محمد وائل حربول
لا تزال الأسواق النموذجية بمدينة مراكش تشهد عددا من الخروقات والتفويتات غير القانونية، إضافة إلى مجموعة من حالات التزوير والنصب المتواصلة والتي تم إثباتها.
واستنادا إلى ما توصلت إليه «الأخبار» من مصادر متطابقة، فقد كان آخر فصول هذه الخروقات ما وقع بسوق «برج الزيتون» بمنطقة المحاميد بمراكش، والذي عرف رفع شكاية مباشرة لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بباب دكالة من قبل تجار يتهمون فيها عددا من النافذين بمنح محلات تجارية لزوجاتهم وعائلاتهم دون موجب حق وخارج أي إطار قانوني.
وفي هذا الصدد، تم التأكيد، من خلال الشكاية المرفوعة إلى أنظار النيابة العامة، على تورط أشخاص معروفين في «عمليات نصب واحتيال وتزوير واستغلال نفوذ لتفويت عقارات جمعية التجار بالسوق، لفائدة أشخاص غرباء عنها ولا تربطهم علاقة بها»، حيث أوضحت الشكاية المذكورة أن اجتماعا عقد بمقر الملحقة الإدارية المحاميد بحضور ممثلي السلطة والمنتخبين، في إطار هيكلة الأسواق العشوائية ومحاربة ظاهرة الباعة المتجولين بمنطقة المحاميد، حيث تم عبره حصر لائحة تضم 569 مستفيدا من سوق برج الزيتون النموذجي.
وأوضح المشتكون أنه تم تأسيس جمعية للتجار والباعة أسندت إليها مهمة السهر على تهييء ملفات المستفيدين، إضافة إلى مهمة وضع اللائحة النهائية عند عملية التوزيع، حيث، وبعد أداء كل المهام المنوطة بها، كان قد عقد اجتماع في أكتوبر 2011، تم خلاله الاتفاق على توزيع 569 محلا من المحلات التجارية الموجودة في السوق المذكور لفائدة المستفيدين الذين يتوفرون على شواهد إدارية مسلمة لهم من المجلس الجماعي لمدينة مراكش، والذي كانت ترأسه ساعتها فاطمة الزهراء المنصوري، العمدة الحالية للمدينة.
واستنادا إلى الوثائق ذاتها فضلا عن الشكاية المذكورة، فبعد الانتهاء من عملية بناء السوق النموذجي بالمحاميد، ومع بداية عملية التوزيع والاستفادة من المحلات التجارية الموجودة داخله، لم يكن اسم عدد من المستفيدين موجودا بالقائمة، حيث «إن السوق يضم 575 دكانا، موزعة بين 390 دكانا، و185 (كلسة) لبيع الخضر، في حين أن عدد المستفيدين بلغ 555 فقط حسب المحاضر المتوفرة لدى المجلس الجماعي، فيما بقي 20 محلا مغلقا، قبل أن تقوم الجماعة بمنح 3 محلات لذوي الاحتياجات الخاصة، و4 تم تفويتها بالمزاد العلني خلال أكتوبر 2019 بقيادة البيجيدي لتبقى 13 محلا بدون تفويت».
ومباشرة بعد أن تقدم عدد من المشتكين بشكايات متتالية في هذا الصدد، طالبوا عبرها بمنحهم المحلات الخاصة بهم وفقا لما يتوفرون عليه من شواهد إدارية تثبت ذلك، كانت المفاجأة الكبيرة متمثلة في أن كل المحلات المتبقية وعددها ستة، تم تفويتها أو الاستحواذ عليها بطرق وصفت بـ”الملتوية”، إذ قام عدد من أعضاء الجمعية بتفويتها لزوجاتهم اللواتي لم تكن أسماؤهن واردة بتاتا ضمن محاضر عام 2011، بل منهم، حسب مصدر مطلع، من لم يكن متزوجا ساعتها.
وأوضحت المحاضر التي تم الاعتماد عليها في هذا السياق، كل تفاصيل التفويتات المشبوهة وأسماء المستفيدين بدون حق وبشكل غير قانوني، حيث طالب المشتكون بـ«إعطاء التعليمات للشرطة القضائية بمراكش قصد فتح تحقيق مستفيض ومعمق مع المشتكى بهم وكل من ثبتت مشاركته من بعيد أو قريب في واقعة اختلاس أموال السوق النموذجي برج الزيتون، عملا بمقتضيات القانون الجنائي مع حفظ حق المشتكين في تنصيب أنفسهم مطالبين بالحق المدني».
وكان حماة المال العام بمراكش أعلنوا بدورهم عن توصلهم بعدد من الشكايات وطلبات المؤازرة التي تفيد بإقصاء الباعة الأصليين من الاستفادة من هذا السوق ومنح أشخاص غرباء حق الاستفادة منه، حيث أكدوا على أن الأسواق المهنية خلقت للممارسين في مجال التجارة والباعة الجائلين لتنظيمهم في سوق موحد يحفظ سلامتهم وسلامة المارة ويحفظ الملك العمومي الذي يشهد استغلالا بشعا من طرف لوبيات معروفة، مؤكدين أنهم يتابعون بقلق «تدبير الأسواق النموذجية بالجهة بصفة عامة وبالسوق النموذجي بالمحاميد بصفة خاصة» حيث طالبوا بـ«كشف لائحة المستفيدين من السوق وعلاقتهم ببعض المنتخبين».