شوف تشوف

الرئيسيةتعليمسياسية

توقف تمدرس ملايين الأطفال قضية أمام المجلس الأعلى للتعليم

 القانون التنظيمي للمجلس يسمح له بـ «الإحالة الذاتية» للنظام الأساسي موضوع الجدل

رغم استفحال أزمة الوزارة والأساتذة وارتفاع أعداد التلاميذ المتضررين من هذه الأزمة، ما زال صمت المجلس الأعلى للتربية والتكوين «غريبا»، خصوصا وأن النظام الأساسي موضوع الجدل بين الطرفين، هو جزء من النصوص القانونية التي تضمنها القانون الإطار، والذي كان المجلس طرفا فاعلا في إخراجه. فبحسب القانون التنظيمي للمجلس، فإن هذا الأخير يمكنه اعتماد بند يسمح له بـ«الإحالة الذاتية» لكل المشاريع الحكومية وإدلاء الرأي فيها. فبدل أن ينشغل المجلس بإجراء أبحاث أكاديمية نخبوية، فإن دوره الاستشاري، لا تعفيه من مسؤولية إبداء الرأي. خصوصا وأن تاريخ الآراء التي أدلى بها المجلس في أوقات سابقة كانت مؤثرة جدا في مسار العديد من مشاريع القوانين.

المصطفى مورادي:

لماذا لم يتدخل المجلس الأعلى؟

ينص القانون التنظيمي للمجلس بأنه يمكنه إبداء الرأي في أية قضية تعليمية أو تربوية أو تكوينية تعرض عليه، سواء من طرف الملك أو الحكومة أو من مجلسي البرلمان، غير أن ذات القانون يؤكد على أن المجلس يمكنه المبادرة بإبداء رأي حول قضايا تربوية.

ما حدث حتى الآن، هو أن الحكومة لم تبادر إلى إحالة أي من مشاريعها التربوية والتكوينية على المجلس الأعلى، خلافا للحكومات السابقة، والتي سنت هذه السُّنة، خصوصا وأن العديد من المشاريع التربوية، كان يتوجب على الحكومة المبادرة لاستشارة المجلس لخلق جسور التعاون بين المؤسستين الدستوريتين. والأمر نفسه، حيث ظلت مناقشاته للقضايا مطبوعة بالأكاديمية، فضلا على أن أغلب نشاطات رئيس المجلس لا تتعد بعض اللقاءات البروتوكولية، آخرها لقاءات مع سفيرة السودان بالمغرب وممثلتين لليونسيف واليونيسكو.

ففي المادة 4 من القانون المنظم للمجلس نجد «يمكن للمجلس، بمبادرة منه، أن يدلي بآرائه ومقترحاته بشأن القضايا التي تهم مجال اختصاصه، ويمكنه إصدار آرائه وتقاريره فـي شأن القضايا المذكورة، بتنسيق أو بصفة مشتركة، مع واحد أو أكثر من المجالس أو المؤسسات المنصوص عليها في الدستور». وهذه المادة تحديدا وضعت المجلس في موضع حرج، لكون الأمر يتعلق بمشكلة تقع ضمن صلاحيات المجلس، وهي عدم تمدرس ملايين الأطفال، بسبب نظام للمهن التعليمية، مثير للجدل، خصوصا وأن هذا النظام يعد من رهانات الرؤية الاستراتيجية التي يشرف المجلس منذ 2015 على تنزيلها.

مراقبون يرون أن «صمت المجلس الأعلى للتربية والتكوين أمام ما يجري بين الأساتذة والوزارة الوصية ليس مستساغا». وأضاف هؤلاء أنه على «الرغم أن الوزارة اتخذت تدابيرها في سياق حكومي، ورغم أن المجلس مستقل عن الحكومة، إلا أن وجوده هو من أجل حل معضلات ومشاكل التعليم، كما أن مهمته الإدلاء برأيه للدولة من أجل مواجهة المشاكل التي يعرفها هذا القطاع الذي لا ينهض من مشكل إلا ليقع في آخر».

ويذهب المراقبون أيضا إلى أن «ما يبدو حاليا هو أن المواجهة الساخنة بين رجال ونساء التعليم وبين الوزارة قد وصلت حدها الأقصى الذي لا يمكن معه الاستمرار في هذا الوضع، لأن الضحية الأولى هم التلاميذ والأسر، وإذا كان للمجلس الأعلى من دور فهو التدخل لاقتراح حلول تمكن من الخروج من الضائقة ولو بالتدريج، وعدم البقاء في موقع المتفرج».

 

لماذا لم تعد الحكومة مهتمة بآراء المجلس الأعلى؟

محطات كثيرة سابقة كان المجلس حاسما في تعديل النقاش المجتمعي حول بعض ملفات التعليم، وأبرزها مسألتي التناوب اللغوي ومساهمة الأسر في تمويل التعليم، والتي شهد النقاش حولهما انقساما سياسيا واجتماعيا كبيرا، وكان جنوح المجلس إلى تبني «تنويع لغات التدريس» بدل الاستمرار في سياسة التعريب، وكذا رفضه الصريح التخلي عن مبدأ المجانية في التعليم، الأثر الكبير في سياسات حكومية سابقة كانت تروم إقرار تدريجي لقرار تحميل الأسر الميسورة مصاريف تمدرس أبناءها. غير أن تنبيه المجلس في رأيه، إلى ضرورة تحديد مفهوم الأسرة الميسورة، دفع حكومة بنكيران السابقة إلى سحب تشريع كانت تنوي وضعه.

تراجع اهتمام المجلس بالسياسات القطاعية في الحكومة الحالية أضحى لافتا للانتباه. حيث لم يدلي المجلس بأي رأي بخصوص تراجع وزير التعليم العالي عن مشروع «الباشلر» رغم أن مسار تنزيل هذا المشروع قد قطع أشواطا كبيرة، وأيضا عدم إبداء الرأي في تراجع وزير التربية الوطنية عن اعتماد القانون الإطار في المشروع الإصلاحي المسمى «خارطة الطريق»، بل إن المجلس لم يبدي رأيا بخصوص عزم الوزارة نفسها مراجعة هذا القانون الذي كانت تكلفة وضعه مكلفة كثيرا، بدليل أنه كلف سنة ونصف من المناقشات، وهي المدة التي لم تحدث نهائيا مع أي قانون سبقه في تاريخ المغرب.

عدم مبادرة الحكومة، لطلب رأي المجلس في النظام الأساسي قبل وضعه في سكة المصادقة، وعدم مبادرة المجلس لإبداء الرأي في أي من برامج الحكومة في قطاعات التربية والتكوين، هو أمر محير جدا.

اليوم، تربط الوزارة في تصورها الإصلاحي بين مشروعها والنظام الأساسي ولا تربطه بالقانون الإطار، وهو الأمر الذي يفرض على المجلس التدخل لإبداء الرأي في السنتين ونصف التي قضاهما شكيب بنموسى في القطاع، وخاصة القيام بتقويم حقيقي ونزيه، حول طريقة «طارل» التي تعمل الوزارة على تعميمها، وتدعي نجاحها في حل معضلة ضعف التعلمات.

ونتيجة لهذا الربط، تم شق صفوف الأساتذة والإداريين، حيث تم تحفيز البعض منهم، ممن يشاركون في «مدرسة الريادة»، وتأجيل استفادة الآخرين لسنوات قادمة، ونتج عن هذا الوضع أيضا حدوث غضب كبير وصل حد شل أغلب المؤسسات التعليمية بإضرابات دخل أسبوعها الخامس على التوالي.

 

نافذة: عدم مبادرة مجلس التربية والتكوين لإبداء رأي في تصور بنموسى لإصلاح المدرسة، وخاصة تراجعه عن القانون الإطار والشروع في تعديله، هو أمر مريب جدا.

 

//////////////////////////////////////////////////////

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى