علم لدى مصادر إعلامية بإسبانيا أن مطار بالما دي مايوركا في أرخبيل الباليار، وهو أحد أكبر مطارات إسبانيا، عاش حالة استنفار قصوى، ليلة الجمعة الماضي، بعد الإعلان عن فرار 20 راكبا من الطائرة التي كانت تؤمن رحلة جوية بين الدار البيضاء وتركيا، حيث استغلوا هبوطها الاضطراري بالتراب الإسباني من أجل إسعاف أحد الركاب، الذي تظاهر بإصابته بنوبة مرض حادة.
وحسب المصادر نفسها، فقد تسببت هذه الواقعة في ارتباك كبير في مجال الملاحة الجوية، خاصة المرتبطة بالمطار المذكور، حيث تم تغيير مسار 13 طائرة كانت متجهة إلى بالما دي مايوركا إلى مطارات أخرى. كما عانت 16 رحلة مغادرة للمطار ذاته من تأخيرات كبيرة، وفقا للسلطات المحلية، قبل أن تتمكن المصالح المختصة، بعد أربع ساعات من الإغلاق، من فتح المطار في وقت متأخر من ليلة الجمعة المنصرم.
وضمن تفاصيل وردت على لسان مصادر أجنبية، فقد كانت الطائرة التي انطلقت من المغرب في اتجاه تركيا، قد توصل طاقمها بإشعار حول تدهور الوضع الصحي لأحد الركاب بشكل مفاجئ، ما يستلزم هبوطا اضطراريا للطائرة من أجل إخضاعه لعلاجات عاجلة. وبعد السماح للطائرة بالهبوط اضطراريا في مطار بالما دي مايوركا، لإخلاء المريض منها وإسعافه، فر حوالي 20 راكبا مستغلين فرصة التوقف، قبل أن يتبين أن العملية كانت مدبرة بإتقان كبير من طرف مجموعة من الشباب الذين كانوا على متن الطائرة، حيث نزلوا على المدرج ولاذوا بالفرار، قبل أن تنجح السلطات الإسبانية في اعتقال البعض منهم بعد ساعات من الاستنفار والبحث، في انتظار إيقاف باقي المشاركين في العملية.
وقالت مصادر إعلامية إسبانية إن مصالح الشرطة اعتقلت الراكب الذي تظاهر بالمرض وتم نقله إلى مستشفى مجاور للمطار، فيما نجح مرافقه في الفرار. وقد تبين حسب التحريات الأولية، أن الراكب الموقوف كان بصحة جيدة، وهو المتهم الرئيسي في تدبير محاولة الهجرة غير القانونية، حيث ما زال يخضع إلى جانب ستة موقوفين آخرين لأبحاث دقيقة من طرف السلطات الإسبانية حول ملابسات العملية، وتحديد المتورطين فيها.
وارتباطا بهذه العملية التي وصفتها مصادر مطلعة بالخطيرة وغير المسبوقة، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، مساء أول أمس السبت، مقطع فيديو يوثق لبعض مجريات الواقعة التي شهدتها الطائرة، بعد هبوطها الاضطراري بمطار بالما دي مايوركا، حيث ظهر مجموعة من الركاب ومعظمهم شبان يفرون من الطائرة وينتشرون بمحيط المدرج، من أجل اختراق التراب الإسباني، تنفيذا للسيناريو المتفق عليه من طرف المجموعة التي نفذت الهروب الكبير، وهي الترتيبات التي تضمنتها تدوينة فايسبوكية منسوبة إلى مدبري العملية، تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات «واتساب»، حيث يدعو أصحاب الصفحة الراغبين في الهجرة إلى الانضمام إليها، من أجل تنفيذ هجرة جماعية إلى التراب الإسباني عبر رحلة جوية مؤمنة، من خلال اعتماد السيناريو نفسه الذي سجلته السلطات الإسبانية، مساء الجمعة الماضي، بمطار بالما دي مايوركا. وينتظر أن تشكل التدوينة المتداولة مدخلا لأبحاث أمنية تباشرها السلطات المغربية، بغية تحديد ملابساتها وكل المتورطين في العملية.
ويبدو حسب متتبعين، أن تضييق الخناق على شبكات الهجرة السرية بالمعابر والحدود البحرية المغربية، بعد إحباط مئات المحاولات خلال السنتين الأخيرتين، دفع «المافيات» المتخصصة في الهجرة والاتجار بالبشر إلى التفكير في طرق أخرى، من أجل تهجير المرشحين الراغبين في الانتقال إلى أوروبا، مقابل الملايين من السنتيمات.
