شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تدابير مرافقة

 

 

دشن المغرب بلا شك، بفضل التوجيهات الملكية، مرحلة جديدة من مراحل بناء الدولة الاجتماعية، التي اتخذت في بعض مظاهرها أشكال الدعم المباشر للمواطنين على شكل تعويضات عائلية، أو دعم عمومي موجه إلى السكن. ولئن حظيت هذه الإجراءات بإجماع المغاربة، لأنها عمل جبار يروم تحقيق هدف نبيل يتمثل في تقليص الفوارق الاجتماعية، وإدماج السكان في الديناميات الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المغرب، فإن تنزيل هاته الإجراءات محفوف بعدد من المقاومات والمخاطر والتدابير المضادة التي يمكن أن تفقدها الأثر الاجتماعي المتوخى.

إن التحدي الأكبر الذي يمكن أن يمثل عائقا أمام هاته البدائل هو تركها تواجه مصيرها بنفسها أمام الممارسات المضادة، التي يمكن أن تفقد هذه التدابير الجدوى منها، فلا قيمة لـ10 ملايين للدعم المخصص للسكن، إذا كان لوبي العقار سيرفع أسعار السكن بشكل صاروخي لكي يتحول سكن 25 مليونا إلى 50 مليونا، ولا معنى لهذا الدعم إذا لم توجد سياسة عقارية بالعالم القروي، وظل الدعم رهينا بالسكن المديني.

وبالموازاة مع ذلك، فالدعم الموجه إلى الأسر والأطفال سيكون عديم المفعول، إذا لم يتم التحكم النسبي في معدل التضخم، وإذا استمرت كل الأسعار في اتجاه واحد نحو الارتفاع، آنذاك ستكون الحكومة مثل الذي يعطي باليمنى ويأخذ باليسرى.

صحيح أن المنطق السليم يفرض أنه يجب التخلص من سياسة دعم المواد الأساسية، ليس لأنها تكلف الدولة مليارات الدراهم، بل لأنها لا تذهب إلى مستحقيها الحقيقيين. فالأغنياء يستفيدون أكثر من الفقراء من سياسة الدعم الحكومي الموجه إلى البوتان والسكر والدقيق. وبالتالي فإن سياسة الدعم المباشر للأسر في العيش والسكن ستكون مفيدة أكثر من الدعم غير المباشر، وستخفف نزيف صرف المال العام لغير مستحقيه، لكن ذلك لن يتحقق بدون تدابير مرافقة تحمي هاته الإجراءات من عبث العابثين.

والتخوف أن نعيد تجربة تحرير المحروقات التي ظلت نقطة سوداء في ذهن المغاربة، ليس لأن القرار خاطئ اقتصاديا، بل لأنه قرار متسرع لم تتم مرافقته بتدابير حمائية تخفف من أثره السلبي على معيشة المواطنين.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى