النعمان اليعلاوي
كشف الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، عن ارتفاع في عدد القضايا المسجلة منذ دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ إلى غاية نهاية سنة 2023، حيث ارتفع عدد القضايا من 336 قضية مسجلة، خلال الفترة ما بين 2008 (تاريخ دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ) إلى سنة 2018 (تاريخ خضوع المغرب للتقييم من طرف مجموعة العمل المالي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط)، إلى ما مجموعه 2927 قضية إلى غاية نهاية سنة 2023، كما عرف عدد الأحكام الصادرة في قضايا غسل الأموال ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة نفسها، حيث ارتفع من 27 حكما ما بين سنة 2008 إلى ما مجموعه 311 حكما نهاية سنة 2023، هذه الأرقام تعكس حجم المجهودات التي بذلها قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وضباط الشرطة القضائية بمختلف أصنافهم في هذا المجال.
وأوضح الداكي أن رئاسة النيابة العامة بادرت إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تصب في اتجاه مكافحة جريمة غسل الأموال، من خلال حث النيابات العامة ومواكبتها على سرعة إنجاز الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت في الدعوى العمومية، بالإضافة إلى تفعيل البحث المالي الموازي، مشيرا في الندوة الدولية المنظمة من طرف الاتحاد الدولي للمحامين، بشراكة مع هيئة المحامين بطنجة، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب حول موضوع «مكافحة غسل الأموال: الرهانات والتحديات»، إلى أن «رئاسة النيابة العامة» وجهت مجموعة من الدوريات إلى مختلف النيابات العامة على الصعيد الوطني، كان آخرها الدورية رقم 15/ر ن ع/2023 بتاريخ 01 غشت 2023، حول التنفيذ الأمثل للتدابير والإجراءات ذات الصلة بالتعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال والجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب، تم فيها دعوة النيابات العامة إلى إيلاء هذا الموضوع عناية خاصة وذلك بالسرعة والفعالية اللازمتين، لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، والحيلولة دون التصرف في الممتلكات أو المتحصلات الناتجة عن غسل الأموال أو الجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب.
في المقابل، نوه الداكي بالتقدم الإيجابي الذي حققته المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في التعاطي مع هذا الصنف من الإجرام، من خلال المقتضيات التشريعية والإجراءات العملية التي تم إعمالها، والتي تنسجم مع المعايير المعتمدة من طرف مجموعة العمل المالي «GAFI»، مؤكدا أن «التعديلات التشريعية التي همت القانون 18-12 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، وذلك في إطار التفاعل الإيجابي لبلادنا مع ملاحظات مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي توصي الدول بتحديث المنظومة القانونية الداخلية وملاءمتها مع المعايير ذات الصلة، حيث جاء القانون المذكور بمستجدات مهمة، أبرزها الرفع من الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها، وتوسيع لائحة الجرائم الأصلية لجريمة غسل الأموال، وتعميم الاختصاص القضائي لمواجهة هذه الجرائم على محاكم الدار البيضاء، فاس ومراكش إلى جانب محكمة الرباط، مما ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط عن هذه الأخيرة التي كان لها اختصاص وطني، بالإضافة إلى غيرها من الإجراءات التي ساهمت مجتمعة في خروج بلادنا من اللوائح السلبية للمجموعة المذكورة، وهي مؤشرات إيجابية ساهمت في تعزيز الثقة والمصداقية في منظومتنا الاقتصادية، وجعل بلادنا وجهة آمنة للفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين».
وأردف الداكي أن رئاسة النيابة العامة عملت على إحداث تطبيقية معلوماتية خاصة بتتبع قضايا غسل الأموال وتحيينها، والحصول على إحصائيات دقيقة بشكل أكثر فعالية، بالإضافة إلى اعتماد دليل إرشادي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعقب الأموال ذات الصلة وحجزها، هذا الدليل الإرشادي الذي تم إعداده بناء على الملاحظات الواردة في تقرير التقييم المتبادل للمملكة المغربية، وذلك بتنسيق وشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وقيادة الدرك الملكي، وقد تم تعميمه على جميع قضاة النيابة العامة على الصعيد الوطني، وكذا مختلف المؤسسات المعنية بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وباقي أجهزة إنفاذ القانون.