مثل المستشار البرلماني والقيادي بحزب الحركة الشعبية، المهدي عثمون، أول أمس الثلاثاء، رفقة تسعة متهمين آخرين، أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث يتابع من أجل ارتكابه جناية تبديد واختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يده بصفته موظفا عموميا، وقررت المحكمة تأخير الملف إلى جلسة يوم 31 يناير الجاري، من أجل إحضار باقي المتهمين عن طريق النيابة العامة.
وحضر عثمون الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس المستشارين إلى قاعة المحكمة، حيث استمع إليه رئيس هيئة الحكم بخصوص التهم الموجهة إليه من طرف النيابة العامة وقاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، حيث جاء تحريك المتابعة في حقه على إثر الأبحاث التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتعليمات من الوكيل العام للملك، وذلك بناء على التقرير الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات حول تدبير جماعة خريبكة، حيث قرر قاضي التحقيق، عبد اللطيف رصيان، متابعة عثمون وباقي المتهمين التسعة في حالة سراح، ويتعلق الأمر بتقنيين بالجماعة ومقاولين وموظفين.
وأوضحت وثائق تتوفر عليها «الأخبار»، أن المتهم كان يشغل منصب جماعة خريبكة، خلال فترة ارتكاب الأفعال المنسوبة إليه، مما يجعله يكتسب صفة الموظف العمومي، كما أن أموال الجماعة التي يسهر على تدبيرها بمقتضى وظيفته بوصفه آمرا بالصرف تعتبر أموالا عمومية، وحيث إنه ثبت من خلال إجراءات البحث والتحقيق وجود عدة أدلة على ارتكاب الظنين عند ممارسته لمهامه عدة اختلالات وتجاوزات، في إطار التدبير المالي والتسيير الإداري للجماعة.
وحسب تقرير المجلس الجهوي للحسابات، فإن المسمى (ك.ع)، وهو عضو بالمجلس الجماعي خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2003 إلى غاية سنة 2009، تمكن من نيل عدة سندات للطلب بقيمة 536.730,00 درهما بواسطة شركة في ملكيته، كما أن شقيقه المسمى (ن.ع) قام ببناء ثلاثة محلات تجارية دون إنجاز تصميم والحصول على رخصة من المصالح البلدية، وبالتالي أداء الواجبات المستحقة للجماعة عن ذلك.
وأورد التقرير أن الصفقة عدد 2005/06 المتعلقة بوضع الأعمدة والأسلاك الكهربائية، والتي قيمتها 898.650,00 درهما، عرفت تبديدا لأموال عمومية من خلال أداء مقابل أشغال غير منجزة من قبل المقاولة المتعاقد معها، ومما يعزز ذلك أنه لم يكن هناك منافس لهذه الشركة لنيل الصفقة المذكورة. وصرح (ع.ك)، وهو مهندس سابق ببلدية خريبكة، أنه في غضون سنة 2002 وقعت فيضانات ببعض أحياء مدينة خريبكة، ترتب عليها اختناق مجموعة من قنوات الصرف الصحي بمجموعة من الأحياء، مما جعل رئيس المجلس البلدي آنذاك يطلب من مقاولة التدخل العاجل لإنجاز الأشغال لحل المشكل المذكور، وبالفعل تدخلت المقاولة دون أن يتم ذلك بطريقة قانونية، وبعد فوز الشركة بالصفقة 2003/1 طالبت بتأدية مستحقاتها من الأشغال التي قامت بها في سنة 2002، وهو الأمر الذي لم ينكره المتهم، مما يدل على أن أشغال الصفقة كانت وهمية، وكانت موجهة لتنالها الشركة المعنية بدون منافسة، ما اعتبره التقرير تبديدا واختلاسا لأموال عمومية.
وبخصوص الصفقة عدد 2005/44، المتعلقة بأشغال تهيئة المناطق الخضراء، فإن المعاينة الميدانية في ما يخص وحدة الأثمان رقم 3 المتعلقة بتزويد ووضع بعض التجهيزات، فإن العديد منها مكسر، رغم أنه لم يتم تسلمه بعد، كما تمت ملاحظة رداءة في جودتها وبالتالي لم يتم احترام المقتضيات القانونية المنظمة لإبرام الصفقات العمومية. وورد أيضا في التقرير أن الثمن المعتمد لبناء بوابة الحديقة المحدد في 15000.00 درهم مبالغ فيه، بالنظر إلى جودة الباب الذي تمت معاينته، في الوقت الذي لم يدل فيه المتهم بما يثبت خلاف ذلك.
وبخصوص الصفقة عدد 2005/43، أورد التقرير أنه تم التسليم المؤقت لها بتاريخ 19 دجنبر 2005، وفي اليوم نفسه تم أداء للمقاول مبلغ الصفقة بكامله، وأنه بفحص الوثائق المتعلقة بهذه الصفقة تبين عدم إنجاز الكشف التفصيلي الأول والأخير انطلاقا من جدول المنجزات، وفق ما ينص عليه القانون، إذ تمت ملاحظة اختلاف بين محتويات الكشف التفصيلي الأول والأخير، وما تضمنه جدول المنجزات الذي تم إعداده في شهر مارس سنة 2007.
وبالنسبة إلى أشغال مستودع الأسلحة بثكنة التدخل السريع للأمن الوطني، وأشغال بناء سور لثكنة التدخل السريع للأمن الوطني بخريبكة، فقد سبق للمقاولة أن حصلت من الجماعة على مبلغ 149625.00 درهما، بواسطة الأمر بالصرف رقم 2971 بتاريخ 19 يونيو 2003 بقيمة 147630,00 درهما، والأمر بالصرف رقم 22M2003 المتعلق بأشغال تهيئة المجلس البلدي، وهي أشغال لا وجود لها على أرض الواقع، بل تم إعداد الوثائق المتعلقة بها للتمكن من إنجاز الأشغال المذكورة لفائدة إدارة الأمن الوطني.
وبالنسبة إلى الأشغال المنجزة بمقر باشوية خريبكة، والأشغال المنجزة ببناية المقاطعة الحضرية الأولى، فقد سبق للمقاولة أن حصلت من الجماعة على مبلغ 178.752,00 درهما بواسطة الأمر بالصرف رقم 2971 بتاريخ 19 يونيو 2003، وتم أداء هذه النفقات كمقابل للصفقة رقم 20/M/2003 المتعلقة بصيانة المباني الإدارية، وهي أشغال لا وجود لها على أرض الواقع، بل تم خلق الوثائق المتعلقة بها للتمكن من إنجاز الأشغال المذكورة لفائدة السلطة المحلية. وهو الأمر الذي أكده المتهم، كونه فعلا تم إنجاز أشغال مستودع الأسلحة بثكنة التدخل السريع للأمن الوطني، وأشغال سور ثكنة التدخل السريع للأمن الوطني بخريبكة في إطار الصفقة 22/M/2003، دون أن يكون التنصيص على ذلك ضمن أشغال الصفقة، وذلك بدعوى تعليمات شفوية من عامل الإقليم، وتحت إشراف اللجنة التقنية لتتبع الأشغال، وأنه تم تحرير محضر الاجتماع لهذه الغاية الموقع عليه من طرف لجنة تتبع الأشغال ومن طرف المعني بالأمر.
محمد اليوبي