شوف تشوف

الرئيسيةتعليمتقاريرسياسية

بنموسى متشبث بشرط 30 سنة لتوظيف المدرسين الجدد في أكتوبر المقبل

كل رؤساء الحكومات السابقين منحوا رسائل استثنائية لمناصرين تجاوزوا سن التوظيف

انتهت الإدارة المركزية من وضع مسودة مباراة التوظيف القادمة، والمزمع الإعلان عنها أواخر أكتوبر المقبل، وتنظيمها على صعيد الأكاديميات الجهوية في نونبر. هذه المباراة، التي ينتظرها عشرات الآلاف من حاملي الإجازات الجامعية، تحمل معطى سبق أن أثار جدلا السنة الماضية، وهو المتعلق بحد السن الواجب للترشح، حيث شدد شكيب بنموسى، في توجيهاته للمسؤولين المركزيين المسؤولين عن هذه المباراة، على سن ثلاثين سنة كحد أقصى وأيضا انطلاق السنة التكوينية في أجل أقصاه بداية دجنبر، أي بإضافة خمسة أسابيع للسنة التكوينية في أفق تجويد تكوين الأطر التربوية الجديدة.

 

لا تنازل عن شرط ثلاثين سنة

بالموازاة مع إعلان شكيب بنموسى، في الندوة الصحفية لانطلاق السنة الدراسية الجديدة، والتي أعلن فيها عن تنظيم مباراة توظيف 20 ألف إطار تربوي جديد في أواخر أكتوبر القادم، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات مطولة وكثيفة حول ما إذا كانت الوزارة ستتنازل عن شرط الثلاثين سنة، والذي أثار جدلا السنة الماضية. وعبر كثيرون عن تضررهم من هذا الشرط ومطالبتهم برفع السن الأقصى إلى 40 أو 45 سنة كما ينص قانون الوظيفة العمومية.

من جهتها أشارت مصادر موثوقة إلى أن وزير القطاع متشبث بشرط 30 سنة، وأن هذا الشرط لا يمكن عزله عن تصور تبنته الحكومة في برنامجها حول التعليم. ففي الوقت الذي تراهن الحكومة على الأستاذ تحديدا لتحقيق الجودة في المدرسية العمومية المغربية، فإن تحقيق هذا الرهان، حسب المصادر ذاتها، يتم بربط المدارس العليا للتربية والتكوين والمدارس العليا للأساتذة التابعتين للجامعات بولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، والتي تعد البوابة الرئيسية لولوج مهنة التدريس.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار، تضيف المصادر نفسها، أن الحصول على الإجازة المهنية من إحدى المدارس العليا يمكن أن يتم في سن 22 سنة كحد أقصى، فإن شرط 30 سنة يعد متساهلا جدا، لأنه يصعب تصور طالب يستحق التوظيف في قطاع التعليم، وقد قضى عشر سنوات في سلك الإجازة. فما بين سن 17 سنة، وهو السن الطبيعي للحصول على الباكلوريا، وسن 21 أو 22 سنة للحصول على الإجازة، فإن سن 30 سنة يعد مبالغا فيه، إذ هناك أطراف كثيرة داخل الوزارة طالبت بشرط 25 سنة كحد أقصى، لكون سبع سنوات، تفيد المصادر ذاتها، كافية ليحصل فيها أي طالب على شهادة جامعية عليا، آخذين بعين الاعتبار أن هدف الحكومة في التشبث بهذا المسار التكويني الذي يدمج المسالك التربوية الجامعية ومراكز التكوين هو استقطاب أجود الأطر المستعدة لممارسة مهن التربية.

 

التوظيف وصلاحيات رئيس الحكومة

تشبث الوزارة بسن 30 كحد أقصى للتوظيف، تفيد مصادر الجريدة، ليس قرارا يتعلق بشخص وزير القطاع الحالي، بل هو قرار حكومي، لذلك توصل مكتب رئيس الحكومة، السنة الماضية، برسائل استعطاف تطلب منه تفعيل إحدى صلاحياته، والمتمثلة في منح رسائل اسمية خاصة تمنح لأصحابها حق اجتياز مباراة التوظيف رغم تجاوزهم حد هذا السن. الأمر الذي يعني أن رئيس الحكومة لن يسير في النهج الذي سار عليه رؤساء حكومات ووزراء أولون سابقون كانوا يُفعلون هذه الصلاحيات.

ولعل أبرز هذه الحالات عندما لجأت حكومة عبد الرحمان اليوسفي لتفعيل هذه الصلاحيات والعمل على توظيف المئات من ضحايا سنوات الرصاص المنتمين تحديدا للتيارات اليسارية، كما قامت حكومة بنكيران أيضا بالأمر نفسه عندما وقع رئيس الحكومة الأسبق على رسائل شخصية استفاد منها المئات تسمح لهم بالترشح رغم وصول بعضهم لسن الخمسين.

حينها حصلت جريدة «الأخبار» على لائحة مكونة من 35 اسما، مرفوقة بمراسلة موقعة من رئيس الحكومة السابق، وموجهة لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني، يأمره فيها بتسجيل هؤلاء في مباراة ولوج مهنة التدريس بالرغم من تجاوزهم السن القانوني الذي حددته مذكرة منظمة للمباراة في 45 سنة، وذلك بناء على ما أسمته المراسلة «ملتمسات» توصل بها رئيس الحكومة في هذا الشأن، وهي المراسلة الثانية من نوعها بعد رسائل شخصية موقعة منه شخصيا لفائدة مجازين آخرين السنة التي سبقتها، علما أن مسطرة الترشح لهذه المباراة تفرض الترشح عبر البوابة الإلكترونية التي خصصتها وزارة التربية الوطنية للمباراة، إذ يتم الرفض الأوتوماتيكي لأي طلب يتجاوز فيه صاحبه سن 45 سنة.

الحظوة التي سعى رئيس الحكومة السابق لإعطائها لبعض المحظوظين خلفت ردود فعل غاضبة من طرف مسؤولين بوزارة التربية الوطنية وكذا لأساتذة وموظفين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين عبر التراب الوطني، لكونها ضربا واضحا لتكافؤ الفرص، لاسيما وأن الآلاف من الطلبات تم رفضها منذ إقرار النظام الجديد لتكوين الأطر بسبب تجاوز أصحابها السن القانوني، لذلك سجل هؤلاء أن الإجراء، بالرغم من كونه يدخل في صلاحيات رئيس الحكومة، التي ورثها عن مؤسسة الوزارة الأولى بشكلها القديم، فإن حصر هذا الامتياز في لائحة معينة دون باقي المواطنين يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعايير التي تم اعتمادها في حصر هذه اللائحة، سيما وأن الدستور المغربي ينص صراحة على ضرورة احترام مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين في فرص الشغل.

الإشكالات التي ترافق دوما تفعيل رئيس الحكومة لصلاحياته في الترخيص للبعض بخرق قاعدة حد السن، قرر رئيس الحكومة الحالي تجنبها تماما، وبالتالي عدم التدخل في خرق شرط 30 سنة، والذي تم وضعه منذ تعيين شكيب بنموسى وزيرا للقطاع.

 

//////////////////////////////////////////////

 

عن كثب:

 

خريطة طريق جديدة

 

بدا واضحا، في مداخلة وزير القطاع، شكيب بنموسى، بمناسبة تدشين السنة الدراسية الجديدة، أننا أمام سياسة تعليمية تدمج البرنامج الحكومي، وهو برنامج لا تتجاوز صلاحيته السن المفترض للحكومة قبل الانتخابات القادمة، أي سنة 2026، هذا من جهة وتوجهات القانون الإطار الذي يعتبر مرجعا لكل السياسات الحكومية، وذلك بموجب أمر ملكي واضح، إلى غاية 2030.

هذا الدمج كان موضوع تقييمات كثيرة، بين من يعتبر «خريطة الطريق الجديدة» تراجعا عن القانون الإطار، بدليل تجميد العديد من المشاريع التي كانت الوزارة  شرعت في تنزيلها في عهد الوزير السابق سعيد أمزازي، أي المشاريع التي كانت تحمل اسم «حافظة المشاريع»، وإعادة صياغة أولوياتها وتجديد سبل تنفيذها والشركاء المتدخلين فيها. وحجة هذا الفريق أن تنظيم الوزارة، منذ تعيين بنموسى، لمشاورات جديدة شملت مائة ألف فاعل تربوي على المستوى الوطني، دليل على أن الأمر يتعلق بتراجع، وإلا هل يحتاج القطاع اليوم لتشخيصات جديدة في ظل وجود إجماع مجتمعي على الاختلالات التي تعتريه.

فريق آخر يعتبر دمج توجهات القانون الإطار بتوجهات الحكومة أمرا دستوريا تماما، لأنه سيسمح بمحاسبة الحكومة تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبالتالي فإن تحديد 2026 موعدا للانتهاء من تنزيل خريطة الطريق الجديدة سيتيح للناخبين تقييم عمل الحكومة بشكل دقيق، وبالتالي إعادة انتخابها في حال النجاح أو معاقبتها في حال الفشل. ومن شأن هذه الفكرة الأخيرة منح معان قوية لحياتنا السياسية والحزبية، بحيث تصبح الانتخابات لحظة لتقديم الحساب، ومنه ما أنجز وما لم ينجز في قطاع التعليم.

بغض النظر عن الفجوة الموجودة بين هذين الرأيين وتداعياتها الإعلامية والسياسية، فإن الجميع مطالب بأن يضع أمام عينيه حقيقة أن التعليم قطاع استراتيجي في المقام الأول، وأن توجهات السياسات التعليمية تهم الدولة وليس الحكومات العابرة أو الأحزاب المتنافسة. وهذه التوجهات حرص الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة، وخاصة منذ 2012، على رسم خطوطها العريضة، بحيث أضحى كل حديث لاحق عن إجراء تشخيص جديد مضيعة للوقت ستدفع تكلفته الباهظة أجيال جديدة، تنضاف لأجيال سابقة ضاعت كل آمالها في تعليم جيد ومفيد يضمن لها حياة جيدة.

لذلك قد نتفق على أن بنموسى يريد أن يضع توقيعه الشخصي في القطاع، بحيث لا يُنظر إليه كـ«موظف سام» جاء لتكملة ما بدأه من سبقوه، لكن ما لا نتفق عليه إطلاقا أن يستمر في غض الطرف عن اختلالات تنظيمية ورثها من سابقيه، وها هو، بعد سنة كاملة من تعيينه، يتعايش معها كأنها أمر عادي. وعلى رأس هذه الاختلالات نجد غياب الحكامة في الإدارتين المركزية والجهوية، سواء في التعيينات أو محاسبة المُقصرين. هنا لا نفهم إطلاقا أن يتم غض الطرف عن مسؤولين مركزيين تم تعيينهم قبل سنوات طويلة بدون شفافية، ومازالوا يمارسون نفوذهم دون محاسبة أو تقويم موضوعي لحصيلة ما قدموه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إن كانت لديك سيارة تهالكت أجزاء من محركها، لن تسير بالسرعة المطلوبة مهما تغير من سائقيها ولو تأتيها ببطل العالم شوماخر. بل يجب تغيير الأجزاء القديمة المتهالكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى