بعد صدور قرار عن إدارة الجمارك يلغي قيود وزارة الصحة على تصدير الأدوية التي لا تستعمل في البروتوكول العلاجي لفيروس كورونا، أصدرت الوزارة بلاغا تعلن من خلاله عن فتح باب الحوار مع الشركات المصنعة للدواء، من أجل تشجيع التصدير وجلب العملة الصعبة.
وجاء قرار وزارة الصحة، بعد الانتقادات اللاذعة التي تلقاها الوزير خالد آيت الطالب من طرف نواب برلمانيين، خلال اجتماع عقدته لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، وكذلك إغلاق باب الحوار مع أرباب شركات صناعة الأدوية، التي تكبدت خسائر مالية جسيمة بالعملة الصعبة، جراء قرار فرض قيود تعجيزية على تصدير الدواء منذ نهاية شهر مارس الماضي.
لقاءات تواصلية
أوضحت وزارة الصحة أنه في إطار التدابير الاحترازية والوقائية التي اتخذها المغرب من أجل مواجهة انتشار وباء كورونا “كوفيد-19″، وبتعليمات من وزير الصحة، أطلقت مديرية الأدوية والصيدلة ابتداء من 27 ماي الماضي وعلى مدار عشرة أيام سلسلة من اللقاءات المتواصلة مع ممثلي قطاع الصيدلة ضم على حدة كل من الجمعية المغربية للصناعة الدوائية “AMIP”، ومقاولات الأدوية بالمغرب “LEMM”، والجمعية المغربية للأدوية الجنيسة “AMMG”، والمجلس الوطني لهيئة الصيادلة “CNOP”، ومجلس هيئة الصيادلة الصناع والموزعين “COPFR”، إلى جانب عدد من المؤسسات الصيدلية المصنعة قصد تداول موضوع تصدير الأدوية المحلية الصنع خلال هذه الظرفية التي تعيشها البلاد وباقي دول العالم.
وأوضح البلاغ، أنه في بداية كل اجتماع ذكّرت مديرية الأدوية والصيدلة بالجو العام الذي صاحب هذه الجائحة، إلى جانب التدابير الاحترازية التي قامت بها وزارة الصحة والتي كان الهدف منها ولا يزال السهر على صحة المواطنات والمواطنين عبر ضمان المخزون الاحتياطي الوطني الكافي من الأدوية. كما اعتبرت هذه الاجتماعات فرصة للتنويه بكل المجهودات التي بذلها القطاع الصيدلي.
وأشارت الوزارة في البلاغ، إلى أنه وعيا منها بالمكانة المرموقة التي يعتليها الدواء المغربي بالبلدان الافريقية الشقيقة خاصة ودول أخرى، مكنت القطاع من تنمية عجلة اقتصاد البلاد وفتح آفاق جديدة، عملت وزارة الصحة على عدم توقيف عملية تصدير الأدوية مع تحديد شروط الحصول على رخصة خاصة لتصدير الأدوية، ومن أجل التفعيل المبسط لهذا القرار وفي سبيل تقوية أواصر الثقة بين الإدارة وفاعلي القطاع الصيدلي، عمدت مديرية الأدوية والصيدلة إلى رقمنة المساطر والإجراءات الإدارية لطلبات وسحب تراخيص تصدير الأدوية عبر البوابة الالكترونية للمديرية في أجل أقصاه ثلاثة أيام دون إلزامية تنقل صاحب الطلب إلى مديرية الأدوية والصيدلة بالرباط لإيداع طلبه كما كان سابقا.
وبخصوص عملية تصدير الأدوية، ركز ممثلو القطاع على العمل الجبار الممتد لسنين والذي قامت به الصناعة الدوائية الوطنية من أجل التموقع وكسب أسواق خارجية عدة خصوصا الإفريقية منها، كما تم جرد مجموعة من الصعوبات التي صاحبت هذه العملية والتي تجاوبت معها الإدارة بالإيجاب، حسب البلاغ، كما أجمع الكل على الدور الحيوي الذي لعبه القطاع في محاولة جادة لتأمين الدواء للمريض، وفي الأخير تُوّجت جميع اللقاءات بتغليب المصلحة العليا للوطن ورفع عدد من التوصيات من أجل تشجيع عملية تصدير الأدوية مستقبلا، ولم لا غزو أسواق جديدة في ظل مقاربة تشاركية بين الوزارة الوصية وكل المتدخلين في القطاع الصيدلي.
جرس تحذير
جاءت دورية المدير العام لإدارة الجمارك، لإلغاء القيود الواردة في دورية صادرة عن وزارة الصحة تحمل رقم 91 بتاريخ 30 مارس الماضي، لا تستند على أي أساس قانوني، يمنع بموجبها ضمنيا تصدير الأدوية المصنعة محليا بالمغرب، وأغلق باب الحوار مع مصنعي الأدوية المغاربة، في حين فتح أبواب وزارته لممثلي الشركات متعددة الجنسيات من خلال ممثلها الذي يترأس هيئة للصيادلة المصنعين، كما رفض الوزير الرد على أسئلة النواب البرلمانيين حول منع تصدير الأدوية، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة القطاعات الاجتماعية، واضطرت الشركات الوطنية للصناعة الدوائية إلى تقديم شكاوى إلى وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، ووزير التجارة والصناعة، حفيظ العلمي، وحذرت من الخسائر الجسيمة التي تسبب فيها قرار وزير الصحة، والتي تقارب مبلغ 250 مليون درهم بالعملة الصعبة، وبعد قرار إدارة الجمارك التي ألغت القيود الواردة في دورية مديرية الأدوية، يطالب صناع الأدوية بتفعيل مبدأ المحاسبة عن هذه الخسائر التي تضر بالاقتصاد الوطني، لأنها أضاعت الملايين من العملة الصعبة التي يحتاجها المغرب في ظل الأزمة الحالية.
وتشتكي العديد من الشركات الوطنية المتخصصة في الصناعة الدوائية من خسائر بملايين الدراهم من رقم معاملاتها بالعملة الصعبة، بسبب القيود التي فرضتها وزارة الصحة على تصدير الأدوية إلى الخارج، وأكدت مصادر من الجمعية المغربية لصناعة الأدوية، أن وزارة الصحة أصدرت مذكرة تحمل رقم 91 تمنع ضمنيا تصدير الأدوية إلى الخارج رغم وجود احتياطي من هذه الأدوية التي لا تدخل في البرتوكول العلاجي للمصابين بفيروس كورونا، وذلك من خلال وضع شروط تعجيزية تتجلى في مطالبة أي شركة تريد التصدير الإدلاء بما مجموعه 11 وثيقة، تسلم لمديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة، قصد الموافقة على منح الترخيص بالتصدير. وأوضحت المصادر، أن كل وثيقة تتطلب معالجتها وقتا طويلا، ومنها وثائق تسلمها المديرية نفسها، ما قد يكبد الشركات خسائر مالية جسيمة، بسبب اقتراب مدة نهاية صلاحية الأدوية، وتصبح بالتالي غير مقبولة من طرف الموردين، ما يتطلب مصاريف إضافية لإتلافها.