شوف تشوف

الرأيالرئيسية

بلد يُقرض ثُلثي العالم

 

 

يونس جنوحي

حسب ما نشره موقع «إنسايد أوفر» الشهير، بنسختيه الإيطالية والإنجليزية، فإن عدد الدول التي تُقرضها الصين صار، حسب آخر الإحصاءات، 150 دولة حول العالم، وهو رقم كبير ومخيف يتجاوز نصف عدد بلدان العالم بكثير. وبما أن عدد دول العالم تحديدا 193 دولة، فهذا يعني أنه توجد فقط 43 دولة لا تُقرضها الصين.

وحسب الإحصاء نفسه، فإن مجموع الديون التي فرقتها الصين لهذه الدول بلغت 1،5 تريليون دولار. وهو رقم خيالي، يأتي بعد انتهاء المليار، بأصفار كثيرة تجمع بين القروض المباشرة وخطوط الائتمان.

تقرير آخر، نشرته «آيد داتا»، المتخصصة في مجال الديون الدولية وسياسات الاقتراض، جاء فيه أن الصين قدمت قروضا بقيمة 240 مليار دولار أمريكي لبلدان تعاني من ضائقة ديون، وارتفاع مضطرد في المديونية منذ سنة 2010.

التقرير اهتم بكيفية تقديم هذه الديون وشروطها، وطرح تساؤلات حول نوايا الصين الحقيقية، المتمثلة في إثقال كاهل هذه الدول بالديون المستمرة.

هذا التقرير خلص إلى أن الصين تستثمر في قطاع الديون، وهو استثمار غريب فعلا.

والأمر الصادم، أن العالم يدين للصين بأكثر من 6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.

التقرير الإيطالي اعتمد مصادر كثيرة لتوثيق الأرقام المتعلقة بالديون، واعتبر أن كلا من الأرجنتين وباكستان ومصر دول مُستهدفة حاليا من طرف الصين، لكي تغرقها في سياسة القروض الخاصة بها.

من بين المصادر التي اعتمدها التقرير، منصة Africa»

«Daily Digital، المهتمة بشؤون الدول الإفريقية. هذه المنصة ذكرت سابقا أن دولة زامبيا تواجه عبء ديون لا يمكن تحمله، وتبعات الديون لا تترك مجالا كبيرا لتكوين رؤوس أموال مستقبلية، وخصوصا الأموال اللازمة لتطوير البنيات التحتية. وهذا يعني أن زامبيا في حاجة إلى ديون أخرى، ليس للتطوير، وإنما لكي تكون قادرة على تسديد الديون القديمة، دون أن يكون لديها أي أمل في إطلاق مشاريع اقتصادية محلية.

أين البنك الدولي من هذا كله؟

الإصلاحات الاقتصادية التي يقترحها البنك الدولي على بعض الدول الإفريقية تتمثل في استعادة القدرة على تحمل الديون المالية طويلة الأجل، وزيادة الإنتاج الفلاحي، وتنمية القطاع الخاص. لكن البنك الدولي لا يهتم بالمشكل الحقيقي وهو ندرة الموارد، سيما في الدول الإفريقية التي تعاني من الكوارث. وهذا يعني أمرا واحدا، الاعتماد على الديون الخارجية، والاستمرار في الغرق.

ليست هذه أول مرة يعلن فيها خبراء عالميون في الاقتصاد أن الصين تقدم قروضا لدول في حالة عجز، بنسب فائدة لا يمكن أبدا تسديدها في ظل الظروف العصيبة لتلك الدول. وها هي الأرقام اليوم تؤكد أن الدول التي لا تستطيع تسديد ما بذمتها، تضع مواردها الخاصة بين يدي الصين، لأنها الطريقة الوحيدة لتسديد تلك القروض.

ملاحظة مهمة جدا تطرق إليها التقرير، مفادها أن الصين تستهدف الدول التي يوجد بها دخل منخفض للمواطنين، وهو ما يعني أن اليد العاملة بها رخيصة جدا، وبالتالي جودة العيش أيضا.

علما أن الصين، وبلغة الأرقام، تعتبر إحدى أكثر الدول التي توجد بها يد عاملة رخيصة جدا، ولا تستفيد من أي امتياز أو رفاهية اجتماعية.

حتى أن العمال الصينيين في بعض القطاعات الصناعية، لا يختلفون في شيء عن العمال في دول فقيرة تُقرضها الصين ملايير الدولارات.

هناك اتهامات صريحة لشركات عالمية في عالم الاتصالات والملابس، تبيع منتجاتها بأسعار خيالية، باللجوء إلى تحويل مصانعها إلى الصين، لكي تستفيد من امتياز انخفاض تكلفة اليد العاملة.

في الاقتصاد، لا توجد مساحة للمسألة الأخلاقية. وربما قريبا قد نسمع عن دولة إضافية، تدخل لائحة الدول التي تقرضها الصين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى