة، أن موضوع استدامة المالية العمومية «يكتسي راهنية كبرى لأنه مسؤولية مشتركة بين الحكومة والبرلمان، ولارتباطه بقدرة بلادنا على مواصلة تمويل مختلف الأوراش والسياسات العمومية، فضلا عن كون السيادة المالية تعتبر من الأولويات الأساسية».

واعتبر الوزير المنتدب أنه من الضروري التساؤل حول «قدرة بلادنا على الحفاظ على استدامة المالية العمومية في ظل الالتزامات التي اتخذتها الحكومة والأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة بقيادة الملك محمد السادس، سواء في إطار بناء الدولة الاجتماعية أو على مستوى دعم الاستثمار بشقيه العمومي والخاص».

وخلال حديثه عن كيفية تحقيق الحكومة للتوازن بين متطلبات تمويل الأوراش التنموية والحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، أفاد لقجع بأنه تمت تعبئة حوالي 100 مليار إضافية خلال ثلاث سنوات (2021 – 2023 )، فيما ارتفعت الموارد الجبائية بمعدل سنوي بلغ 12,5 في المائة مع انخفاض الضغط الضريبي من 23 إلى 21 في المائة. وأضاف الوزير المنتدب أن الموارد المعبأة ستمكن من تمويل النفقات الإضافية البالغة أزيد من 90 مليار درهم، مشيرا إلى أن تكلفة ورش الحماية الاجتماعية ستصل إلى 40 مليار درهم، بينما ستبلغ تكلفة الحوار الاجتماعي 45 مليار درهم بحلول سنة 2026. وفي ما يتعلق بتنزيل البرنامج الملكي للدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، كشف لقجع أن عدد المستفيدين بلغ إلى حدود الآن 12 ألفا، فيما تقدر الكلفة السنوية بـ 9 ملايير درهم.

من جانب آخر، قدم المسؤول الحكومي توضيحات بخصوص عدد المستفيدين من برنامج المساعدة الطبية «راميد»، حيث نفى أن يكون عددهم 18 مليونا، موضحا أن هذا العدد يهم العدد التراكمي للمستفيدين منذ تعميم نظام «راميد» سنة 2012 إلى حدود متم 2022، ويشمل هذا الرقم المؤمنين الذين فقدوا أهلية الاستفادة من هذا النظام، وأبرز أن عدد المستفيدين الذين تم تحويل قاعدة معطياتهم من «راميد» إلى «أمو تضامن» في دجنبر 2022، هو 10 ملايين شخص، وليس 18 مليونا، مشيرا إلى أنه تم تخويل كل المستفيدين من «راميد» الاستفادة تلقائيا من «أمو تضامن»، وجرى منحهم مهلة سنة كاملة للتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد قصد مواصلة الاستفادة من «أمو تضامن»، وبعد انتهاء هذه المهلة، يوضح لقجع، أصبح عدد المستفيدين هو 3,8 ملايين أسرة، أي ما يناهز 10 ملايين مستفيد باحتساب ذوي حقوقهم، أي العدد نفسه الذي كان يستفيد من «راميد» نهاية سنة 2022.

من جهته، وفي معرض تفاعله مع تدخلات البرلمانيين، أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن فهم الحصيلة الحكومية يتطلب استخدام أدوات ومفاتيح مختلفة، موضحا أن هذه الأدوات تبدأ من فهم أن الحكومة الحالية «انتقلت من سياسة الإجراءات التي تبقي على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في مكانها، إلى سياسة تستهدف إحداث تحول والانتقال من مستوى إلى آخر».

وأشار الوزير إلى أن قراءة الحصيلة باستخدام الأدوات المستمدة من الدستور، بالإضافة إلى الرغبة في إخراج الفقراء من الفقر عبر سياسات الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، تسهم في فهم الأثر والمخرجات، مؤكدا أن «من لم يمتلك هذه المفاتيح قد ينظر إلى الحصيلة الحكومية بمنظار مختلف»، مشيرا إلى أن هذه المفاتيح موجودة في الدستور وفي الممارسة البرلمانية.

أرقام الحماية الاجتماعية تثير خلافا بين الأغلبية والمعارضة

 

شكل مشروع الحماية الاجتماعية أول حلبات الصراع بين الأغلبية والمعارضة، ففي الوقت الذي شككت المعارضة في أرقام الحكومة بخصوص تعميم وتمويل الحماية الاجتماعية، دافع عمر احجيرة، منسق فرق الأغلبية بمجلس النواب، عن حصيلة النصف الأول للولاية الحكومية التي سبق أن أعلن عنها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وذلك خلال اللقاء الدراسي الذي نظمته هذه الأخيرة بمقر حزب الاستقلال، حول موضوع «استدامة المالية العمومية لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية»، والذي أطره فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وقال احجيرة: «إن العلاقة القوية التي تربط الأغلبية الحكومية بالأغلبية البرلمانية، تضر البعض، هذا الانسجام يزعجهم، وهو ما يدل على أننا ناجحون، وسنرفع من نجاحاتنا».

وزاد عمر احجيرة قائلا: «نحن هنا لندافع، ونترافع على المواطنين أمام الوزير من موقع الأغلبية»، مشيرا إلى نجاح البرامج الاجتماعية التي تنفذها الحكومة، وقال في هذا الصدد: «الحكومة ضامنة لهذا التمويل، وضامنة لإنجاح هذه الأوراش..والحصيلة مشرفة». وفي السياق ذاته، وفي حديثه عن تواصل الأغلبية مع المواطنين، قال احجيرة: «إن هذه الحكومة غير مستحضرة للحسابات السياسية الضيقة، وإن المعركة الحقيقية هي إنجاز عدد من الأوراش».
من جانبه، أبرز محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن حصيلة الحكومة والأوراش الاجتماعية أثارت الكثير من النقاش، وهي فرصة لكي تفيض الحكومة في شرح استدامة المالية العمومية، مشددا على أن الحصيلة الحكومية مشرفة.

وتحدث المتحدث ذاته عن ورش الحماية الاجتماعية الذي كان للملك الفضل فيه مبادرة ورؤية، مشيرا إلى أن الحكومة تعرف كيف تتواصل من خلال المؤسسات الدستورية، وخارجها، بطرق متعددة. فيما قال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب: «إن المشروع الملكي كبير جدا، حيث قامت الحكومة الحالية بتنفيذه على أرض الواقع»، مضيفا أن فرق المعارضة دائما تشكك في استدامة التمويلات الموجهة للحماية الاجتماعية، فيما نحن كأغلبية حكومية على يقين بأن الحكومة حين وضعت هذا المشروع، وأرادت تنزيله على أرض الواقع، فقد قامت بإعداد الآليات المالية الأساسية له.

وأبرز التويزي أيضا أن هذا اللقاء جاء من أجل رد الأغلبية على المعارضة التي تشكك دائما في استدامة أوراش الحماية الاجتماعية. فيما عبر شاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، عن مساندة الحزب للبرنامج الحكومي، خصوصا بعد إعلان رئيس الحكومة عزيز أخنوش عن الحصيلة بالأرقام والأدلة، وهي حكومة منجزة وحصيلتها إيجابية. وتحدث عن الورش الملكي الاجتماعي، مشددا على أنه من المفترض أن يساهم فيه الجميع لإنجاحه، سواء معارضة أو أغلبية.

انتقادات الأغلبية للمعارضة تأتي بعدما هاجمت أحزاب المعارضة حصيلة الحكومة في الجانب الاجتماعي، فقد وجه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، انتقادات حادة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بخصوص ما وصفه «بالفشل في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية»، مشككا في حقيقة تعميم «آمو تضامن» على 22 مليون مواطن ومواطن، مضيفا: «هل فعلا يعيش الأشخاص والأسر التي تعاني من الهشاشة والفقر «لآمو تضامن» بما يصون كرامتهم؟»، فيما طالب بالكشف عن مصير الفئات التي أقصيت من «آمو تضامن» بفعل العتبة والمؤشر، «هل يمكن أن نكون مطمئنين على ديمومة هذه الأنظمة؟».

وقال شهيد إن المستفيدين السابقين الذين تم تحويلهم إلى «آمو تضامن» في فاتح دجنبر 2022 هم 4.5 ملايين، والعدد اليوم لا يتجاوز ثلاثة ملايين، متسائلا: «ما مصير المؤمنين الذين فقدوا الحق في «آمو تضامن»؟ (…) ماذا عن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة والخطيرة؟»، كاشفا أنه كان من المنتظر أن يستفيد 1.6 مليون فلاح وفلاحة من نظام التغطية الصحية بموجب الاتفاقية الموقعة أمام الملك محمد السادس، لتفعيل القانون الإطار للحماية الاجتماعية بفاس سنة 2021، مؤكدا «أن الذين تم تسجيلهم اليوم هم فقط 600 ألف، والذين يستفيدون هم فقط 25 ألف فقط من الخط المفتوح».

وأضاف المصدر ذاته أن الرقم نفسه موجود في غير الأجراء الآخرين في الصناعة التقليدية، وفق الاتفاقية الموقعة أمام الملك، مبرزا أنه «من المفروض أن نصل إلى رقم 750 ألف مؤمن، لكن اليوم الذين لهم الحق من الخط المفتوح هم فقط 22 ألف فقط»، وتساءل بهذه المعطيات: «هل مشروع إصلاح المنظومة الصحية يواكب المشروع الملكي الطموح؟»، مشككا في الوقت نفسه في قدرة الحكومة «على الوفاء بالتزاماتها في إصلاح التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل لاستكمال أضلع الحماية الاجتماعية»، مشيرا إلى فشل التزام الحكومة بإخراج مليون أسره من الفقر والهشاشة، موضحا أن معطيات المندوبية السامية للتخطيط «تؤكد نزول أزيد من ثلاثة ملايين مغربي تحت عتبة الفقر، وارتفاع معدل الفقر من 1.2 في المائة سنة 2022 إلى 6.6 في المائة سنة 2023، بسبب التضخم».

 

قياديون بالأحرار يردون على الانتقادات الموجهة للحصيلة الحكومية

 

نوه أعضاء المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، خلال فعاليات اللقاء الوطني لتقديم رؤية الحزب للارتقاء بعمل الجماعات الترابية والغرف المهنية، الذي نظمته الفيدرالية الوطنية للمنتخبين التجمعيين أخيرا بمدينة أكادير، بالحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، مشددين في الوقت نفسه على اهتمام الحزب بالمنتخب المحلي، باعتبار دوره المهم في التنمية وترسيخ الديمقراطية المحلية.

وأبرز راشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن الحزب وصل اليوم إلى مرتبة مميزة بفضل وخبرة وحنكة رئيسه عزيز أخنوش، مشيرا إلى أن الأجيال القادمة ستفتخر بعد عقود بإنجازات الحكومة التي يترأسها الحزب، وستعتبر هذه الحقبة مرحلة تاريخية بامتياز، مشيرا إلى أن ما يميز «الأحرار» عن باقي الأحزاب السياسية كونه يؤمن بأن الوظيفة السياسية للنخب في القرن 21 هي إنتاج التنمية، وليس الصراع من أجل الكراسي كما كان في ما مضى، وهو ما زالت بعض الأطراف تعتمده الآن.

واستنكر الطالبي العلمي، في كلمته خلال المنتدى، توجيه بعض الأطراف انتقادات في غير محلها إلى الحكومة وقيادة الحزب، خصوصا في ما يتعلق بمخطط المغرب الأخضر، مؤكدا أنه لولا هذا المخطط لما تم تزويد الأسواق الوطنية بالمواد الغذائية في عز الأزمة العالمية، مبرزا في سياق آخر أن الحزب «يعمل على خلق تكامل بين تنزيل البرنامج الحكومي على المستوى المركزي والمحلي، وسيعمل الآن على ترميم النقص الحاصل بالجهات بشكل عقلاني».

من جانبه، عبر محمد أوجار عن اعتزازه وافتخاره بإنجازات وحصيلة الحكومة المرحلية، وقال إنه «لحسن الحظ أن الحكومة الحالية هي التي تقود المرحلة، وإلا لكانت هذه الفترة عسيرة أكثر ومتسمة بطابع الأزمة»، حسب تعبيره.

وأوضح أن ما قامت به الحكومة برئاسة عزيز أخنوش لم يحدث أبدا مثيل له في تاريخ المغرب، مشيرا إلى أن ذلك لا يكفي في تصورها، بل «ما زال لدينا طموح من أجل تحقيق المزيد»، مضيفا في سياق متصل أن مسؤولية الحكومة اليوم تتجلى أساسا في تكوين النخب، وأجرأة كل الالتزامات المتعاقد عليها، ومواصلة العمل دون الاكتراث بأشكال التشويش التي يشنها البعض، والتي يكون الغرض منها هو النيل من عزيمة الحكومة وصمودها وحرصها على تنزيل الأوراش الاجتماعية الملكية. وأكد أن الحكومة قامت بمجهود كبير للتجاوب مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغيلة، وتمكين الأسر من الحماية الاجتماعية والدعم الاجتماعي ودعم السكن وغيرها الكثير.

ونوه مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي لحزب «الحمامة»، بالحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المنهجية التي تم الاشتغال عليها خلال عامين ونصف العام، تهم التقائية السياسات العمومية، مردفا «دستور 2011 جاء بمقتضى دستوري وهو إعطاء التقائية السياسات العمومية لرئيس الحكومة، بمعنى مهمة الرئيس هي جمع القطاعات حول قضايا وملفات»، مؤكدا أن «الرئيس عزيز أخنوش كان حريصا على معالجة هذه المشاكل، من خلال عقد عدة اجتماعات تهم الاستثمار والتعليم والصحة والماء التي يرعاها الملك محمد السادس، وكذلك القضايا المرتبطة بالدولة الاجتماعية وتفعيلها».

 «كلاشات» بين قادة التجمع الوطني للأحرار والتقدم والاشتراكية

 

ألقت الرسالة المفتوحة الثانية، التي وجهها حزب التقدم والاشتراكية إلى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، حجرا ثقيلا في بركة السياسة الوطنية؛ فقد أعادت هذه الرسالة، التي تزامنت مع بداية النصف الثاني من الولاية الحكومية الحالية، النقاش وبقوة حول مدى صوابية التوجه نحو هذه الآلية الجديدة من عدمها.

وقد انتقد محسوبون على أحزاب الأغلبية هذه الخطوة الجديدة التي اعتبروها «بدعة سياسية جديدة ومسيئة للعمل السياسي وللنسق السياسي ككل، في وقت كان من الأجدر على حزب «الكتاب» اعتماد القنوات الرقابية الكلاسيكية، كالبرلمان، ما دام أنه يتوفر على ممثلين له بمجلس النواب وعلى مستوى اللجان البرلمانية»، لافتين إلى أن «محاولة إظهار الحكومة كغير الملتزمة ببرنامجها أمر غير صائب».

ووجه حزب التقدم والاشتراكية، خلال الأسبوع الماضي، رسالة مفتوحة ثانية تتضمن تقييما لحصيلة الحكومة خلال النصف الأول من عمرها، تضمنت ما اعتبرته «فشلا في تدبير الحكومة لعدد من الأوراش الاجتماعية؛ بما فيها الدعم المباشر والحماية الاجتماعية والمسائل الاقتصادية الصرفة»، وذلك في 10 نقاط رئيسية.

وانتقد عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي، الرسالة التي وجهها مؤخرا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله إلى رئيس الحكومة منتقدا فيها الحصيلة المرحلية للحكومة، حيث شدد العلمي على أن قيام حزب التقدم والاشتراكية بتهريب النقاش من المؤسسات بأنه «فوضى»، بحسب قوله.

وأوضح الطالبي العلمي في كلمة له خلال اللقاء الوطني لتقديم رؤية الحزب للارتقاء بعمل الجماعات الترابية والغرف المهنية، السبت 25 ماي 2024 في أكادير، إلى أن تاريخ حزب التقدم والاشتراكية توقف عند سنة 1991 قبل سقوط جدار برلين، منبها إلى أن «وظيفة النخب السياسية في القرن 21 هي تحقيق التنمية كما يراهن على ذلك حزب الأحرار، وليس الصراع من أجل الكرسي كما يفعل حزب التقدم والاشتراكية».

وأضاف العلمي قائلا: «كنت مضطرا لإنزال المستوى لإجابة البعض الذي يعتبر نفسه فوق الجميع، ولو تم إنجاز المهام التي أوكلت لكم لما صدر بلاغ ملكي لا يسمح لكم بتحمل المسؤولية مستقبلا».

وأشار الطالبي العلمي إلى فشل التقدم والاشتراكية أثناء تحمله المسؤولية في الحكومات السابقة، خصوصا تأخر إنشاء المشاريع المتعلقة بالماء، والمشاكل التي خلفها تدبير وزراء التقدم والاشتراكية في قطاع الإسكان والتعمير وقطاع الصحة.

في المقابل، رد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بلهجة شديدة، على تصريحات القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي، واصفا إياها بالتصريحات «الساقطة»، والتي قال إنها تطرح تساؤلات عريضة حول صحة وسلامة الفضاء السياسي، لكونها صادرة عن شخصية مهمة في هرم الدولة.

وقال بنعبد الله، يوم الاثنين 27 ماي 2024، في حديثه أمام الفريق النيابي لحزبه بمجلس النواب، إن الخرجة الأخيرة للعلمي جاءت تعبيرا عن انزعاج الحكومة من الرسالة التي قدمها حزبه لرئيس الحكومة الأسبوع الماضي، كشكل من أشكال التوجه لمساءلة الحكومة، والتي اختار حزب التجمع الوطني للأحرار التفاعل معها بهذه الطريقة. وهي نفس الطريقة التي رد بها على رسالة سابقة للحزب، موضحا أن الائتلاف الحكومي الحالي، الذي انزعج من رسالة انتقاد، لا يعترف بالمعارضة إلا عندما «تذهب في سياق التطبيل والتصفيق أما الانتقاد بشكل مسؤول فلا مكان له».

وتحدث بنعبد الله عن العلمي بشكل خاص، وقال إن رئيس مجلس النواب كان قبل أسبوع مع وفد برلماني في الصين يمدح حزب التقدم والاشتراكية ويصفه بأنه من بين أعرق الأحزاب المغربية التي تشتغل منذ ثمانين سنة، مضيفا أن «ما تغير في ظرف أسبوع هو أن هذا الحزب ارتكب جريمة ما بعدها جريمة وهي توجيه رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة».

واعتبر بنعبد الله أن تصريحات العلمي الأخيرة هي «تنفيذ لتوجيهات»، فيما لم ترد الحكومة على مضامين الرسالة التي وجهها إليها الحزب، وقال إنهم «لم يجيبوا لا على واقع الفضاء السياسي ولا التشغيل ولا الوضع الاقتصادي ونسبة النمو ولا الثقة من عدمها في الفضاء السياسي ومناخ الأعمال ولا على الحماية الاجتماعية وتعثراتها ولا الدعم المباشر ولا السكن».

ثلاثة أسئلة لسعيد الخمري*:

«علاقة الأغلبية والمعارضة يحددها الدستور والأدوار التاريخية للأحزاب في تقهقر»

 

 

ما هو التأطير القانوني للعلاقة بين الأغلبية والمعارضة؟

وجبت الإشارة في هذا الباب إلى أنه من البديهي الوقوف على طبيعة الأغلبية، والتي نجد أنها بمقتضى الدستور تجد تأطيرا لعملها وأدوارها وطبيعة علاقتها بباقي الهيئات والمؤسسات، والأمر نفسه ينسحب على المعارضة، وبالتالي فإننا نكون أمام هيئتين دستوريتين حدد دستور المملكة لسنة 2011 اختصاصاتهما والعلاقة بينهما، بحيث تم تخصيص مقتضى خاص بالمعارضة البرلمانية من خلال التنصيص على أدوارها وما يمكنها من القيام بهذه الأدوار على أكمل وجه في التشريع وفي الرقابة وفي تقييم السياسات العمومية داخل البرلمان. وبالنسبة إلي فالأدوار واضحة ويجب أن تكون في إطار ما ينص عليه الدستور وأن تكون العلاقية بين هذين الطرفين مستوحاة من روح الدستور. وهنا يجب القول إن أحزاب المعارضة لها دورها في الرقابة وفي تقييم السياسات العمومية، كما لها الحق في أن تنتقد عمل الحكومة وأن تنتقد حصيلتها، لكن هذا يجب أن يكون منضبطا مع ما يسمح به القانون، من خلال جلسات الأسئلة الشفهية، أو من خلال الأسئلة الكتابية، أو من خلال باقي الأليات الأخرى التي منها مناقشة الحيلة المرحلية. وبالتالي فيجب على المعارضة أن ترافع عن رأيها ومواقفها وتقييمها للحصيلة الحكومية، بسلبياتها وإيجابياتها، وأن يكون خطاب المعارضة مبنيا على معطيات ووقائع وأرقام، وأن يكون واقعيا يستحضر السياقات والظروف، وأن يكون في إطار اللياقة السياسية التي يؤطرها القانون وتؤطرها الأعراف السياسية، وبالتالي فخطاب المعارضة الذي قد يحملا نوعا من التهويل والتضخيم، قد يكون مقبولا في حدود معينة. وفي اعتقادي فإن المعارضة يجب أن تغطي كل الهوامش المتاحة لها دستوريا من أجل إبداء رأيها وإبداء مواقفها، ولكن في إطار ما يسمح به الدستور.

من جانب آخر، فالأغلبية كذلك يجب أن يتسع صدرها لتلقي الانتقاد، وأن تتقبل ما توجهه لها من المعارضة من انتقادات، في حدود ما يسمح به الدستور والقانون والأعراف الحزبية والسياسية بطبيعة الحال، وما تقدمه المعارضة ليس هو الحقيقة المطلقة، كما أن ما تقدمه الأغلبية فهو على نفس المنوال.

 

ما هي المؤشرات التي تحملها عودة التراشق السياسي بين الحكومة والنقابات؟ هل هو تعبير عن أزمة تعيشها الأحزاب؟ أم توجه نحو إنعاش الفضاء السياسي؟

إن كان هناك حديث عن الأزمة، فيجب أن نقر أن هذه الأزمة تهم العمل الحزبي بصفة عامة، أغلبية ومعارضة. وهذا الأمر ينسحب على الأدوار والوظائف التقليدية للأحزاب التي أصبحت في تراجع وتقهقر، حيث إن هذه الأحزاب تواجه مشاكل في أدوارها المرتبطة بالتنظيم الداخلي، والقدرة على التأطير، والتنشئة السياسية، ودورها في تمثيل المواطنين، وأيضا في أن تكون لها رؤية واضحة ومشروع مجتمعي واضح، وأن تكون لها مرجعية واضحة سواء في اتجاه اليمين أو اليسار أو حتى الوسط، وهي المرجعية التي تستند إليها في الدفاع عن مشروعها، لذلك فنحن أمام الحاجة إلى إعادة بعث أدوار الأحزاب السياسية في المغرب، بما يساهم في تقوية وتعزيز البناء الديمقراطي، فلا ديمقراطية من دون الديمقراطيين، ولا ديمقراطية من دون الأحزاب سياسية حقيقية تقوم بأدوارها الطبيعية، وتساهم في تطوير وتجويد الحياة السياسية في البلاد، بل يجب أن يذهب دور الأحزاب إلى منحى أساسي يصب في غاية تحقيق غاية تخليق الحياة السياسية والعامة، وبالتالي لا يمكن أن نتجاهل دور الأحزاب وأهميتها في المنظومة الديمقراطية.

 

في هذا السياق، ما هي الآليات التي منحها المشرع للحكومة من أجل عرض والدفاع عن حصيلتها؟

إن المشرع المغربي وضع بيد الحكومة عددا من الآليات والمناسبات من أجل عرض حصيلتها، أو إنجازاتها كما تراها هي، ومن هذه الآليات ما هو دائم كشأن الجلسات العمومية بالبرلمان لتقديم الأسئلة الشفهية، وهي الجلسات التي تدخل في باب دور البرلمان في مراقبة عمل الحكومة وتقييم عملها، وأيضا تعد فرصة لدى القطاعات الحكومية من أجل الدفاع عن الاجراءات والمخططات والبرامج التي تشتغل عليها، زيادة على هذا، نجد آلية الأسئلة الكتابية، والتي يسري عليها ما يسري على الأسئلة الشفهية، وأيضا الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة من أجل تقييم السياسة العمومية، وهي الجلسة التي كون مناسبة للحكومة للحديث وعرض عملها في قطاع معين أمام البرلمانيين، سواء النواب أو المستشارين، وهي أيضا فرصة للحكومة للدفاع عن مشاريعها وتبسيط الرؤى حولها، هذا زيادة على كون الحكومة كتنظيم لديها قطاع تواصلي، وهو الوزير الناطق باسم الحكومة، والذي يبسط بدوره تفاصيل المشاريع الحكومية ويكشف مواقفها على القضايا الراهنة التي تعنيها وذلك من خلال بلاغات أو خلال الندوة الصحافية التي تعقب المجلس الحكومي.

 

*أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق – المحمدية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى