شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

جبريل..الوجه والقناع

حسن البصري

تحولت المنتديات الرياضية الجزائرية إلى مختبر لصناعة خلطة سياسية رياضية، لا يمكن أن تمر تظاهرة رياضية دون «جر لسان» مسؤول رياضي والرمي به في ملعب السياسة، والزج بالقضية الوطنية في صراعات جانبية.

استنكر المغاربة بشدة التصريحات الصادرة عن جبريل الرجوب، رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، في حق المملكة المغربية الشريفة، وغضبوا من اقترابه من خط التماس وتطاوله على وحدتنا الترابية، وهو يحل ضيفا على قناة جزائرية، على هامش حضوره كضيف على الجزائر.

تجاوز الرجل اختصاصه الرياضي، وسعى إلى التفرقة من خلال تصريحات غابت فيها الرياضة وجلدت فيها الأعراف الدبلوماسية والأخلاقية، فضلا عن تجاوزه للمواثيق الأولمبية التي تفرض عليه الحياد.

تبين أنه لا فرق بين حفيد نيلسون مانديلا وفتى ياسر عرفات، إلا بلهجة الخطاب، فهما معا استغلا حدثا رياضيا ومنبرا خطابيا لينفثا سمومهما ضد دولة آمنت بأن الرياضة مصدر السعادة، وأن الأبطال الرياضيين وصناعها وأن المدربين هم وزراء الرفاه، بل إنه تحول إلى نسخة بيضاء للفتى الجنوب إفريقي الصايع.

تحضرني واقعة ترجع إلى بداية شهر أكتوبر 2019، حين توجهت بعثة فريق الرجاء الرياضي لكرة القدم إلى فلسطين، لمواجهة هلال القدس، برسم تصفيات كأس العرب للأندية، وبعد انتهاء المباراة التمس اللاعبون من رئيس الوفد المغربي زيارة المسجد الأقصى، لأداء صلاة الجمعة في هذا المكان المقدس.

كان من الصعب الحصول على ترخيص من السلطات الإسرائيلية لحضور بعثة فريق عربي إلى المسجد، لكن بعض أعضاء نادي هلال القدس أشاروا لرئيس الرجاء إلى وجود رجل قادر على التوسط لدى السلطات الإسرائيلية والحصول على الترخيص، هذا الرجل هو جبريل الرجوب الذي يملك شبكة علاقات متينة مع السلطات الأمنية الإسرائيلية، وهو الذي يبدي، ظاهريا، عداءه لهذا الكيان.

في أقل من ربع ساعة حصلت بعثة الرجاء على ترخيص بزيارة المسجد الأقصى، وشكر رئيس الوفد المغربي جبريل، وتأكد أن الرجل نافذ في المربع الأمني، لأنه تمكن بمكالمة هاتفية من فك قلق ظل يسكن أفراد البعثة، الذين دعوا في صلواتهم لكل من ساهم في تحويل حلم الصلاة في المسجد الأقصى إلى حقيقة.

حين تقابل الرجوب ستكتشف أن الرجل يعرف أحياء الرباط أكثر من سائقي سيارات الأجرة، ويعرف أشهر المطاعم أكثر من مطربي الملاهي، فقد كان يشغل مهمة في الجهاز الأمني الخاص بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأصبح اسمه جزءا من المنظومة الأمنية داخل السلطة الفلسطينية، وفي جميع البلدان والأقطار العربية، فإن الجميع يمتثل لجبريل، إلا في فلسطين، فإن جبريل يمتثل لفتح وحماس وإسرائيل.

اليوم وبعد تصريحاته المستفزة ضد قضية وطنية، ومحاباته للجنة الجزائرية المنظمة لبطولة عربية، بات لزاما على اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية، باعتباره المسؤول عن تنظيم الألعاب الرياضية العربية، وكذا اللجنة الأولمبية الدولية إلى ضرورة التدخل لاتخاذ ما يلزم إزاء جبريل الرجوب، لوقفه عند حده، وتذكيره بثوابت الحركة الأولمبية وقيمها.

على السلطات المغربية أن تذكره بما بذله الملك الحسن الثاني، رحمه الله، وسار على دربه ونهجه الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره رئيسا للجنة القدس، من جهود مباركة لفائدة فسلطين والقضية الفلسطينية، حتى والمغرب يتلقى الضربات، غير ما مرة، ممن يزعمون أنهم يدافعون عن القضية، مع أنهم يسيئون إليها في واقع الأمر.

ومن المفارقات الغريبة في حياة عائلة الرجوب، أنها تقتات من الصراع الفلسطيني، فإذا كان جبريل عضوا في الجهاز الأمني لمنظمة فتح، فإن له شقيقا اسمه نايف الرجوب يعد قياديا بارزا في حركة حماس، وإذا كان جبريل يحمل حقيبة الرياضة الفلسطينية، فإن شقيقه نايف كان وزيرا سابقا للأوقاف.

فهم تسطى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى