محمد اليوبي
أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الأربعاء، حكما يقضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق النائب البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، عبد النبي العيدودي، والقاضي بإدانته بسنتين حبسا موقوف التنفيذ.
وكانت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط قد نطقت بالحكم في قضية اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير بجماعة الحوافات بإقليم سيدي قاسم، الذي توبع فيه رئيس الجماعة وبعض مساعديه، حيث أدانت الهيئة المتهم الرئيسي في الملف بسنتين حبسا موقوف التنفيذ، وأداء غرامة مالية لصالح دار الطالبة، التي اتهم رئيس الجماعة ومساعدوه بالتطاول على الميزانية المخصصة لها، وخصم 7 ملايين منها من أجل تسليمها إلى الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي، مقابل مشاركته في مهرجان فني أقيم بالجماعة.
وتفجر هذا الملف في سنة 2019، بعد توصل النيابة العامة المختصة بجرائم الأموال بشكاية تتعلق بتبديد أموال عمومية من طرف العيدودي، الذي أصبح معروفا في مجلس النواب بمداخلته الشهيرة «هشة بشة عشة»، وحاولت شقيقته التي خلفته على رأس جماعة الحوافات بعد رحيله إلى جماعة دار الكداري، أن تورط أعضاء المجلس في إدراج نقطة فريدة في أول الدورة للمجلس الجماعي مباشرة بعد فوزها برئاسة المجلس، تروم تنازل المجلس عن تنصيبه طرفا مدنيا في الدعوى التي كانت رائجة أمام محكمة جرائم الأموال، وهي الفضيحة التي تصدت لها سلطات الوصاية بعمالة إقليم سيدي قاسم ومصالح وزارة الداخلية.
وقامت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال بإجراء مواجهات ساخنة بين المتهمين الرئيسيين وعشرات الشهود من موظفين ورؤساء جمعيات مدنية متهمة بتسلم أموال عامة، بشكل مشبوه وفق المعطيات والتبريرات الواردة بمحاضر الاستماع والتحقيق، وكذا على لسان المتهمين الرئيسيين في الملف.
وحاصرت الهيئة القضائية رئيس الجماعة، وهو الإطار بوزارة الأوقاف، بسيل من الأسئلة والشهادات، بعد أن طالبته بتبرير التفاوت الكبير بين الميزانية المخصصة لمهرجان المدينة، وفق محضر جلسة رسمية للمجلس، والمبالغ المالية التي تم صرفها للمشاركين في هذه المهرجان، خاصة المبلغ الذي تسلمه الفنان الشعبي الستاتي من ميزانية دار الطالبة، إضافة إلى اختلالات مالية شابت أشطرا مالية أخرى مرتبطة بمنح ختان أطفال الجماعة، ودعم الفرق الرياضية بالجماعة التي يتجاوز عددها 16 فريقا، ثم المنح المالية المخصصة لجمعيات مدنية تعنى بتربية النحل وذوي الاحتياجات الخاصة بإعاقات مختلفة وغيرها.
وأفرزت تصريحات الشهود والمتهمين تناقضات كبيرة، بعد تشتت تصريحات الشهود من موظفين ورؤساء جمعيات، بين مؤكد لصحة العمليات المالية المنجزة، وبين ناف لكل ما ورد على لسان الرئيس، حيث أكدوا عدم علمهم بالمنح التي تتحدث عنها محاضر الرئيس، وتفاصيل البرمجة المالية التي كانت مخصصة لجمعياتهم، وهو ما عجز كاتب المجلس عن تبريره كذلك بدعوى أنه لا يعرف القراءة والكتابة، مكتفيا بالإعراب عن حسن نيته.
وكان مستشارون من المعارضة بالمجلس الجماعي للحوافات قد فجروا فضائح اختلاسات في وجه الرئيس ومقربين منه، جرته إلى التحقيق بجرائم الأموال بالرباط، حيث ركزوا على تخصيص مبلغ يقدر بـ7 ملايين سنتيم من ميزانية دار الطالبة لصالح الفنان الشعبي الستاتي، خلال استضافته بمهرجان فني قبل ثلاث سنوات، وجاءت شكاية أعضاء من المعارضة بمجلس جماعة الحوافات، بعد رفض القابض البلدي ببلقصيري التأشير على النفقات المبرمجة في الميزانية التي خصصها الرئيس للمهرجان، مما دفعه إلى التخلي عن فنانين والاحتفاظ فقط بعبد العزيز الستاتي، الذي كلفه 7 ملايين، وهي الواقعة التي تسببت له في سنتين حبسا موقوفة التنفيذ .
إلى ذلك، أصدرت محكمة النقض قرارا يقضي بإعادة محاكمة النائب البرلماني الاستقلالي، عمر احجيرة، ورئيس مجلس جهة الشرق، عبد النبي بيوي، أمام هيئة قضائية أخرى بغرفة جرائم الأموال، بعد إدانتهما سابقا أمام محكمة الاستئناف بفاس بسنتين حبسا نافذا لكل واحد منهما.
وكانت محكمة جرائم الأموال بفاس، قد أصدرت حكما بالسجن سنتين نافذتين في حق عمر حجيرة، البرلماني الاستقلالي ورئيس الجماعة الحضرية لوجدة وسنة نافذة في حق عبد النبي بيوي، الرئيس الحالي لمجلس جهة الشرق، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة. وجاءت متابعة القياديين في حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة بناء على ما ورد في تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بجماعة وجدة خلال الفترة ما بين 2006 و 2009، حيث توبع حجيرة وبيوي، بالاضافة إلى مقاولين ومسيري شركات ومكاتب للدراسات بتهم تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية.
وسبق لحجيرة وبيوي أن حصلا على حكم البراءة في هذه القضية سنة 2017، غير أن الوكيل العام للملك قرر الطعن في هذا الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية، معللا طلبه بتقرير المجلس الأعلى للحسابات.