شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

تدخلت لإنهاء الحصار على فيلق مغربي ضواحي بوجدور بسبب كمين للبوليساريو فسقطت طائرتي في ساحة المعركة

مانسيناكش علي عثمان (طيار مغربي أسير سابق للبوليساريو)

حسن البصري

من هو علي عثمان؟

أنا من مواليد ميدلت في الأطلس المتوسط، أصلي من قبيلة أيت حديدو، وهي من القبائل التي قاومت الاستعمار بقوة وشجاعة لا مثيل لهما في معارك عديدة. رجالها كانوا يحثون على الجهاد بعد المحاولات الاستعمارية للتوغل في التراب المغربي من الجزائر. تابعت دراستي في مدرسة النصارى بميدلت، وانتقلت إلى مدينة فاس لاستكمال تعلمي، ودرست أيضا في ثانوية عبد المالك السعدي بالقنيطرة، وقضيت فترة في الأقسام التحضيرية، ومنها جاء الانضمام إلى المدرسة الملكية الجوية في مراكش. تخرجت طيارا وسأكمل دراستي وتكويني في مدينة ديجون الفرنسية، وتحديدا في مدرسة القنص الجوي، وحين تخرجت طيارا قناصا اشتغلت في القاعدة الجوية بمكناس.

ما أول مهمة قمت بها في الصحراء؟

أولا اشتغلت طيارا خلال المسيرة الخضراء، حيث طلب منا تجهيز الطائرات العسكرية لتغطية جوية للمسيرة تحسبا لأي طارئ، وكنا، أيضا، نحمل التموين الغذائي للمتطوعين عبر الجو. مباشرة بعد الخطاب الذي ألقاه الملك الراحل الحسن الثاني، والذي دعا فيه المغاربة للمشاركة في المسيرة الخضراء، في تلك الفترة كانت القطارات والحافلات والشاحنات تنقل المتطوعين إلى مدينة مراكش ملتقى التجمع، والتي أصبحت تعج بالمتطوعين الذين حجوا إليها من الشمال والشرق والغرب، استعدادا للتوجه إلى طرفاية. طلب منا كطيارين التعبئة والاستنفار لحماية المتطوعين، القادمين من مختلف المناطق، خلال تحركهم صوب الحدود الوهمية، وعهد إلينا، كذلك، بنقل المواد الغذائية في النقطة الأخيرة إلى التجمع العام بمدينة طرفاية قبل الانطلاق رسميا لاختراق الحدود. ليس من السهل توفير المؤونة لـ350 ألف متطوع إضافة للمشرفين على التنظيم والجهات الطبية والأمنية.

ما أول مهمة عسكرية لك في الصحراء كطيار قناص؟

في يناير 1976، حصل اشتباك عسكري في عين بنتلي، وهي منطقة جنوب بئر لحلو تحت النفوذ الترابي لموريتانيا. كانت البوليساريو تسعى لاحتلال هذه النقطة الحدودية مدعمة بالجيش الجزائري، وعندما مالت الكفة للجزائر وصنيعتها، اتصل المختار ولد دادة، رئيس موريتانيا، بالملك الحسن الثاني وطلب دعما عسكريا. تلقينا كطيارين أمرا بالتوجه إلى المنطقة وشرعنا في قصف القوات الجزائرية التي كانت تقود العملية. من بين الطائرات التي قامت بالغارة سيتم إسقاط طائرة واحدة من طرف المدافع الجزائرية، ومات قائدها بن بوبكر الذي أعتبره أول طيار شهيد في الصحراء. في تلك المعركة ستفقد موريتانيا الرائد سويدات، وهو أحد أبرز القادة العسكريين في الجيش الموريتاني وله دور في حرب الصحراء ضد جبهة البوليساريو. عدت بعد العملية إلى قاعدة مكناس، لكني طلبت من القيادة إعادتي إلى الصحراء للمشاركة في العمليات، وكررت الملتمس ثلاث مرات، خاصة وأن أغلب زملائي التحقوا بالصحراء ولم يبق في القاعدة إلا القائد والسكان، فوجدت نوعا من الإحراج وأنا بدون مهمة، إلا أن تلقيت أمرا بالالتحاق بالقاعدة العسكرية الجوية بالعيون وهي قاعدة موروثة عن الاستعمار الإسباني. ودعت زوجتي، التي كانت حاملا، وتوجهت إلى الصحراء. وبعد مرور أيام سأتلقى خبرا سارا، فقد قيل لي إنني رزقت بأنثى، فعدت إلى مكناس لأشارك في حفل العقيقة ومكثت حوالي أسبوع مع زوجتي، ثم عدت إلى الصحراء للقيام بالواجب الوطني. حصل هذا في عز صيف سنة 1976 وكانت الحرارة استثنائية.

عدت إلى أجواء حرب العصابات التي تقودها البوليساريو بدعم من الجزائر..

كانت المعارك بدأت وركزت أولا على موريتانيا التي استهدفتها القوات الجزائرية التي كانت تدعم الانفصاليين، بدليل سقوط أفراد من الجيش الجزائري في الأسر الموريتاني بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت العديد من المناطق بل ووصلت الغارات إلى مشارف موريتانيا. وفي يناير 1976 قام اللواء الأول للمشاة بالجيش الجزائري بالهجوم على بلدة أمغالا، في حين قام لواء آخر بالهجوم على منطقة التفاريتي، وتمركز لواء آخر للمدرعات بمنطقة المحبس المحاذية للحدود الموريتانية، ولعب سلاح الجو المغربي دورا كبيرا في تلك المعركة، إذ قام بقصف مواقع المدفعية الجزائرية وقتل الضابط المسؤول عنها. بعدها سيتراجع الجيش الجزائري فارا من ساحة المعركة تاركا وراءه الكثير من السيارات والمعدات.

متى سقطت في الأسر؟

مباشرة بعد عودتي من مكناس، تلقيت، إلى جانب زملائي، خبر تعرض عصابات البوليساريو لفيلق للمؤونة ضواحي بوجدور. حصلت مواجهة غير متكافئة، حيث كانت عناصر البوليساريو مجهزة بسيارات عسكرية من نوع متطور، وقتل ضابط صف مغربي اسمه زعنون. تلقينا أوامر بالتحليق واعتراض ميليشيات البوليساريو خلال عودتها، كان ذلك يوم 24 غشت 1977، عندما أردت تقديم المساعدة لقافلة للتموين بشمال بوجدور بمنطقة تسمى ليتيمة، وكانت الأجواء جد غائمة والرياح قوية، خرجت وطيار شاب في مهمة القصف، طلبت منه أن يحلق في أجواء عالية ويوفر لي السلامة على أن أتكلف بضرب البوليساريو، وحين وجهت ضرباتي مرتين وحاولت الرجوع إلى القاعدة في العيون، طلب مني الاستمرار وكان تحليقي قريبا. هنا ستتعرض طائرتي لإصابة بصاروخ «صام 7»، واستعنت بالمظلة بعد أن تعطل المحرك وسقطت بالقرب من بوجدور، وهناك وقعت في الأسر، وأنا أعاني من كسر لشدة ارتطامي بالأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى