لا أحد يجادل في كون مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفايسبوك أصبحت من أخطر شبكات التواصل الاجتماعي على الأنترنيت، بعد أن احتلت مساحة واسعة من اهتمامات الناس بمختلف مشاربهم وأعمارهم. إذ لم يعد يقتصر استخدامه على مجرد التواصل الاجتماعي، بل تعدى ذلك إلى استخدامات أخرى في مجال الإعلام والشركات والتسويق والأدب والكتابة واكتشاف المواهب الناشئة.
لكن بقدر ما ظل التواصل الفايسبوكي فعالا، بقدر ما ساهم في تعريض أصحابه للمساءلة، بل إن كثيرا من التدوينات رمت بأصحابها في غياهب السجون وفي أحسن الأحوال «ألبست» المدونين تهما غيرت مسار حياتهم رأسا على عقب. وتبقى وزارة العدل الأكثر تقريعا لأنامل المدونين والمغردين، سيما بعد أن وصل الأمر إلى عزل قضاة وتوقيفهم، في ما يشبه الجرح الغائر في جسد العدالة ببلادنا، في الوقت الذي كان فيه الجميع يتطلع لتدبير مرحلة انتقالية في حياة القضاء المغربي. التدوينات التي يكتبها مجموعة من القضاة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي هي مجرد آراء ولا يمكن للاختلاف في الرأي أن يولد المتابعة والعزل، علما أن التوقيف والتأديب يجب أن يرتبط بقضايا الفساد لا أن يشمل الرأي مهما كان حادا ومختلفا.
لكن التدوينات المثيرة للجدل، ساهمت في مصادرة لقمة العيش لعدد من المدونين، الذين تحولوا إلى أسماء شهيرة بمعاناة عميقة.
الملف التالي يرصد حكايات أشخاص حاربوا الفساد بتدويناتهم. منهم من لقي مصيره ومنهم من ينتظر.
الهيني وقنديل يشعلان الفايسبوك ضد وزارة العدل
انتفض قاضي العيون السابق محمد قنديل، ضد وزير العدل وضد مسؤوليه المباشرين، ونشر مجموعة من التدوينات الفايسبوكية، في مواجهة شخصيات نافذة، وصفها بالخارجة عن المحاسبة، مؤكدا استمراره في النضال وكشف خبايا نزاع تطور بعدما وجد الرجل تعاطفا غير مسبوق من طرف عشيرة الفايسبوك.
لقد اعتقد قنديل أن استقلالية القضاء لن تمنعه من إصدار أحكامه بكل تجرد، قبل أن يصطدم بواقع يبين أن الأعيان خارج معادلة المحاسبة، تحت مسمى «خصوصيات المنطقة». لم يكن الصحافيون في حاجة لمعرفة وجهة نظر القاضي قنديل أثناء صراعه مع وزارة العدل، فقد كان جداره الفايسبوكي ينشر باستمرار مواقفه وينقل توجساته التي كانت تتابعها الوزارة والرأي العام بشكل عام. بل إنه ظل ينشر صرخاته لمن يعنيهم الأمر لكن لا حياة لمن تنادي. ليجد نفسه خارج أبواب المحكمة، فقط لأنه حارب المنكر بتدوينات على موقع التواصل الاجتماعي كي يصل التظلم إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وحين بلغ السيل الزبى كتب قاضي العيون «أريد أن أعلم فقط من يحكم مدينة العيون، وما سر صمتكم حين استهزأ الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالقانون».
أما رفيق دربه محمد الهيني فقد تم توقيفه من طرف المجلس الأعلى للقضاء، بسبب انتقاده، فايسبوكيا، القانون الأساسي للقضاة والقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للقضاء، كما تم توقيف أربعة قضاء آخرين لفترة محدودة تراوحت ما بين أربعة وستة أشهر.
وفي أول تدوينة له على صفحته ردا على قرار عزله، كتب الهيني: «شاءت الأقدار أن أغادر سلك القضاء معزولا، لا لفساد مالي أو أخلاقي وإنما دفاعا عن حرية الرأي والتعبير، مناضلا عن سلطة قضائية مستقلة حقيقية وفعلية، كعضو نادي قضاة المغرب وكفاعل حقوقي ضمن الإطارات المدنية والحقوقية، إن قرار عزلي قرار سياسي وحزبي ضد استقالة القضاء عن السياسة، ويمثل خرقا سافرا لأبسط شروط ومقومات المحاكمة العادلة». وأضاف: «الحمد لله لقد أديت واجبي كقاض بكل ضمير وباستقلالية ومهنية واحترافية عالية.. وسأبقى وفيا لقناعاتي ومبادئي ما حييت مستمرا في النضال في الكثير من المواقع رفقة كل الطاقات الحية الحقوقية المدافعة عن استقلال السلطة القضائية»، وختم تدوينته بالقول «عاشت السلطة القضائية مستقلة».
لم تتوقف المعركة بعزل الهيني، فقد ظهرت صفحة فيسبوكية أطلق عليها أصحابها «كلنا القاضي الهيني»، للتضامن معه في محنته، فيما اعتبرت وزارة العدل كتابات القاضي «إخلالا بالواجبات المهنية واتخاذ مواقف ذات صبغة سياسية والإخلال بواجب التحفظ»، فيما وصف الهيني الرميد بالمعزول، ووعد بتأسيس تيار لمحاربة القضاء السياسي والحزبي.
تدوينة قاضية سيدي قاسم وعدل سطات تجرهما للمساءلة
أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارا يقضي بتوقيف القاضية أمال حماني عن العمل لمدة ستة أشهر دون أجر، بسبب تدوينة قيل إنها «تشكل خرقا لواجب التحفظ والأخلاقيات المهنية» وضعتها على حائطها بالفيسبوك، كانت موضوع إحالتها من قبل وزير العدل والحريات على المجلس الأعلى، مما أغضب القضاة الذين اعتبروا ملفها استمرارا للغارات التي تعرض لها الهيني وقنديل وغيرهما.
وجدت حماني نائبة وكيل الملك بابتدائية سيدي قاسم نفسها فجأة أمام محققي المفتشية العامة للعدل، وتبين أن المشتكي برلماني من حزب الوزير أعطى لتدوينة القاضية التأويل الذي يدينها، بينما أصرت على أن التدوينة هي «كلام موجه لزملائها في نادي قضاة المغرب، حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة».
واعتبر نادي قضاة المغرب «اتخاذ عقوبة عزل القاضي الهيني وعقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة 06 أشهر مع النقل في حق آمال حماني، لا لفساد مالي أو أخلاقي وإنما فقط بسبب التعبير عن آرائهما بشكل علني في قضايا الشأن العام التي تهم العدالة هو إعدام لكل المكتسبات التي جاء بها دستور 2011 لفائدة القضاة«.
لكن الحظر على الفايسبوك تجاوز القضاة إلى العدول، بعد أن تلقى مصطفى طارق العدل بالهيأة الجهوية للعدول بسطات، في يناير الماضي دعوة للمثول أمام لجنة بوزارة العدل والحريات للاستماع إليه بخصوص شكاية تقدم بها رئيس الهيئة الوطنية للعدول، وذلك على خلفية تدوينة فيسبوكية على حائط الصفحة الخاصة للعدل المعني، انتقد من خلالها عمل الهيئة.
بوشكيوة.. مدرسة الفلسفة التي أدينت بالجرأة الفايسبويكة
تداول تلاميذ أستاذة لمادة الفلسفة صورها على صفحتها الفايسبوكية وتبادلوا تعليقاتها المثيرة للجدل إلى أن تحول الهمس إلى جهر وصل بسرعة إلى مدير ثانوية المنصور الذهبي بالرباط، الذي رفع تقريرا «على الطاير» إلى النائب الإقليمي لوزارة التربية والتعليم، وفي اليوم الموالي حلت لجنة مختلطة بالمؤسسة بغاية الاستماع إلى الأستاذة أمينة بوشكيوة، حاملة معها صكوك الاتهام.
استغربت أمينة في مواجهة المحققين من سر الاستنفار، وتحويل كتابات على موقع التواصل الاجتماعي إلى قضية رأي عام، وأصرت على أن نشر صورها وإبداعاتها على الفايسبوك أمر عادي، لا يستحق على حد قولها استنفار «محاكم التفتيش لفرض الرقابة على الحياة الخاصة للأساتذة».
لم تتأخر اللجنة في صياغة القرار الزجري، حيث قررت إعفاء أمينة بوشكيوة من تدريس مادة الفلسفة بالثانوية وإلحاقها بالقسم الابتدائي، وفي اليوم الموالي كشفت الأستاذة عن ملابسات هذا الإجراء الذي اتخذته نيابة التعليم في حقها، وجعلت من الفايسبوك محاميها الذي يرافع عنها دون أن يوقفه أحد، إلا صبيب الأنترنيت. «هذا القرار هو انتقام للكتابات الإبداعية التي أنشرها على حائطي بالفايسبوك باعتباره فضاء عاما لممارسة الحرية، حيث أنتقد الواقع المعاش بأسلوب من السخرية وذلك منذ حوالي سنتين، لا يوجد هناك قانون ينظم العلاقة بين الأستاذ والفايسبوك أو التلميذ والفايسبوك، الأستاذ تربطه العلاقة المهنية مع الوزارة».
ولأن الفايسبوك هو حائط المبكى وهو الحضن الدافئ الذي تلجأ إليه أمينة فقد قالت في تدوينة الألم: «أنا حزينة، فقط لأنني سأفتقد تلامذتي الذين ألفتهم، أما الإدارات والمديرين فهم كالضريبة على الدخل المباشر، وجودهم أضر من نفعهم، إلا من رحم ربك، من أشخاص طيبين وكرماء، وحزينة لأن هذا الوطن الذي أعشقه بجنون، يفضل أن يحاكم أستاذة لا حول لها سوى صوتها ولا قوة لها سوى كلماتها، بدل تسريع محاكمة ناهبي المال العام، ومستنزفي ثروات المغرب، والمسؤولين عن ضياع الأرواح والزاد والعتاد، أولئك الذين على أيديهم نستحق ترتيبنا في التصنيفات العالمية في أسفل درجة من الدرك الأسفل للجهل والأمية والتخلف، ولذلك أقول لكم: «راه اللي ما قدر على الحمار كيتشطر على البردعة».
«خبرة فايسبوكية» تفضح وزارة التجهيز والجماعة
لم يكن الشاب عبد الرحمن المكراوي يعتقد أن تصريحه الساخر حول هشاشة طريق مغشوشة بمنطقة جمعة سحيم نواحي مدينة آسفي، ستزج به في السجن، بتهمة «التشهير بطريق عمومية في طور الإنشاء والتنكيل بممتلكات الدولة» كما كتب المتضامنون مع عبد الرحمن.
ونشر رواد موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك صورا وتعاليق وتدوينات بشكل واسع تبين تضامنهم مع الشاب الذي تم اعتقاله بعدما قام بتسجيل فيديو يفضح فيه رئيس الجماعة الذي تتواجد الطريق المغشوشة في منطقته، المتضامنون نددوا باعتقال الشاب واعتبروه ضحية لفضحه للفساد، بل منهم من وضع صورته على الحائط.
اعتقل «الولد» بناء على شكاية من الرئيس الاتحادي، وتنازلت النيابة العامة عن المتابعة، بعد أن لمست حجم المساندة وردود الفعل التي تجاوزت الحدود، لكن الغريب في النازلة دخول وزير التجهيز على الخط، إذ رد على الجدل بتبرئة ذمة وزارته من الفضيحة، وقال: ”إن الطريق موضوع الشريط ليست مصنفة وغير تابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك التي لم تنجزها ولم تشارك في إنجازها، بل إن هذه الطريق تابعة للجماعة». واعتبر عزيز رباح في تدوينة له على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أن التحقيق الذي يطالب به البعض وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك ليس من اختصاصها بل من اختصاص وزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات».
تناسلت التدوينات الحاملة لأشرطة الطرق المغشوشة في المغرب، حيث تبين أن «الزفت المغشوش» ليس استثناء بل قاعدة في طرق المملكة. ونشر رئيس جماعة مولاي عبد الله المهدي الفاطمي شريطا على صفحته الفايسبوكية يقول: «كرئيس جماعة لا يمكنني قبول مثل هذه الأعمال، هؤلاء الناس لا يريدون فهم أن المغرب تغير، ولا أطلب غير الجودة»، معلنا في شريط الفيديو أنه سيستدعي المؤسسة التي عملت على تهييء الطريق.
الأغرب في النازلة هو تراجع وزير النقل عن تدوينته السابقة، ليقول في شريط فيديو على الفيسبوك إنه من الممكن أن تكون وزارة التجهيز هي التي أنجزت هذه الطريق، في تعارض تام مع ما سبق أن كتبه في بداية اشتعال الجدل، «سبحان مبدل الأحوال»، هكذا رد الفايسبوكيون على الوزير.
رجال أمن يتنكرون في زي فايسبوكيين
يصر كثير من رجال الأمن على اللجوء لأسماء مستعارة في علاقتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، منهم من يكتب تدوينات مثيرة تؤكد وجوده في دائرة القرار، كما حصل لضابط شرطة المرور بولاية الدار البيضاء الذي ظل متنكرا يرصد هفوات الجهاز الأمني ومسؤوليه، ولم يعلن عن هويته الفايسبوكية إلا بعد أن اعتزل الصفارة وأحيل على التقاعد، حينها أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ملاذه اليومي.
لكن شرطيا لا يقل جدلا عن سابقه يدعى هشام مالوليي، بدا نشيطا على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، خاصة من خلال تدوينة استنكر فيها الاعتداء الذي تعرض له رجال الأمن خلال مباراة الديربي البيضاوي، التي جمعت الوداد بالرجاء. كان هشام يطلق على نفسه «بروسلي» نسبة لبطل الكونغ فو. خرج هشام عن صمته وأعلن تضامنه مع رجال الأمن المصابين في المباراة، وقال: «ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻜﺮﻩ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ أن ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﺳﺘﺔ ﺁﻻﻑ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻣن ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻳﺘﺒﺮﻋﻮﻥ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ ﺳﻨﻮﻳﺎ، ﻧﺘﺒﺮﻉ ﺑﺪﻣﺎﺋﻨﺎ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ، ﻳﺨﻄئ ﺑﻌضنا ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻳﻌﻠﻢ، ﺍﻟﺸﺮﻃﻲ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻟﻴﺲ ﻣﺼﻨﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ ﻭﻻ ﻣﻨﺰﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ». ودافع «بروسلي» بشراسة عن رجال الأمن، وتحدث عن قساوة ظروف الاشتغال وكاد أن يغضب المسؤولين لولا سيرته «ﻧﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺫﻭﻳﻬﻢ، ﻧﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﺍﻟﻘﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻧﻴﺎﻡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﺤﺎﺭﻕ ﺻﻴﻔﺎ، ﻧﺸﺘﻐﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻭﺁﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺘﻢ ﺗﻔﻄﺮﻭﻥ ﻭﺗﺘﻔﺮﺟﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ. وﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻻﺯﺍﻝ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﻓﻄﺎﺭ ﻭﻭﺣﻴﺪﺍ ﺑﺎﻟﺸﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﻋﺰ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻧﻴﺎﻡ ﻭﻓﻲ ﺃﺳﺮﺗﻬﻢ ﻳﻨﻌﻤﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪﻓء، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺤﺮﺳﻨﺎ، ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻧﻜﺮﻩ ﺭﺟﺎﻻ ﻳﻀﺤﻮﻥ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﻛﻲ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺃﻣﻦ ﻭﺃﻣﺎﻥ».
لكن الفايسبوك أطاح بكثير من رجال الأمن والدرك عبر القناصين الذي يرصدون تحركات المخزن، ففقد أشعلت صورة لرجل أمن مغربي يعمل في فرقة الدراجين في ولاية أمن مراكش، يحمل وراءه فتاة شقراء، مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن الأمر يتعلق بإنقاذ سائحة أجنبية تعرضت للسرقة في المدينة، لذا أصبح الشرطي أشهر رجل أمن بسبب مبادرته التي ردت عليها السائحة بتدوينة شكر وامتنان. لكن هناك ضابطا لا يقل شهرة عن سابقه في العاصمة الرباط مع اختلاف بسيط أن هذا الأخير عنف متظاهرين أمام البرلمان في ركلة شهيرة انتهت بتوقيفه.
كميل.. شارك في «ماستر شاف» فتعرض للطرد
قرر الرئيس المدير العام السابق لشركة الخطوط الملكية المغربية السابق طرد أحد موظفي الشركة بسبب ظهوره على شاشة التلفزيون ومشاركته في برنامج تلفزيوني متخصص في الطبخ. وحسب تدوينة لأحد نقابيي الشركة في صفحته على الفيسبوك، فإنه استغرب لقرار الطرد الذي فاجأ الجميع: «تلقينا باندهاش وذهول، بل وبصدمة كبيرة خبر طرد كميل رغم قيامه بكل الإجراءات الضرورية من إبلاغ رئيسة المصلحة، وتزويدها بكل الوثائق المطلوبة، إلا أنها اتخذت قرار الطرد في حقه والذي نعتبره تعسفا خطيرا، خاصة وأن مشاركة السيد كميل هي تشريف لشركة الخطوط الملكية المغربية».
النقابيون، في تدوينات تضامنية، قالوا إن الطرد يعد إجراء انتقاميا، «بسبب عمله ونشاطه النقابي داخل الشركة، حيث كان من بين النشطاء البارزين في قيادة وقفات احتجاجية ومطالب بتسوية وضعيات الموظفين».
لكن حكيم شالوط، مدير التواصل بالخطوط الجوية المغربية، رد على الجدل الفايسبوكي بتدوينة توضيحية، قال فيها إن «ما راج عن طرد كميل الجوهري بسبب مشاركته في برنامج معين عار من الصحة تماما، لقد تم فصل المعني بالأمر فعلا، لكنه جاء وفقا للضوابط القانونية نتيجة عدم التزام مهني. الشركة لم تكن تعلم شيئا عن مشاركة الأخير في أي برنامج، علما أن الأمر يدخل في خانة الأمور الشخصية التي لا دخل للشركة فيها، أكثر من ذلك فالأمر يتعلق ببرنامج للتسلية من المستحيل أن تتدخل الشركة لمنع أحد من المشاركة فيه».
وحسب رواية الشركة، ردا على المتضامنين مع كميل، فإن هذا الأخير «استنفد كل أيام عطلته القانونية خلال الفترة الممتدة ما بين يوليوز وأكتوبر، وتقدم بشهادات طبية عديدة في نفس الفترة، علما أنها فترة ذروة ويكون نشاط الشركة فيها مكثفا، وعلى الرغم من ذلك لم نسأله عن شيء. وفي أكتوبر طلب عطلة بشكل استثنائي وبدون أجر، ووقعنا عليها أيضا، غير أنه اختفى بعدها ولم يظهر له أثر، دون أي تبرير، فكان لزاما تطبيق القانون».
طلاق فايسبوكي يحير محكمة الأسرة
يعد الفايسبوك، وراء ثلث حالات الطلاق في العالم، هذا إلى جانب أن وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة أصبحت مدعاة للهروب من التعامل المباشر وإقامة العلاقات الاجتماعية في المجتمع. ورغم كثرة مزاياه إلا أنه أصبح يمثل مشكلة بين الزوجين في كل بيت، حيث «أصبح كل منهما مشغولا بصفحته الخاصة أكثر من شريك حياته، يقضي ساعات في التواصل والحديث ووضع علامات «جيم» أكثر مما يقضيه في الحديث مع شريك الحياة، ومع الوقت يتحول التواصل الاجتماعى إلى إدمان مما يهدد الكثير من البيوت بالدمار»، حسب الباحث الاجتماعي فؤاد لمعدل.
لكن قصة الزوجين نعيمة الغوداني وحميد بوعدي تستحق الوقوف عليها، حيث تم الطلاق عبر الفايسبوك، بعد نقاش طويل بدأ بتعليق على صورة صديقة مشتركة وانتهى إلى أبغض الحلال إلى الله. حاول القاضي جاهدا إعادة الأمور إلى طبيعتها لكن مفعول التدوينات كان أكبر فشرع الطرفان في تنفيذ مسطرة طلاق الشقاق. الغريب في حكاية هذا الانفصال الالكتروني أن الصراع تم على المكشوف وليس في خانة الرسائل الشخصية، بل إن أصحاب النوايا الحسنة دخلوا على خط النقاش وساندوا هذا الطرف على حساب الآخر.
نعيمة قالت للقاضي إن زوجها مدمن فايسبوك وأنه يقضي ساعات في كتابة تدوينات وصفتها بالتافهة، واتهمته بجعل الفايسبوك أولوية على حساب الوقت المفترض تخصيصه للبيت والزوجة والأولاد، من أجل التواصل مع أشخاص لا يعرفهم. مشاركا الآخرين اهتماماتهم وجعلهم يقتحمون اهتمامات الأسرة. وقال القاضي لنعيمة «عندما تشاهدين أصدقاء فتيات لزوجك على الفيسبوك لا تنزعجي أو تكون مشكلة في حياتك، ولكن عليكِ أن تدخلي ويكن من ضمن صديقاتك فتتعرفين عليهن وتسألي زوجك عنهن ولكن بطريقة لطيفة لا يشعر خلالها بالشك، وهذا بالطبع خاص بالرجال فقط أما بالنسبة للنساء فغير مقبول. يجب على الزوجين معرفة الأرقام السرية لحساب كل منهما على الفايسبوك ليبعد الشك نهائيا من حياتهما».
يذكر المغاربة حكاية سعد وفضيلة اللذين تعرفا على بعضهما البعض عبر الفايسبوك، بأسماء مختلفة حتى جاء موعد اللقاء بينهما واكتشف كل منهما أنه يعرف الآخر، بينما يروي نفس القاضي حكاية زوج شك في تصرفات زوجته فأسقطها في كمين فايسبوكي حين تحادث معها عبر الشات باسم مستعار وهوية مستعارة، وتبين له قابليتها للخيانة الزوجية.
مدرب الدفاع الحسني يمنع الفايسبوك والواتس آب
في قرار هو الأول من نوعه في تاريخ الكرة المغربية، أكد عبد الرحيم طاليب مدرب الدفاع الحسني الجديدي، بعد مباراة فريقه أمام الوداد البيضاوي، ضمن مجريات الدورة الثامنة عشرة من منافسات البطولة الاحترافية، أنه أعطى للاعبيه أوامر بمنع التواجد بمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا خلال الفترة الليلية، مضيفا أنه توعد من ثبت ارتباطه بالفيسبوك أو الواتساب بعد الساعة العاشرة، بالإبعاد من المجموعة، إلى جانب الحرمان من الراتب كذلك، وجاء حديث طاليب في سياق تفسيره لضرورة تركيز اللاعبين، وانخراطهم ضمن مسعاه الرامي إلى انتشال الفريق من براثن أسفل الترتيب، وهي مهمة تتطلب بالغ التركيز، واستفاض في التفسيرات العلمية لأهمية خلود لاعبيه للنوم المبكر، بغية إراحتهم ورفع درجة تركيزهم على المواجهات المتبقية، ولم يستثن طاليب نفسه بمناسبة الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك، بالقول أنه لا يملك حسابا، ولم يفكر يوما في ما وصفه بالتفاهات، متسائلا عن الجدوى من قتل الوقت، في دردشات غير ذات جدوى، مؤكدا في الختام أن اللاعبين استوعبوا الدرس جيدا، من خلال تفاعلهم مع القرار، وقطع صلتهم بالمواقع الاجتماعية، لما فيه مصلحتهم ومصلحة الفريق أيضا.
معاقبة أستاذ بسبب قصيدة هجاء ضد بلمختار
فجأة قررت إدارة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة إحالة الأستاذ المتدرب محمد حكمون على المجلس التأديبي، على خلفية «إساءات» موجهة لشخص الوزير رشيد بلمختار، بسبب قصيدة شعرية تضمنت أبياتها عددا من الكلمات القدحية، انتشرت القصيدة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى المركز أولا ثم في الوسط التعليمي، إلى أن وصل صداها إلى الإدارة التي استدعت الطالب بسبب تعليمات وزارية من الرباط. ودعي الأستاذ إلى تقديم شروحات أمام المجلس التأديبي وإعادة تفكيك أبيات القصيدة.
يقول مطلع القصيدة: «أبا مختار فلا تعجل علينا .. وأمهلنا نخبرك اليقينَا»، وهي عبارة عن تحوير فني لقصيدة تعود للشعر الجاهلي يقول مطلعها «أبا هند فلا تعجل علينا وأمهلنا نخبرك اليقينا». قيل للأستاذ إن أبيات المعلقة تستهدف وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، لكن دفوعاته الشكلية والموضوعية لم تغير من موقف المؤسسة التي اعتبرت الكتابات الشعرية مسيئة لمسؤول حكومي خاصة بعد أن تم تناقلها على نطاق واسع، خاصة وأن الأمر تجاوز أبيات الشعر إلى انتقاد وزير هرم.
صراع بين البام والبيجيدي بسبب تدوينة
أصدرت المحكمة الابتدائية بإنزكان حكما بالسجن النافذ مدته أربعة أشهر، وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم في حق المواطن رشيد أيت داوود، المعتقل بسجن أيت ملول، قبل أن يستأنف محامي هذا الأخير القرار، وذلك على خلفية «دعوى قضائية رفعها ضده كل من رئيس المجلس القروي لتسكدلت بدائرة أيت باها ونائبه، بتهمة التشهير والوشاية الكاذبة وإثارة الشغب في جلسة المجلس، ونشر أكاذيب على صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك»، كما جاء في محضر الضابطة القضائية. وهو ما أنكره رشيد الذي اعتبر التهمة كيدية، ولأن التدوينة ذات طعم سياسي فقد كان من الطبيعي أن تحدث اصطداما حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية على مستوى دائرة شتوكة، لأن المطالب بالحق المدني ينتمي سياسيا لحزب الجرار، والمتهم المدان عضو في الكتابة المحلية للعدالة والتنمية بتسكدلت. ولأن الأمر تجاوز حدود اتهام شخص لآخر إلى تنظيمات سياسية، فإن الأمانة الإقليمية لحزب العدالة، أصدرت بيانا تضامنيا ضد الحكم الصادر في حق «رشيد أيت داوود»، كما نظمت يوم الخميس 3 دجنبر الجاري وقفة تضامنية أمام مقر الجماعة القروية تسكدلت باشتوكة ايت باها، مع المعتقل وذلك بحضور بعض من قياديي حزب البيجيدي بالإقليم وبعض جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة وعائلة المعتقل.
صورة مسلح تجر شابا إلى المعتقل
لم يكن شاب متيم بالأفلام السينمائية يعتقد أن نشر صورة له على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وهو يحمل سلاحا، ستجره للمساءلة، كما لم يكن يخطر بباله أن صورة مع «بن لادن» الممثل ستقوده إلى الاستنطاق، قبل أن يوضح من خلال تصريحاته أن الصورة التقطت بمدينة ورزازات بأحد الأستديوهات المعدة للتمثيل، وأن شخصا شبيها بأسامة بن لادن يوجد في عين المكان يقضي سحابة يومه في التقاط صور مع السياح المغاربة والأجانب بموقع التصوير بعد أن شرب من كأس العطالة. رغم تبريرات الشاب الورزازي فإنه قضى ساعات في الاستنطاق وسلم من السلطة المحلية إلى مصالح الدرك الملكي، من أجل تعميق البحث في هذه القضية، علما أن مقدما هو من تسلل لصفحات شباب وصفهم بالمتردين واطلع على كتاباتهم فنقلها إلى القائد.