شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

باسل الأسد وظلمي

 

 

حسن البصري

 

شاءت الصدف أن يلتقي اللاعب المغربي عبد المجيد ظلمي بباسل الأسد شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

كان اللقاء في مقر منظمة اليونسكو بباريس يوم 15 أكتوبر 1992، والمناسبة هي جائزة “اللعب النظيف” وتحمل اسم بيير دو كوتان، أحد مؤسسي الحركة الأولمبية العالمية.

لكن ما علاقة باسل الأسد باللعب النظيف؟

حضر باسل، النجل الأكبر للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، إلى باريس لنيل جائزة الروح الرياضية، بصفته بطل سوريا في الفروسية تخصص القفز على الحواجز، فيما حضر اللاعب المغربي عبد المجيد ظلمي لكونه خاض 140 مباراة دولية دون أن يتلقى بطاقة حمراء.

قبل تتويج ظلمي بجائزة اللعب النظيف، وزع على الحاضرين كتيب حول مسار عبد المجيد وباسل، ولما صعد منشط الحفل إلى المنصة، أشاد بشكل خاص بظلمي وقال إن لجنة التحكيم الدولية أصرت على تكريم لاعب لم يحصل على البطاقة الحمراء طيلة مشواره الكروي، “نتوجه لكونه لم يتعرض للطرد بالرغم من مركزه كمدافع”.

صفق الجمهور بحرارة، لكن حين صعد المحتفى به إلى الخشبة استهل كلمته بتصحيح معلومة قالها المنشط، وأقر أمام الحاضرين بحصوله على بطاقة حمراء في مباراة جمعت المنتخب المغربي بنظيره السينغالي. حينها تناول المنشط الفرنسي الكلمة وقال: “هذا الاعتراف دليل على استحقاق اللاعب المغربي لجائزتين: جائزة الروح الرياضية وجائزة الصدق”. فوقف الجميع احتراما لظلمي.

رافق اللاعب المغربي صحافيان وهما بلعيد بويميد رحمه الله ونجيب السالمي شفاه الله، ومسؤول من نادي الرجاء، وهو رشيد البوصيري رحمه الله. أما باسل الأسد فرافقه رئيس اللجنة الأولمبية السورية ورئيس اتحاد الفروسية السوري وجهاز المخابرات العسكرية وأفراد عائلته وسفير سوريا في فرنسا وأطقم التلفزيون وفيلق من الصحافة المكتوبة.

حين جاء دور باسل الأسد، قال المنشط الفرنسي إن البطل السوري يحمل لقب “الفارس الذهبي”، ثم أشاد بالروح الرياضية واللعب النظيف اللذين لمسهما في البطل الماثل أمامه، مضيفا أن اليونسكو منحته وسام اليونسكو، قبل أن يقدم تفاصيل أكثر: “في إحدى المنافسات وعندما شاهد أحد الفرسان يتوقف فجأة أمام أحد الحواجز بسبب الفزع الذي انتاب حصانه من هتافات الجمهور، أوقف باسل جواده عمدا أمام الحاجز نفسه ليعيد التوازن لمنافسه مجازفا بفرصة فوزه، وهذا سبب ترشحه لجائزة اللعب النظيف”.

قال المنشط الفرنسي كلامه فاختلط التصفيق بأسئلة الصحافيين الذين استغربوا لرواية المنشط، خاصة وأن مسابقة القفز على الحواجز، في رياضة الفروسية، لا يركض فيها فارسان، فكيف توقف حصان باسل وحصان فارس آخر أمام حاجز واحد؟

ما لا تعرفه منظمة اليونسكو هو أن باسل المتوج بجائزة اللعب النظيف قد قام بلعبة قذرة بعد عودته من باريس، حيث دبر مكيدة لمنافسه السوري الفارس عدنان قصار ورماه في السجن دون محاكمة، فقط لأن عدنان هو عميد المنتخب السوري للفروسية وبطل سوريا والعرب.

اتهم عدنان بحيازة متفجرات أثناء التداريب، ونقل بعد التحقيق معه من طرف الأمن العسكري إلى سجن تدمر الرهيب ونقل إلى معتقل صيدنايا المشؤوم، حيث بقي فترة طويلة في السجن الانفرادي يقضى أيامه في رسم الخيول على الجدران بالفحم، إلى أن غادر المعتقل بعفو رئاسي بعد واحد وعشرين سنة من الأسر.

مات باسل إثر حادثة سير وهو في طريقه للمطار، وأعلنت حالة حداد في سوريا وتمت ترقيته إلى رتبة شهيد، ووضعت له كل مدينة تذكارا وهو يركب الفرس.

بعد الإطاحة بنظام بشار، أسقط الثوار تماثيل باسل، وحطموا تذكار الروح الرياضية، وأسقطوا صفة الشهيد، وشككوا في موته، وتبين أنه “باسل” بالمفهوم الدارجي المغربي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى