حسن فرج: «قطعت علاقتي بصديقي بناني عندما طردني والده من إقامة بالصخيرات باعها والدي»
تقول إن قصة زواجك جاءت بمفاجآت كثيرة بخصوص إرث والدك وثروة العائلة.. احك لنا من البداية.
كان هذا سنة 2007 دائما. راودتني فكرة الزواج في ألمانيا، حتى أكون أكثر دقة، وقررت أن أتزوج فور دخولي للمغرب في مارس من السنة نفسها، عندما كنت ألتقي الأصدقاء القدامى، وأبحث عن مشاريع بنيّة الاستثمار في المغرب.
- هل كان زواجك استثمارا؟
لا بالعكس، ولدي ما يُثبت هذا الأمر. كنت مرتاحا جدا من الناحية المادية وآخر همي كان هو الحصول على المال. كما أن علاقاتي كانت واسعة. كانت لدي شقة في برلين، وكنت مطمئنا، لأني كنت أدرك أنني على الأقل أمتلك عقارا واحدا صافيا باسمي ليس فيه أي مشاكل. أما الممتلكات التي لدينا في المغرب فكلها مشتركة وكلها الآن محط صراع. عندما امتلكت الشقة وكان لدي من المال ما يكفي لعيش حياة كريمة والاشتغال كرجل أعمال، تقوت لدي فكرة الزواج أكثر من أي وقت مضى. وتأسفت لأن الزواج لم ينجح لظروف سأحكيها بالتفصيل، وكان الطلاق هو الحل.. فقد ساءت علاقتي بأصهاري كثيرا.
- هل تعرفت على زوجتك في المغرب؟
نعم خلال الأشهر الأولى لدخولي إلى المغرب، عندما كنت ألتقي صديقي رشيد الحرشي، ابن الجنرال الحرشي، في الرباط، انفتحت على محيط قدماء التلاميذ الذين درست معهم في سنوات الطفولة بالمدرسة الأمريكية.
للإشارة فرشيد الحرشي كنت ألتقيه في المغرب وخارجه أيضا، كان هو أقرب الأصدقاء إليّ، وهو أول من اقترحت عليه أن نشتغل سويا، وكان مجدّا في هذا الأمر، وبلقاءاتنا المتكررة في الرباط، انفتحت من خلاله على المحيط القديم الذي جمعتني به سنوات الطفولة.
تعرفت على زوجتي من خلال الأصدقاء الذين أعدت الاتصال بهم، وأحد هؤلاء هو ابن السيد بناني..
- من؟
ابن السيد بناني.. الذي كان في المجلس الأعلى للحسابات. عمل والده مع والدي في القصر الملكي خلال الفترة ذاتها، وكانوا جيرانا لنا في الصخيرات. إقامة بناني كانت في المركب نفسه الذي كانت داخله إقامة عبد الفتاح فرج، غير بعيد عن قصر الصخيرات. كانت إقامة جميلة بها مسبح يُملأ من مياه البحر مباشرة، وتطل على الشاطئ، لكن عبد الفتاح قام ببيعه سنوات قبل أن يغادر المغرب.
بقيت صداقتي مع ابن السيد بناني، إلى وقت متأخر، وانتهت عندما طردني والده من ذلك المكان الذي اعتدت أن أقضي فيه فصل الصيف منذ الطفولة. في الحقيقة كنت أذهب إلى هناك حتى بعد أن باع والدي تلك الإقامة. وفي إحدى المرات كنت أتشمس إلى أن وقف عليّ السيد بناني شخصيا وسألني في البداية عن أحوالي، وقال لي إنني لا يجب أن أعود إلى هذا المكان لأننا لم نعد نسكن هناك، وأنه لم يعد في ملكيتنا. كنت أتوجه إليه لأن ابن بناني صديق مقرب، ولم أكن أرى حرجا في مجاورة المكان في الشاطئ. ولما طردني والده، ساءت علاقتي به، ولم نعد نلتقي..
- من خلال هؤلاء تعرفت على زوجتك، صحيح؟
في إحدى المرات التقيت شابة من هذا المحيط نفسه، تقول إنها درست أيضا في المدرسة الأمريكية. وبدأنا نتحدث عن ذكريات الطفولة، وشككت، بل تيقنت أنها هي نفسها التي كانت راسخة في ذاكرتي منذ الطفولة، وكنت معجبا جدا بها.
لأنه كانت هناك فتاة جميلة جدا تركب معنا سيارة النقل المدرسي التي كانت تقلنا من الفيلات إلى المدرسة الأمريكية، وبقيت عالقة بذهني طيلة تلك السنوات.
تعرفت على هذه الشابة، واسمها حسناء بادوح، وكنت أتذكر أن والديها كانا يشتغلان في القصر الملكي أيام الملك الراحل الحسن الثاني. وسرعان ما سرى بيننا تفاهم، وقررت أن أتزوجها وعرضت عليها الأمر.
- قبل ذلك، هل كانت هي فعلا الشابة التي كانت عالقة بذاكرتك منذ الطفولة؟
سأكتشف أن خلطا ما قد وقع، لكن لا يهم، لأنني فعلا تعرفت عليها على أساس أنها السيدة التي كنت معجبا بها منذ الطفولة. لقد كانت هناك فتيات كثيرات داخل المدرسة الأمريكية بمن فيهن ابنة إدريس البصري التي كنا نراها كثيرا وكانت أكبر مني بسنوات قليلة، بالإضافة إلى أبناء الوزراء والمسؤولين والعاملين في القصر الملكي. سألتها، في جلسة التعارف تلك، إن كانت قد درست في المدرسة الأمريكية فأكدت الأمر، وسألتها إن كانت تستقل سيارة النقل المدرسي نفسها التي كانت تقلني فأكدت لي الأمر أيضا، وهكذا قلت إن هناك احتمالا كبيرا في أن تكون هي نفسها الطفلة التي كنت معجبا بها طيلة تلك السنوات.. خصوصا أنني سألتُ عن أسرتها وقيل لي إن والديها كانا يعملان في القصر الملكي أيام الملك الراحل، وهو ما قوّى حظوظ أن تكون هي نفسها التي ارتبطت بخيالي منذ الصغر. لأني كنت أعلم في فترة الطفولة أن الفتاة التي كنت معجبا بها ابنة زوجين يعملان في القصر.
بعد فترة تعارف قصيرة، تيقنت أنها السيدة المناسبة لي، وحسمت في أمر الارتباط بها. عبرت لها عن الأمر ووافقت، وبالتالي قررت أن ألتقي والدتها، السيدة شريفة سليمة العمراني حتى أخطبها رسميا.
- قبل الخطوة الرسمية، هل تحدثت مع والدتك في الأمر؟
نعم لكن بشكل غير مباشر، وفي الحقيقة لم أقرر إخبارها إلا عندما حسمت أمري في الزواج.
- ماذا تقصد بأنك تحدثت معها بشكل غير مباشر؟
اتصلت بالدكتور قنيدل.. كان في تلك الفترة لا يزال غارقا في مشاكله في ألمانيا ولم يدخل بعد إلى أرض الوطن، وهو من اتصل بها وأخبرها أنني سأتزوج.
اتصلت به لأعرض عليه أن يأتي إلى المغرب ويرافقني في الخطوة الرسمية التي مهدت للزواج ويتعرف على العائلة التي أنوي مصاهرتها. لكنه قال لي إنه لن يستطيع المجيء إلى المغرب، وهو أمر لم أفهمه وقتها، وسأفهمه لاحقا.. وهو كيف أنه استطاع الدخول إلى المغرب لاحقا ولم يكن قادرا على الدخول من قبل.
المهم أنه اتصل بوالدتي وأخبرها بأنني أنوي الزواج قريبا واتصلت به ليرافقني عند أصهاري الجدد. عندما أخبرها قنيدل بالأمر جاءت على الفور إلى المغرب، لكنها في الحقيقة لم تبد أي موقف من قراري الزواج ولم تبد رأيها لا في السيدة التي نويت الزواج بها ولا في عائلتها.. بقيت على غموضها المعهود.
- هل كان هو ضد زواجك مثلا؟
في الحقيقة، خلال المكالمة الهاتفية، شجعني كثيرا على الاستقرار ولمست أنه كان يريد أن يكون حاضرا لكنه لم يستطع. سأفهم لاحقا كيف أنه لم يكن يملك قرار العودة إلى المغرب بتلك السهولة، وستكون صدمتي كبيرة عندما أكتشف أن له علاقات مشبوهة في ألمانيا. تتذكر أنني أخبرتك أنه أخذ مني أوراقا تتعلق بالحسابات البنكية لعبد الفتاح فرج في ألمانيا؟ لقد كانت هذه مهمة أنيطت به. لقد وضعت له فخا، وراقبته. وضعت له فوق المكتب نفسه أوراقا كثيرة لحسابات بنكية في فرنسا وسويسرا وألمانيا، وتسلل إلى المكتب ليلا ظنا منه أنني لن أراه، وقلب الأوراق جيدا، ولم يأخذ إلا الأوراق التي لها علاقة بألمانيا.
لم يكن قادرا على العودة إلى المغرب في الوقت الذي يختاره هو، لهذا السبب لم يحضر ترتيبات الزواج، التي للإشارة مرت سريعة جدا.
- كيف تفسر حضور والدتك، رغم أنك لم تخبرها بشكل مباشر. ألا يبدو الأمر غريبا؟ لماذا لم تتصل بها أنت شخصيا وتدعوها؟
السبب هو الظروف العصيبة التي كانت تمر منها العائلة بسبب مشاكل الإرث. هي اختارت أن تنزوي بنفسها بعيدا، حتى أنها لم تكن تريد الإفصاح لي إن كانت موجودة في المغرب أو ألمانيا. أخبرتك سابقا بالتفاصيل.. لذلك قررت أن آخذ مسافة منها بدوري. لم أكن أريد أن أفرض عليها شيئا.
لا أظن أنه من الغريب أن أتصل بالدكتور قنيدل في موضوع مماثل وألا أتصل بوالدتي، لأن ما عشته سابقا كان الدكتور قنيدل حاضرا فيه بقوة.. لذلك اتصلت به دون تفكير..
- تقول إنك لم تخبر قنيدل إلا عندما حسمت في أمر زواجك.. ألم تستشر أحدا قبل ذلك؟
لم أر أنه من الضروري أن أستشير أحدا، خصوصا والدتي، لأنها أخبرتني في مناسبات ومحطات كثيرة من حياتي أنه يتعين عليّ أن أعيش حياتي مستقلا تماما عنهم كعائلة. لذلك لم أتصل بهم إلا ليحضروا ترتيبات الارتباط رسميا. لكني سررت كثيرا لأنها حضرت عندما أخبرها الدكتور قنيدل بالخبر.
- وأصهارك ماذا كان موقفهم؟
والدة زوجتي، السيدة شريفة سليمة العمراني، وافقت على الفور، منذ لقائي الأول بها. وطلبت منها أن ألتقي صهري المستقبلي حتى أتعرف عليه أيضا، لكنها أخبرتني أنه لا يعيش في المغرب، وأنه مقيم في «ماربيلا».
أريد أن أوضح هنا نقطة مهمة. في الزفاف حضر زوجها السابق، السيد عبد الكريم بادوح، والد زوجتي حسناء. لكن خلال التعارف، عندما طلبت من أم زوجتي لقاء زوجها، أخبرتني أن اسمه عادل الفرجاني، وأنه لا يوجد في المغرب وقتها، وطمأنتني بأنني سألتقيه قريبا، وأعطتني رقمه الهاتفي لأتحدث معه حتى يتعرف عليّ.
سأكتشف لاحقا أن هناك علاقة وطيدة بينه والجنرال الحرشي.
- هل التقيته قبل موعد الزواج؟
لا. في اليوم المحدد للزواج كان زوجها السابق حاضرا، لكن عادل الفرجاني لم يحضر، وسألتها عنه من باب الحرص على حضور العائلة، لأنه صهري، فأخبرتني أن لديه التزامات منعته من الحضور.