شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

توسع المعركة وبقاء حماس

 

فاطمة ياسين

 

أظهرت الولايات المتحدة تعاطفا خاصا مع إسرائيل، بعد أحداث 7 أكتوبر وهجوم «حماس» غير المسبوق على منطقة غلاف غزة، فقد سارع الناطقون باسم الهيئات الرسمية الأمريكية إلى استنكار ما حدث بأقوى العبارات، كما بدا التعاطف في أول الأمر واضحا وقويا على جميع المستويات.. وبدأ المخطط بالفعل بقصف كثيف هشم الجزء الشمالي من غزة كله، ولكن الوضع الإنساني الخطير الذي نشأ أضعف التعاطف الأمريكي الشعبي وأربك السياسي، وارتفعت المطالبات بتهدئة جزئية ومحلية لإفساح المجال لدخول المساعدات الإنسانية وإخلاء الجنسيات الأجنبية، وإعطاء فرصة لتحرير من اختطفتهم حماس. لم ترقَ المطالبات الأمريكية إلى مستوى وقف إطلاق النار واقتصرت على العمل لتأجيل الهجوم البري، وإفساح المجال ما بين الهجوم والذي يليه لبرهة ذات شكل إنساني، من دون تغيير اللهجة الهجومية على حماس.

الهدف الإسرائيلي يتلخص في استعادة الرهائن من قبضة «حماس»، ثم القضاء عليها، وقد عبر المسؤولون الإسرائيليون عن ذلك بوضوح مشوب بانفعال جلي، وتصوروا أن الأمر يمكن أن ينجز بهجمات صاروخية وجوية كثيفة، تمهيدا لاختراق أرضي يحقق المهمة، وعبرت الولايات المتحدة بدورها عن الرغبة في التخلص من «حماس»، ولكنها بوصفها متعهدا رسميا للحرب، ترغب في ضمان خروج آمن لكل أمريكي بغزة، والأهم من ذلك تحييد التدخلات الخارجية التي قد تصب في مصلحة حماس. لا تضمن أمريكا أن تحقق كل ما ترغب به، وكانت قد مهدت لتأكيد عدم التدخل بتصريحات حول اعتقادها بعدم ضلوع إيران، كما اقتصر الرد الإسرائيلي على هجمات حزب الله برد محدود لتخفيف احتمالات التوسع، ورغم الفعل الهادئ لحلفاء إيران، إلا أن الولايات المتحدة لا تبدو متأكدة من عدم توسع المواجهات.

رغم استنفار الأسطول السادس الأمريكي بكامله، ونشره على الساحل المقابل لغزة، وتزويد إسرائيل بنظام دفاع جوي يعزز قدرة القبة الحديدية الموجودة أصلا، وشحنات الأسلحة المتطورة والصواريخ الدقيقة وعشرات المستشارين العسكريين، وكذلك استعداد ألفي جندي أمريكي للتوجه إلى إسرائيل، فذلك لا يشكل ضمان ردع كاف يجعل المواجهات تقتصر على جبهة غزة، وإيران موجودة وتستخدم لهجة عدائية، وتبدو روسيا مستعدة للوقوف خلفها، وهي تراقب ما يحدث، مع قيامها بنشاط دبلوماسي يكشف موقفها الحقيقي، ونيتها في اغتنام الفرصة لتحسين وضعها بأوكرانيا.

تزامن وجود وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، المشارك في الاجتماع الوزاري الإسرائيلي المصغر الذي يدير الأزمة، مع خطاب الأمين العام لحزب الله. ويريد بلينكن أن يكسب مزيدا من الوقت، وأظن أنه استمع جيدا إلى خطاب نصر الله، ومنه يمكن أن يستشف بعض النيات، حيث قال نصر الله إنه دخل الحرب بالفعل، بما قد يعني أنه لن يطور هجوما أكبر.

في ظل تردد طرف وغموض الطرف الآخر، يبدو أن لدى «حماس» فرصة لأن تبقى قوة عسكرية موجودة بغزة، وقد تكون نهاية هذا التوتر شبيهة بنهاية حرب 2006، وقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي نص على إيجاد منطقة عازلة ما بين الحدود الشمالية لإسرائيل ونهر الليطاني، خالية من عناصر الميليشيا المسلحة، وتوجد فيها عناصر الجيش اللبناني وقوات دولية. ولكن المشكلة هنا أن أوسع منطقة بغزة لا يتجاوز عرضها 12 كيلومترا، فيما المسافة ما بين الليطاني والحدود حوالي 30 كيلومترا، لذلك قد يكون البديل عن عملية غزو شاملة البحث عن منطقة عازلة مناسبة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى