خصص شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية، ميزانية ضخمة للتكوين المستمر هي الأكبر في تاريخ الوزارة. ويتعلق الأمر بميزانية تبلغ حوالي 6 ملايير درهم، تم ضخها في ميزانيات الأكاديميات الجهوية، وتم على ضوئها وضع برامج صادقت عليها المجالس الإدارية للأكاديميات في دورتها المنعقدة أخيرا، وسيستفيد منها جميع موظفي الوزارة بشكل إجباري.
ميزانية غير مسبوقة
يراهن شكيب بنموسى، منذ تعيينه، على تأهيل الموارد البشرية معرفيا ومهاراتيا لترسيخ المهننة في كل مهن التربية والتكوين. وبموجب هذا الرهان، خصص وزير التربية الوطنية ميزانية هي الأضخم من نوعها في تاريخ الوزارة، بحيث فاقت نظيرتها التي تم تخصيصها للمجال نفسه في مرحلة البرنامج الاستعجالي.
ويتعلق الأمر بميزانية 5.9 ملايير درهم، علما أن ميزانية التكوين المستمر في المخطط الاستعجالي لم تتجاوز 4 ملايير درهم تم تجميد صرف جزء منها بعد تعيين حكومة عبد الإله بنكيران، على غرار مشاريع أخرى عرفت المصير نفسه.
يعتبر شكيب بنموسى أن مقدمة إصلاح القطاع هي العنصر البشري، الذي ينبغي تكوينه وتأهيله وإعادة تكوينه لترسيخ المهننة، أي مهننة التدريس والتدبير الإداري والتوجيه والتخطيط والتفتيش، ما يعني القطع مع الأساليب القديمة في التكوين.
في السياق ذاته، شرعت وزارة التربية الوطنية في مراجعة مناهج تكوين المدرسين، بجميع أسلاكهم. حيث عكفت لجان مركزية على وضع مسودات أولية تهم مجزوءات التكوين، سواء النظرية أو العملية، كما تهم أيضا عمليات المتابعة والتقويم التي سيخضع لها المتدربون الناجحون في مباراة التوظيف الأخيرة. وتم تخصيص لجان مراجعة لهذه المسودات تتكون من أساتذة مكونين في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
وقرر وزير التربية الوطنية الحفاظ على الاختيار نفسه الذي أقدم عليه سلفه سعيد أمزازي، بحيث ستتكلف الأكاديميات الجهوية بتمويل برامج التكوين المستمر وتحدد جداول زمنية لكل الفئات التعليمية، على أن تتكفل المراكز الجهوية للتكوين بتنفيذ هذه البرامج.
وتتضمن برامج التكوين التي سيستفيد منها جميع الموظفين بشكل إجباري، حسب مصادر خاصة من داخل الوزارة، 15 يوما لكل موظف، وستكون في العطل البينية، لتجنب تأثير تغيب الأساتذة على المسار التعليمي للتلاميذ.
المصادر ذاتها تتحدث عن أن الوزارة بصدد مراجعة الأساليب المعتمدة في تقويم مردودية كل هيئات المنظومة، بحيث سيصبح الخضوع للتكوين المستمر محددا بشكل كبير للمسار المهني لكل الموظفين، بدءا من الترقيات وصولا إلى الحصول على مناصب للمسؤوليات، إقليميا وجهويا ووطنيا..، حيث سيصير لزاما على الموظفين الإدلاء بشهادات التكوين المستمر عند الترشح للترقيات وأيضا للحصول على مناصب، سواء صغيرة في مستوى المديريات الإقليمية، أو متوسطة في مستوى الأكاديميات الجهوية، أو عليا في المستوى المركزي.
التكوين الأساسي أيضا
تصور الوزارة للتكوين المستمر يستند بشكل واضح على التصور الذي تبنته الرؤية الاستراتيجية، وخاصة الدعامة الثالثة عشرة: حفز الموارد البشرية وإتقان تكوينها وتحسين ظروف عملها ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترقية. حيث توحد على المستوى الجهوي مختلف مؤسسات إعداد أطر التربية والتكوين، كما يتم ربطها بالجامعة طبقا للمادتين 42 ج و77 أعلاه من هذا الميثاق، وذلك بغية تعبئة كل الإمكانات المتاحة من أجل بلوغ الأهداف الآتية: تمكين المدرسين والمشرفين التربويين والموجهين والإداريين من تكوين متين، قبل استلامهم لمهامهم، وذلك وفق أهداف ومدد زمنية ونظام للتكوين والتدريب يتم تحديدها بانتظام على ضوء التطورات التربوية والتقويم البيداغوجي.
وتشير الدعامة، أيضا، إلى تدعيم البحث التربوي في جميع ميادينه وتسخيره على جميع المستويات، لخدمة جودة التربية والتكوين، من حيث الأهداف والمحتويات والمناهج والوسائل التعليمية. وأيضا تنظيم دورات التكوين المستمر.
وتؤكد برامج الوزارة في مجال التكوين أنه يسمح بمزاولة مهمة مرب أو مدرس لمن توفرت فيه الشروط التي تحددها السلطات المشرفة على التربية والتكوين، ويراعى في تحديد إطارات توظيف المدرس مبدأ الحفاظ على جودة التأطير في جميع المستويات. ويتم تنويع أوضاع المدرسين الجدد من الآن فصاعدا بما في ذلك اللجوء إلى التعاقد على مدد زمنية تدريجية قابلة للتجديد، على صعيد المؤسسات والأقاليم والجهات، وفق القوانين الجاري بها العمل..، حيث تقوم السلطة الوطنية المشرفة على قطاع التربية والتكوين، تطبيقا لمقتضيات هذا الميثاق، بإعادة هيكلة هيئة المشرفين التربويين وتنظيمها وذلك بتدقيق معايير الالتحاق بمراكز التكوين ومعايير التخرج منها. وأيضا بتعزيز التكوين الأساسي وتنظيم دورات التكوين المستمر لجعلهم أقدر على المستلزمات المعرفية والكفايات البيداغوجية والتواصلية التي تتطلبها مهامهم؛
بتنظيم عملهم بشكل مرن، يضمن الاستقلالية الضرورية لممارسة التقويم الفعال والسريع، وإقرار أسلوب توزيع الأعمال والاختصاصات على أسس شفافة ومعايير واضحة ومعلنة. ثم بتجديد العلاقة مع المدرسين لجعلها أقرب إلى الإشراف والتأطير التعاوني والتواصلي.
وتستفيد أطر التربية والتكوين، على اختلاف مهامها أو المستوى الذي تزاول فيه، من نوعين من التكوين المستمر وإعادة التأهيل من حصص سنوية قصيرة لتحسين الكفايات والرفع من مستواها، مدتها ثلاثون ساعة يتم توزيعها بدقة، وأيضا حصص لإعادة التأهيل بصفة معمقة تنظم على الأقل مرة كل ثلاث سنوات.
وتنظم دورات التكوين المستمر على أساس الأهداف الملائمة للمستجدات التعليمية والبيداغوجية، وفي ضوء الدراسة التحليلية لحاجات الفئات المستهدفة، وآراء الشركاء ومقترحاتهم بخصوص العملية التربوية من آباء وأولياء وذوي الخبرة في التربية والاقتصاد والاجتماع والثقافة.
وتقام دورات التكوين المستمر في مراكز قريبة من المستفيدين وذلك باستغلال البنايات والتجهيزات التربوية والتكوينية القائمة، في الفترات المناسبة، خارج أوقات الدراسة.