شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

جماعات بسنة بيضاء

ليس في الأمر أي مبالغة إذا قلنا إن معظم الجماعات الترابية بشكلها الحالي والماضي هي أكبر معيق للتنمية وأقوى كابح للديمقراطية المحلية. فكل ما تضعه الدولة من مخططات وسياسات استراتيجية، لن يكون له أي أثر على المستوى الترابي في ظل وجود مجالس يقودها محكومون سابقون ومشتبه في تدبيرهم في ظل التجارب السابقة، وتكفي متابعة ما جرى من فوضى وتبادل السب والقذف والاتهام بمحاولة القتل بجماعة فاس خلال دورة أكتوبر ليقتنع الجميع بأننا نحتاج إلى مسار طويل وشاق للوصول إلى جماعات مواطنة تعلي من الصالح العام.

وبالتأكيد فإن من حق الرأي العام أن يتساءل فعلاً ما الجدوى من مجالس معيقة لمشاريع التنمية، بل تنجح فقط في شل التنمية المحلية بسبب الحسابات السياسوية وتضارب المصالح الشخصية؟

وهنا يتحمل رجال السلطة والمجالس الجهوية للحسابات والقضاء الإداري والزجري كذلك جزءا مما آلت إليه الأوضاع، بدون أدنى شك، كنا سنكون أمام جماعات يقودها من يستحق من السياسيين لو تم الضرب بيد من حديد على يد المفسدين والمتلاعبين بمصالح المواطنين بأحكام قضائية زجرية، لو حرك الولاة والعمال اختصاصاتهم في العزل والاستفسارات الممنوحة إليهم في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، لو  كان لتقارير المجالس الجهوية ترجمة فعلية وسريعة في ردهات المحاكم المالية.

للأسف مظاهر الفساد والاستهتار وتضارب المصالح وهدر الزمن التنموي، مدت أرجلها وأيديها بجماعاتنا، وأصبح من الصعب معالجة الأعطاب دون عمليات استئصالية للأورام الخبيثة. وما لم ترفع السلطات العمومية سيف المساءلة والمحاسبة فوق رؤوس أكثر من 1600 رئيس جماعة و30 ألف مستشار وتسائلهم عن من أين لك هذا؟ وتحاسبهم عن تضارب مصالحهم ومصالح ذويهم، وتفتحص قراراتهم بشأن الصفقات العمومية وقرارات التعمير والتهيئة الحضرية، فلن تكون هناك أي قيمة مضافة للجماعات الترابية، بل بالعكس ستتحول تلك الأدوات الترابية إلى جيب من جيوب استنزاف المال العام.

لابد من التذكير في هذا المقام، أن أكثر من نصف الكتلة الناخبة توجهت قبل سنة لانتخاب مجالسها، وكلها أمل في تجاوز تجربة الولاية السابقة المليئة بالشعبوية، وأن تشكل مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات قاطرة للتنمية المحلية وفضاء للديمقراطية التشاركية، لكن إلى حدود الساعة يمكن القول بأننا أمام سنة بيضاء بالجماعات، فلا نحن نجحنا في تجاوز تركة الماضي، ولا نحن توفقنا في وضع أسس لتنمية مجالية محلية اللهم ما تحقق في بعض الجماعات كأكادير ومراكش، أما الباقي فهي جماعات تعيش منطق حرب الجميع ضد الجميع وكل شيء متوقف حتى إشعار آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى