شوف تشوف

الرئيسيةتعليم

«تدويل» مطالب تنسيقية الأساتذة والحكومة تتهم «الجماعة» بتأجيج الاحتجاجات

في الوقت الذي تعرف فيه وتيرة تنزيل مشاريع القانون الإطار ارتفاعا نوعيا، بوقوف وزير القطاعات الثلاثة سعيد أمزازي على عمل فرق المشاريع الجهوية، عبر زيارات ميدانية شملت كل جهات المملكة، يلاحظ وجود احتقان اجتماعي كبير في الموارد البشرية، كانت من تجلياته سلسلة الاحتجاجات التي تنظمها العديد من التنسيقيات، والاصطدامات التي تحدث بين المحتجين ورجال الأمن. أبرزها منع احتجاجات حاملي الشهادات وأطر الأكاديميات.

ويشهد قطاع التعليم في المغرب، خلال الأيام الأخيرة، احتجاجات لدفع وزارة التربية إلى فتح باب الحوار مع النقابات، والمعلق منذ عام، والاستجابة لمطالب العديد من العاملين في القطاع.
وعرفت السنة الدراسية الحالية ظهور العديد من التنسيقيات التي يطالب أصحابها بمطالب، بعضها مهنية وأخرى مادية.

«تدويل» الاحتجاجات
تبقى احتجاجات تنسيقية أطر الأكاديميات أو ما يعرف إعلاميا بـ«أساتذة التعاقد» الأبرز في المدة الأخيرة، خصوصا بعد الضجة الإعلامية التي خلفتها عملية منع احتجاجات هؤلاء، ومحاولة بعض النقابات والأحزاب استغلال هذه الاحتجاجات في سنة انتخابية، سياسية ومهنية.
احتجاجات أطر الأكاديميات أو ما يعرف بأساتذة التعاقد دخلت فصلا جديدا يتمثل في لجوء هؤلاء إلى محاولة تدويل احتجاجاتهم بإغراق صفحات العديد من الشخصيات الإعلامية المعروفة عربيا وعالميا فضلا عن صفحات العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والقنوات الإعلامية ذائعة الانتشار، (إغراقها) بـ«هاشتاغ» خاص.
وكانت تنسيقية الأساتذة «الذين فرض عليهم التعاقد» قد نظمت، في وقت سابق، مسيرتين ضد ما سمته «استمرار مسلسل سرقة أجور الأساتذة، والتلاعب بمصالحهم وحقوقهم»، ويأتي التصعيد بعد أسابيع من خوضهم إضراباً ووقفات احتجاجية في عدد من المدن المغربية، فيما عرفت شوارع عدد من المدن مسيرات واعتصامات وسط حضور أمني أدى لاحتكاكات مع المعتصمين، كما تمت مطاردة بعضهم وتوقيفهم.
لجوء الأساتذة المحتجين لتدويل مطالبهم واحتجاجاتهم من شأنه أن يحرج الدولة المغربية في هذا الظرف السياسي الخاص الذي تمر منه القضية الوطنية الأولى، والمتمثل في سلسلة الانتصارات الديبلوماسية التي حققها المغرب لصالح مغربية الصحراء. هذا الإحراج، حسب مراقبين، من شأنه أن يؤزم الوضع أكثر في العلاقة بين الحكومة والأساتذة المحتجين، وسيؤثر حتما على جهودها في إصلاح قطاع التعليم.
وفي الوقت نفسه طالبت نقابات تعليمية بفتح حوار عاجل والاستجابة لمطالب مختلف الفئات، ومنها مطالب الفئتين اللتين تقودان الاحتجاجات في المدة الأخيرة، أي تنسيقية «المتعاقدين» و«حاملي الشهادات». معتبرة أن «الحل الوحيد والأوحد لنزع فتيل الاحتقان في قطاع التعليم هو الاستجابة الفورية للمطالب الملحة للشغيلة التعليمية، وجعل حد للحسابات الضيقة، واعتماد الحوار الحقيقي الجاد مع النقابات المُفضي إلى حلول عملية والالتزام بتنفيذ الاتفاقات والتعهدات».

أمزازي: انتهى التعاقد
يحدد النظام الأساسي لأطر الأكاديمية الجهوية للتربوية والتكوين شروط التوظيف ونظام الترقي ومنظومة الأجور وحقوق وواجبات أطر هذه المؤسسة، كما يتضمن هذا النظام شروط انتهاء الخدمة ويتم توظيف الأطر المتعاقدة في مناصب محددة حسب الميزانية المتوفرة لدى الأكاديمية، كما تنص إحدى مواد النظام الأساسي للأطر المتعاقدة على أنه يمكن للأكاديمية أن تشغل بموجب عقود لمدة قابلة للتجديد بصفة تلقائية ويخضع هؤلاء الأساتذة لتكوين تأهيلي في المراكز الجهوية لمدة سنتين تمتد السنة الأولى لمدة لا تقل عن سبعة أشهر يتقاضى فيها الأستاذ مبلغا مقداره 1400 درهم.
من جهته، اتهم سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الأساتذة أطر الأكاديميات بتغليط الرأي العام. وقال أمزازي، في تصريح صحافي يوم الجمعة الماضي، على هامش زيارته لمدينة الداخلة، إن التعاقد انتهى سنة 2018 ولم يجبر أحد بعد ذلك بتوقيع أي عقد مع الوزارة أو الأكاديميات. وشدد أمزازي على أن الوزارة لم ترغم أحدا على التعاقد كما يشاع، مضيفاً أن كل الأساتذة الذين تم انتقاؤهم تقدموا للمباريات بمحض إرادتهم.
وقال وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إنه ستتم إعادة النظر في القانون رقم 07.00 المتعلق بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في إطار مراجعة تنزيل أحكام القانون الإطار. وذكر أمزازي أنه سيتم إبراز مكانة الأساتذة أطر الأكاديميات لإعطاء معنى للتوظيف الجهوي، معبراً عن رفضه التام لمصطلح التعاقد.
في السياق نفسه، هناك شبه يقين لدى العديد من أعضاء الحكومة بأن «الجماعة» تقف وراء تصاعد الاحتجاجات في قطاع التعليم. وأن ما يحدث هو «ابتزاز سياسي» للدولة، وهو الأمر الذي يفهم من بيان صادر عن الحزب الذي ينتمي إليه وزير القطاع. والذي عبر عن دعمه لـ«الإصلاحات البنيوية والاستراتيجية غير المسبوقة التي عرفها قطاع التعليم ويعرفها هذا القطاع الحيوي والتدبير المحكم للمنظومة التعليمية بمختلف مستوياتها».
و دعا الحزب إلى «تغليب لغة الحوار الذي لم تغلق أبوابه يوما» ، مثمنا «التدابير القانونية والقطاعية والمؤسساتية المتخذة في هذا الإطار لإحاطة التوظيف الجهوي العمومي في قطاع التعليم بكل الضمانات الكفيلة بتوفير الاستقرار المهني والاجتماعي لهذه القاعدة الأساسية في منظومة التربية والتكوين، وهي الضمانات القانونية التي وضعت حدا لما كان ولايزال يسمى التعاقد الذي لم يعد له أساس» على حد تعبير بلاغ الحزب.

انطلاق إصلاح قطاع التعليم الخصوصي بالتزامن مع تنزيل مشاريع القانون الإطار
بدأت وزارة التربية الوطنية في إصلاح اختلالات القطاع الخصوصي، ومنها إدخال تعديلات على القانون المنظم للقطاع في أفق ترسيخ شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص وأيضا الحفاظ على الطابع العمومي للخدمة التربوية. وأولى هذه الخطوات وضع شروط جديدة لإنشاء المدارس الخاصة.

بدأت المديريات الإقليمية التابعة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في اعتماد شروط جديدة في منح التراخيص للمستثمرين الخواص لفتح مدارس جديدة، حيث بدا واضحا تشدد المديريات في فرض تطبيق الشروط الخاصة بفتح مؤسسات تعليمية تابعة للقطاع الخاص، لتوفير فضاءات تربوية مناسبة لاستقبال التلاميذ. وأصبح المستثمرون المقبلون على افتتاح مدارس خصوصية مطالبين بتوفير مساحات كافية بالنسبة للفصول الدراسية والساحات والفضاءات الرياضية، إلى جانب توفير شروط السلامة أثناء ولوج ومغادرة التلاميذ لمؤسساتهم التعليمية.
محاولة الوزارة الوصية إصلاح اختلالات التعليم الخاص، ظهرت في فرض مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في البنايات المعدة لاحتضان مؤسسات تعليمية، والتي ينص عليها القانون المغربي في هذا الإطار. ومنها أن الشروط القانونية المنصوص عليها تفرض توفر مساحة خاصة بكل قسم دراسي يجب ألا تقل عن متر ونصف متر مربع كمعدل أدنى بالنسبة لكل تلميذ، بينما يجب أن تبلغ مترين مربعين على الأقل كمعدل لكل تلميذ بالنسبة للساحة.
كما يجب أيضا أن يتم توفير باب خاص لكل سلك تعليمي للولوج إلى المؤسسة التعليمية، أي أنه بالنسبة للمؤسسات الخصوصية التي توفر خدماتها لجميع الأسلاك، يجب أن تتوفر على بابين منفصلين على الأقل لتفادي التكدس ضمانا لسلامة التلاميذ.
هذه الشروط الصارمة جاءت بعد أن تم رصد العديد من المؤسسات التعليمية الخصوصية التي لا تحترم هذه المواصفات، إذ هناك مدارس تعمد إلى تخصيص سطح البناية أو الطابق تحت الأرضي كساحة لتجميع التلاميذ في فترات الاستراحة، وهذا أمر غير مقبول وغير قانوني.
فالمساطر القانونية تتطلب الحصول على رخصة مبدئية قبل انطلاق عملية البناء، وعند الانتهاء منها يحصل المعني بالأمر على الرخصة النهائية من الوزارة عبر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، علما أن الوزارة بدأت تتشدد في ضرورة التوفر على الشروط والمعايير والبنية المعمارية التي تتلاءم مع استغلال المؤسسات التعليمية، والتشدد في الشروط واحترام القانون سينعكس إيجابا على أداء القطاع التعليمي بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى